ما يواجهه النظام السوري من أزمات داخلية، رسم تساؤلات كبيرة عن طبيعة التداعيات المتوقعة لهذه المواجهة المفتوحة، خاصة على صعيد العلاقة التاريخية بين نظام الحكم في سوريا ومسيحيي لبنان، والسؤال الذي يطرح الآن هو عن نظرة القوى المسيحية اللبنانية لما يجري في سوريا.


بيروت: ترخي تطورات الأوضاع في سوريا بثقلها على الساحة اللبنانية، وتثير الكثير من التساؤلات حول النتائج التي يمكن أن تتمخض عنها، وكما لعب النظام السوري دورًا اساسيًا في حماية الوجود المسيحي في لبنان خلال الحرب الأهلية في العام 1975، فإن ما يواجهه هذا النظام من أزمات داخلية، أثار الكثير من القلق، ورسم تساؤلات كبيرة عن طبيعة التداعيات المتوقعة لهذه المواجهة المفتوحة، خاصة على صعيد العلاقة التاريخية بين نظام الحكم في سوريا، ومسيحيي لبنان، بحيث إن السؤال الذي يطرح الآن هو عن نظرة القوى المسيحية اللبنانية، في الأكثرية والمعارضة لما يجري في سوريا وانعكاسه على مصير الأقليات في المنطقة.

يقول النائب سليم سلهب (عضو تكتل التغيير والإصلاح) لـquot;إيلافquot; ان الوضع في سوريا يجب ان يؤخذ بطريقة جدية، خصوصًا وانه كيفما كانت النتيجة، ستنعكس على لبنان ايجابًا او سلبًا، من هنا يجب مراقبة الوضع في سوريا، لنرى التطورات الى اين ستتجه لنعرف كيف سنتعامل معها.

اما اذا تغير النظام في سوريا، هل سينعكس ذلك بالسوء على مسيحيي لبنان؟.. فيجيب سلهب: quot;لنتكلم عن لبنان بصورة عامة اكثر من مسيحيي لبنان، اعتقد ان تغيير النظام في سوريا، يمكن ان ينعكس على الوضع اللبناني عمومًا، وعلى الوضع المسيحي خاصة، ومن المستحسن الا يحصل تغيير نظام، بمعنى ان الوضع اللبناني لا يحتمل راديكالية على حدوده، لانها اذا كانت طائفية ممكن ان ينعكس ذلك سلبًا على الوضع اللبناني، يجب الا ننسى وضعنا على الحدود، لدينا الاسرائيلي الذي يتميز براديكاليته الدينية اليهودية، اذ يطالب بدولة يهودية، وليس بدولة متعددة المظاهر.

واذا اتى نظام في سوريا كذلك راديكاليًا ودينيًا، من الممكن ان يتأثر الوضع اللبناني سلبًا، خصوصًا واننا نتميز بالتعددية والديموقراطية والحرية الدينية والسياسية والاقتصادية، واعتقد ان التأثير المباشر يكون بوضع هذه التعددية في خطر.

ولدى سؤاله كيف يؤثر الوضع في سوريا على لبنان داخليًا، وهل لتأخير تشكيل الحكومة انعكاسًا على ذلك؟ يجيب: quot;لا اعتقد ان الوضع في سوريا لديه انعكاس مباشر على الوضع الحكومة الحالي، لكن لا شك ان فريقًا في لبنان يعوِّل على نتيجة ما سيحصل في سوريا، ومن الممكن ان يأخذوها بعين الاعتبار ويجعاونها سببًا لتأخير المشروع الحكومي الحالي، ولكن الوضع الحكومي في لبنان تعثر قبل بدء المشاكل في سوريا، ولا اعتقد انه كان سببًا في تشكيل الحكومة اللبنانية.

هل من مصلحة لبنان ان يهتز الأمن في سوريا؟، يجيب: quot;من مصلحتنا الا يهتز الامن في اي بلد عربي، وان حصول عدم استقرار في اي بلد عربي يؤثر علينا، من هنا نتمنى ان يبقى الاستقرار في كل البلدان العربية كي نستفيد منه داخليًا في الوضع اللبناني. ولا مصلحة لنا ان نكون طرفًا في تحبيذ عدم الاستقرار.

اما هل يرى انه من مصلحة المسيحيين اقامة افضل العلاقات بين لبنان وسوريا؟ فيجيب: quot;لدينا مصلحة في ذلك لان سوريا هي جارتنا الوحيدة، وهي المدخل الاساسي للبنان نحو البلدان العربية، كلبنانيين يجب ان تكون لدينا علاقات مميزة مع سوريا، مع احترام كل الثوابت اللبنانية، من خلال احترام خصوصياتنا، ونحَّرج ان يكون لدينا حرية مع التنسيق مع سوريا، لان وضعنا يتسهل، اذا تم هذا التنسيق بكل الموضوعات التي تفيد القضية العربية.

