فشلت التصريحات الرسمية الصادرة من المجلس العسكري والمستشار عاصم الجوهري مساعد وزير العدل لشؤون الكسب غير المشروع في تهدئة الرأي العام المصري في ما يتعلق بمبررات إخلاء سبيل سوزان ثابت قرينة الرئيس السابق ورئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق زكريا عزمي، فيما انطلقت دعوات إلى ثورة غضب جديدة ومليونية لرفض التصالح.


الثوار في ميدان التحرير- صورة أرشيفية

على الرغم من شرح المبررات القانونية لحيثيات الإفراج عن سوزان ثابت قرينة الرئيس السابق من سجنها بعد صدور قرار في وقت سابق بحبسها 15 يومًا على ذمة التحقيقات الجارية معها في شأن تضخم ثرواتها بصورة تتنافى مع مصادر دخلها الطبيعية من قبل المستشار عاصم الجوهري مساعد وزير العدل لشؤون الكسب غير المشروع، وتقديم الجهاز للطعن على قرار الإفراج الصادر من قبل المحكمة بحق الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق، فضلاً عن إعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في البلاد منذ تخلّي مبارك عن السلطة في 11 فبراير- شباط الماضي عدم وجود نية للتصالح مع رموز النظام السابق، إلا أن كل هذه الإجراءات لم تكن كافية لمواجهة الانتقادات والدعوات إلى ثورة غضب جديدة.

وأعلن مئات النشطاء عبر موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك عن اعتزامهم تنظيم مليونية جديدة يوم الجمعة المقبل في ميدان التحرير لرفض العفو عن الرئيس السابق وعائلته وقيادات نظامه مقابل استرداد الأموال تحت شعار quot;انا مش قابل الاعتذارquot;، فيما دعا الآلاف الى ثورة غضب ثانية على الأوضاع يوم الجمعة المصادف 27 مايو ndash; ايار الجاري، بسبب ما وصفوه بتجاهل المجلس العسكري مطالب الشعب وزيادة الاعتقالات والمحاكمات العسكرية للمواطنين الشرفاء، مطالبين بضرورة تعيين مجلس رئاسي مدني يتولى شؤون البلاد خلال هذه الفترة الانتقالية الصعبة، وسرعة محاكمة الفاسدين، وتظهير الأجهزة الحكومية المختلفة، سواء الإعلامية أو الشرطية أو القضائية من الفاسدين، الذين تورطوا في التعامل مع النظام السابق.

وقال ائتلاف شباب الثورة في بيان له إن كل مصري ثوري شريف لن يقبل الا بمحاكمة عادلة لمن افسدوا الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر، وجوّعوا هذا الشعب وأفقروه، واستبدوا به على مدار العقود الثلاثةالماضية، مشيرًا الى ان هذا التراجع يهدد بانفجار الغضب الجماهيري، الذي يزداد احتقانه بشدة جراء هذه الاجراءات، التي في حال استمرارها وعدم التراجع عنها، يصبح الشارع وميدان التحرير هما السلاح الوحيد للدفاع عن الثورة وإنجازتها وفاء لدماء الشهداء الذين ضحوا من أجلها.

وأكد البيان على أن عودة ممتلكات الرئيس المخلوع وزوجته ورموز نظامه ليس منحة او جباية منهم، ولكنه امر طبيعي واجراء ثوري بديهي، لا يمكن ربطه بأن ينال كل منهم العقاب الذي يستحقه، ليس فقط جراء تضخم ثروته، وانما لما قاموا به من افساد سياسي في حق هذه البلاد.

الى ذلك، عقدت اللجنة التنسيقية لائتلافات شباب الثورة، والتي تضم ممثلين لعدد من الحركات الشبابية التي تشكلت إبان ثورة 25 يناير اجتماعًا مساء اليوم، ناقشت فيه مقترحات الاعضاء حول كيفية التعامل الشعبي مع هذه القرارات والتبريرات، معلنين رفضهم الكامل فكرة العفو عن الرئيس السابق مبارك وعائلته.

quot;لا يمكن التصالح مع من إستمر في نهب البلاد وعذّب الشباب في المعتقلاتquot; هكذا عبّر لـquot;إيلافquot; الدكتور عبد الحليم قنديل الناشط السياسي والقيادي في حركة كفاية على موقفه من التصالح مع مبارك، مشيرًا الى أن التعذيب في المعتقلات والسجون خلال عهده كان أمرًا ممنهجًا، ولم يكن يقف أحد أمامه.

وأشار الى أن مبارك مسؤول عن كل ما حدث خلال الثورة من قتل للمتظاهرين وإطلاق سراح المساجين، لافتا الى ان كل المشاكل التي تمرّ بها مصر راهنًا جاءت نتيجة سياسات خاطئة خلال عهده، مشددًا على أن المطالب بتنحّيه وتخليه عن السلطة لم تكن وليدة الصدفة، ولكنها استمرت أعوامًا، كان مصير من يعارضه فيها هو السجن، وربما القتل والإخفاء العمدي من الحياة.

وأكد أن ميدان التحرير موجود وباق في مكانه، وشباب الثورة الذين قاموا بها موجودون، وعلى استعداد للعودة والاعتصام مجددًا غلى حين تحقيق مطالب الثورة، مشددًا على أن العفو عن مبارك أو أي من رموز النظام السابق يعتبر انقلابًا على مطالب الثورة.

اتفقت معه في الرأي القيادية في الجمعية الوطنية للتغيير وعضو وفد الدبلوماسية الشعبية كريمة الحفناوي، التي قالت لـquot;إيلافquot; إن الثورة المصرية التي أذهلتكل دول العالم لا يمكن ان تسمح بأن يبقى الرئيس السابق وأفراد اسرته من دون محاكمة، مشيرة الى ان استعادة الأموال هي أمور ستتم، سواء وافق أو لم يوافق عليها، ومن ثم لا يوجد مبرر للعفو عنه.

وأشارت الى ان شباب الثورة سيعود بالضغط في الشارع، والوقوف في وجه أي محاولة للالتفاف على الثورة ومبادئها، مؤكدة على ان العودة إلى ميدان التحرير أمر ليس مستبعد، إذا ما تم إخلاء سبيل مبارك، لأن محاكمته لن تكون بسبب تضخم ثروته فحسب، وإنما لقتل شهداء الثورة وتصدير الغاز إلى إسرائيل، وإهدار المال العام والإضرار العمدي به وبمصالح البلاد العليا، وهي الأمور التي طالما تحدث عن تأمينها لهم خلال فترة توليه الحكم.

الدكتور اسماعيل عبد الفتاح استاذ العلوم السياسية أكد في إفادة لـquot;إيلافquot; أن العفو عن الرئيس السابق أو أي من أفراد أسرته سيجعل هناك حالة من الانقسام في الشارع المصري، في حال ما اذا استمرت الصحافة تتعامل مع الجانب الإنساني للرئيس السابق، مما يجعل هناك حالة من التعاطف معه بسبب عاطفية الشعب المصري، مستشهدا بالانقسام الذي حدث في أعقاب خطابه العاطفي الثاني.

وأشار عبد الفتاح الى ان القانون يجب أن يطبق دون مؤامات او مساومات مادام ارتضى المجلس العسكري ان يطبقه من البداية، لافتا الى ان خروج مبارك من مصر بعد تنحّيه كان سينجبه ويجنب المجلس العسكري الحرج الذي وقع فيه الوقت الحالي، إذا ما كانت هناك نية للخروج للعفو عنه.