في الوقت الذي أعلن البيت الأبيض أنه يعتزم فرض عقوبات من جانب واحد على سوريا، ما يشير إلى رغبته في تكثيف الضغوط على الرئيس بشار الأسد لوقف حملته القمعية ضد المتظاهرين، أثنى قليلون من محافظي السياسة الخارجية على تلك الخطوة، بمن فيهم ايليانا روس ليتينن، رئيسة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، التي قالت إن الخطوة يجب أن تُشكِّل نهاية سياسة التواصل الفاشلة مع دمشق.
لكن الوفد الأميركي في الأمم المتحدة كان متردداً بشأن الضغط من أجل إتباع نهج متشدد بالتساوي، خشية أن يسفر الضغط المتزايد لمعاقبة سوريا في مجلس الأمن عن استخدام روسيا أو الصين حق الفيتو. ولفتت في هذا الشأن مجلة فورين بوليسي الأميركية إلى أن دبلوماسيين صينيين وروس ولبنانيين وغيرهم تصدوا بشكل حاسم أواخر الشهر الماضي لجهود كان يبذلها الأوروبيون لحث مجلس الأمن على إصدار بيان معتدل وغير ملزم يدين حملة سوريا العنيفة ضد متظاهرين أغلبهم عزَّل.
وخشيت الولايات المتحدة من أن تتسبب محاولة فاشلة أخرى لحث مجلس الأمن على اتخاذ إجراء ضد سوريا في منح الرئيس بشار الأسد شعوراً بالارتياح، ومن ثم الكشف عن الشرخ الدولي العميق فيما يتعلق بالنهج الصحيح الواجب ابتاعه لكبح سوريا.
وفي ظل غياب القوة الضاغطة من جانب أميركا، أوضحت المجلة أن بريطانيا وفرنسا بادرا بأخذ زمام الأمور في محاولات انتهاج أسلوب أكثر صرامة تجاه النظام السوري. وتحدثت القوتين الأوروبيتين خلال الأيام الأخيرة مع أعضاء آخرين بمجلس الأمن عن احتمالية اعتماد قرار من شأنه إدانة سوريا وحثها على وقف مزيد من العنف.
وأكدت المجلة هنا أن بريطانيا وفرنسا متأكدتان من أن بمقدورهما حشد الحد الأدنى من الأصوات المطلوبة، وعددها تسعة، لتبني قرار متواضع من شأنه أن يدين سوريا، وحثها على التوقف عن استخدام أساليب العنف، وتشجيعها على الإصلاح السياسي. وقال أحد الدبلوماسيين بمجلس الأمن :quot; بفشل المجلس في اتخاذ موقف واضح، هناك خطر حقيقي من إرسال المجلس إشارة تفيد بأن ما يفعله الأسد حالياً مسموح به في حدود التسامح الدولي. ونحن بحاجة إلى تغيير ذلك الأمرquot;.
وبعيداً عن عدد القتلى الذين وصل عددهم إلى ما يزيد عن 850 شخصًا، لاقوا حتفهم في سوريا خلال مواجهات مع الأمن في الأشهر الأخيرة، والأكثر من ذلك أن معظمهم من المدنيين، شددت المجلة الأميركية على أن الجمود الواضح تجاه الأحداث المتلاحقة في سوريا يتناقض بشكل صارخ مع ردة فعل مجلس الأمن تجاه الحملة القمعية التي بدأتها قوات العقيد القذافي ضد المتظاهرين في شباط / فبراير الماضي.
لكن الأمور اختلفت، بعد استصدار قرار يقضي بفرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا من أجل حماية المدنيين الليبيين. حيث وجَّهت منذ ذلك الحين كل من الصين والهند وروسيا وغيرهم من الدول الأعضاء في مجلس الأمن اتهاماتهم للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بتجاوز السلطة الممنوحة لهم من قِبل المجلس لحماية المدنيين.
كما لفتت فورين بوليسي إلى أن الجهود المبذولة للضغط على سوريا قد تعقدت أيضاً نتيجة لدور لبنان ndash; الدولة العربية الوحيدة حالياً الممثلة في مجلس الأمن ndash; التي سبق لها أن بذلت جهوداً في الأمم المتحدة لإدانة ليبيا والتصدي للمزاعم التي تتحدث عن وجود قمع حكومي في اليمن. لكنها أوضحت أن لبنان ليست على استعداد لدعم أي تدابير ضد سوريا، التي تمارس تأثيراً هائلاً على الشؤون اللبنانية. وليس هناك من مؤشرات تدل على أن حكومات عربية أخرى ستعارض نهج لبنان.
التعليقات