سعيد

بدوره تحدث النائب السابق فارس سعيد (14 آذار/مارس)، فاعتبر أن سوريا هي جزء من رغبة التغيير التي انطلقت مع البوعزيزي في تونس، وذهبت هذه الرغبة الى كل شعوب المنطقة، ولم تستثن بالطبع الوضع الاجتماعي والسياسي والثقافي السوري، وبالتالي يحاول النظام في سوريا القول إنه يتعرض لمؤامرة متناسيًا، ويغضّ النظر على وجود مطالب اجتماعية وسياسية لها علاقة بحرية التعبير، والاعلام، وتكريس مبدأ تداول السلطة، والديموقراطية والحريات العامة، يحاول ان يتجاهل هذه المطالب، ويقول انه يتعرض لمؤامرة تأتي من الخارج، حفاظًا على موقعه في الصراع العربي الاسرائيلي، نحن نؤكد أنه لا تناقض بين الممانعة والديمقراطية، وبين موقف متشدد بين الصراع العربي الاسرائيلي وفتح الباب امام اعطائه الشعب امكانية التعبير عن نفسه، واختيار ممثليه لكي يؤَّمن مبدأ الحرية العامة في العمل السياسي، عبثًا يستعمل الدبابات، وكل مرة يستخدم النظام القوة كلما ستكون المقاومة اقوى في سوريا.

وبالتالي دخل هذا النظام في نفق مظلم، نهايته التغيير الشامل، هل هذا ينعكس على لبنان بالطبع، نحن نؤكد أن احدى الضمانات الاساسية لاحترام سيادة واستقلال لبنان هي ديموقراطية العالم العربي، كل مرة يتوجه العالم العربي باتجاه الديموقراطية... كل ماكان هناك امكانية بصيانة ودفاع استقلالية لبنان، وكلما كان العالم العربي ينظر الى لبنان بشكل مختلف، بمعنى اذا لا يشارك لبنان العالم العربي نقاطًا مشتركة، فهذا يضع لبنان في مواجهة مع العالم العربي، ونحن كفريق مسيحي كنا نواجه ما يسمى تعريب لبنان، ظنًا منا أن هذا التعريب ليس معطى ثقافيًا، بل معطى دينيًا.

وأضاف quot;اليوم يشهد العالم العربي لبننة، وبالتالي ثورة 14 آذار/مارس في 2005 جعلت العالم العربي يتلبنن، وهذا لا يعني الحروب الاهلية والمذهبية، بل يعني بأن العالم العربي يصبح سيدًا حرًا مستقلاً ديموقراطيًا، يتم تداول السلطة فيه بين الاحزاب والتيارات، ويكون هناك احترام للانسان العربي، وبالتالي ننظر بعين الرضا لما يحدث في العالم العربي وليس بعين القلقquot;.

ويوضح أنquot;الكلام بأن تغيير النظام في سوريا يشكل تهديدًا للمسيحيين في لبنان، هدفه تغيير لحظة ما يجري في سوريا، ومن يخشى تغيير النظام في سوريا غير قادر أن يساعد النظام على ان يبقى، وبالتالي على الجميع ان يتكيف مع هذا التغيير، والا ينظر اليه من باب الخوف والتخويف، بل كيف يمكن ان يواكب مسيحيو لبنان ومعهم مسيحيو العرب هذا التغيير، وهذه الانتفاضة المباركة التي هبّت رياحها مع تونس، ووصلت اليوم الى الشام.

ويتابع: quot;هناك من يقول إن تأخير تشكيل الحكومة له ظروف داخلية، وصراع على الحقائب، وغالبية وجهة نظر بان الارباك الذي يعيشه النظام السوري هو الذي يعرقل عملية تشكيل الحكومة في لبنان، سوريا حتى هذه اللحظة لم تفقد الامل من دعم مباشر اميركي وسعودي لبقاء نظامها، وبالتالي لا تريد استفزاز المملكة ولا اميركا من خلال حكومة لون واحد في لبنان.

ويقول سعيد من مصلحة لبنان ان يصبح العالم العربي يشبهه، كل مرة العالم العربي يشبه لبنان واسلوب عيش اللبنانيين يرتاح لبنان، وكل مرة يكون العالم العربي يعيش في سجن كبير يتناقض مع التجربة اللبنانية، ويؤكد سعيد انه من مصلحة اللبنانيين، وليس فقط المصلحة المسيحية، اقامة افضل العلاقات مع سوريا.