بيروت: ينشط في سوريا التي اخلاها معظم المراسلين الاجانب، الصحافيون المواطنون الذين يبقون الانتفاضة السورية في واجهة الاعلام العالمي، عبر صورهم المأخوذة بهواتفهم المحمولة ومواقع التواصل الاجتماعي المحظورة حتى وقت قصير مضى في بلادهم.

ويقول الناشط السوري اسامة منجد quot;تمكننا خلال الاسابيع الاخيرة الماضية من تطوير شبكات تعمل بفاعلية، ومن خلالها يمكننا اليوم ان نرى ما يحدث في كل مدينة وقرية في سوريا. لم يعد النظام قادرا على وقف المعلومات او الصور او اشرطة الفيديو التي تصل اليناquot;.

ويضيف لوكالة فرانس برس ان quot;دور مواقع التواصل الالكترونية بات اساسيا جدا. انه يشكل جسرا يربط بين ما يقوم به الناشطون على الارض ووسائل الاعلام التقليديةquot;.

ويصدر منجد تقريرا يوميا عن quot;اخبار الثورة السوريةquot; يتناول الاحتجاجات والصدامات مع قوى الامن واعمال العنف في سوريا، بالاستناد الى شهود وصور وافلام التقطتها هواتف نقالة للمحتجين يتم التحقق منها قدر الامكان.

ويتم ارسال التقرير بالانكليزية والعربية والفرنسية عبر البريد الالكتروني الى منظمات حقوق الانسان والصحافة العالمية.

وازداد اعتماد وسائل الاعلام التقليدية والالكترونية على الصحافيين المواطنين -- وهو تعبير جديد نسبيا في المنطقة العربية -- من اجل تغطية حركة الاحتجاجات السورية الاولى من نوعها ضد نظام الرئيس بشار الاسد والتي بدأت في 15 آذار/مارس.

وتبث محطات التلفزة والمواقع الاخبارية على الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر افلاما لمصورين هواة، بعضها غير واضح، او تفضح ارتجاف يد المصور، وغالبا قصيرة جدا مأخوذة على عجل.

ويقول منجد المقيم في الولايات المتحدة quot;تم تطوير ما يشبه غرفة عمليات لا مركز جغرافيا محددا لها تجمع كل ما يأتي من داخل البلادquot; لايراده في التقرير.

ويشير الى ان quot;الناس على الارض يتصلون بنا، ويزودوننا بالمعلومات والصور والارقام الهاتفية للاتصال، ويتم توزيع كل ذلك على وسائل الاعلامquot;.

ومنذ 15 آذار/مارس، تاريخ بدء حركة الاحتجاجات في سوريا، شددت السلطات السورية التي كانت رفعت القيود على عملية الدخول الى مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت في شباط/فبراير الماضي، رقابتها على عمل وسائل الاعلام.

وبات الدخول الى مناطق تشهد احتجاجات مثل درعا واللاذقية وغيرها، محظورا على الاعلاميين من دون اذن مسبق ومرافقة امنية.

واصبحت صفحات مثل quot;الثورة السورية ضد بشار الاسد 2011quot;، وquot;شبكة شامquot; على موقع فيسبوك، وهي صفحات داعمة للمعارضين السوريين، من المصادر الاساسية لاستقاء الاخبار الآتية من سوريا.

وكانت مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورا مهما في انتفاضتي تونس ومصر من اجل تعبئة المتظاهرين.

ويلجأ الناشطون السوريون الى الهواتف عبر الاقمار الاصطناعية عندما تنقطع شبكة الانترنت او عندما تتوقف شبكات الهاتف.

ويقول الناشط رامي نخلة الموجود في لبنان ان quot;تواصلنا يتوقف الى حد بعيد على التجهيزات العاملة عبر الاقمار الاصطناعيةquot;.

ويصدر نخلة يوميا تقرير quot;ثورة الياسمينquot; السورية حول حركات الاحتجاج والقمع ويوزعه على صحافيين منتشرين في العالم اجمع، مشيرا الى ان نوعية الافلام المصورة على الهواتف المحمولة تحسنت خلال الاسابيع الاخيرة.

وبات الصحافيون المواطنون يحرصون اليوم في افلامهم على ذكر التاريخ وعلى تصوير لوحة او اي شيء يشير الى المكان او اسم المدينة التي تجري فيها الاحداث المصورة، حتى لا يتم التشكيك في الافلام.

ويرى المعارضون السوريون ان خطوة النظام السوري بالسماح للمواطنين السوريين باستخدام مواقع التواصل الالكترونية لا يعبر عن انفتاح من جانب النظام، بقدر ما يعكس محاولة لتشديد الرقابة على المعارضين الذين يستخدمون هذه المواقع.

ويقول نخلة quot;لدينا تقارير من عدد من مصادرنا في سوريا تؤكد ان اشخاصا عديدين اجبروا خلال التحقيق معهم على الافصاح عن كلمات السر الخاصة ببريدهم الالكتروني او صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويشير الى ان quot;معظم الاشخاص تعلموا كيفية استخدام الانترنت مع اخفاء هوياتهم الحقيقيةquot;.

انما بالرغم من كل القيود والاخطار الناتجة عن تحرك الناشطين السوريين الاعلامي والالكتروني وعلى الارض، فان اخبار الانتفاضة السورية تحتل العناوين الاولى في وسائل الاعلام الى حد كبير بفضل هذا النشاط المكثف.

ويقول استاذ علم الاجتماع في الجامعة الاميركية في بيروت سمير خلف ان quot;الدور الرئيسي الذي يقوم به الصحافي المواطن هو رفع صوت اولئك اليائسين الذين لا يملكون القدرة ولا الوسيلة على التعبيرquot;.

ويضيف quot;من الذي سيتكلم بالنيابة عن هؤلاء المحرومين من التعبير؟ هنا يلعب الصحافي المواطن دوره... فالانتفاضات في النهاية هي قضية مواطنيةquot;.