القذافي مع رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما قبل اجتماع في طرابلس يوم الاثنين |
مع اختفاء صور القذافي عن أحد أحياء العاصمة طرابلس، وتأكيد روايات نشطاء على تنامي المشاعر المناهضة له، تصرّ الرواية الرسمية الليبية على أنه لا توجد اضطرابات داخل العاصمة، التي مازالت تحت سيطرة النظام القوية، معتقدة أنه برحيل العقيد ينعدم صمام الأمان، في إشارة إلى رفضه التنحّي.
طرابلس: صور الزعيم معمّر القذافي الضخمة التي كانت تزّين معظم طرابلس لم يعد لها وجود في منطقة سوق الجمعة، حيث يقول السكان إن معارضي الزعيم الليبي يشتبكون مع قوات الامن كل ليلة.
ويصرّ مسؤولو القذافي على أنه لا توجد اضطرابات داخل العاصمة، التي مازالت تحت سيطرته القوية، رغم المعارضة المهيمنة بصفة رئيسة على شرق البلاد.
لكن ناشطين أذاعوا لقطات فيديو يوم الاثنين، أظهرت مئات المتظاهرين الذين يحضرون جنازة اثنين من المحتجين قتلاً. وعرضت لقطات الفيديو حشودًا تردد عبارات منها quot;معمّر عدو اللهquot;.
وأكد سكان في المنطقة زارهم عدد صغير من الصحافيين الأجانب، بينهم مراسل رويترز يوم الثلاثاء، ان الاحتجاج حدث، وان القوات الحكومية فضّته باطلاق النار. ووصفوا ساعات عدة من الاضطرابات بعد ظهر الاثنين، وأشاروا الى ما قالوا إنه ثقوب طلقات في الجدران والسيارات.
هذا الحادث في ما يبدو هو أكبر مظاهرة مؤكدة داخل طرابلس منذ ان بدأت القوات الغربية قصف البلاد في مارس/ اذار، ويؤيد روايات نشطاء بأن المشاعر المناهضة للقذافي تتنامى في بعض أجزاء العاصمة.
وعندما سئل موسى إبراهيم المتحدث باسم الحكومة عن الحادث في مؤتمر صحافي يوم الثلاثاء قال إنه سمع عن الحادث، وانه لم يكن لديه وقت كاف للحصول على معلومات.
وكان مسؤولو القذافي قد نفوا في وقت سابق ان مظاهرة ضخمة مناهضة للحكومة جرت يوم الاثنين. ويذيع تلفزيون الحكومة يوميًا أنباء عن تجمعات حاشدة مؤيدة للقذافي، ويقول كثير من الناس في طرابلس للصحافيين الأجانب أنهم يؤيدون الزعيم الليبي.
ولم تنظم مظاهرات واسعة النطاق في طرابلس منذ أن سحقت قوات الامن الاحتجاجات في فبراير/ شباط. واتسعت المظاهرات في أجزاء اخرى من البلاد، وجرّدت حكومة القذافي من السيطرة على معظم الشرق وبعض أجزاء الغرب.
ويقول القذافي إن قواته تقاتل عصابات اجرامية مسلحة ومتشددي القاعدة. وصوّر الغارات الجوية لحلف شمال الاطلسي على أنها عمل من أعمال العدوان الاستعماري. ووفقًا لرئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما، الذي زاره يوم الاثنين، فقد جدد القذافي دعوته إلى وقف لإطلاق النار يشمل وقف القصف من جانب حلف الاطلسي.
ولمّح سكان تحدثوا إلى مراسلين أجانب في أزقة سوق الجمعة يوم الثلاثاء إلى مخاوفهم من الشرطة السرية. وتحدثوا بهدوء، وكانوا ينظرون حولهم للتأكد من أنه لا يتنصت أحد عليهم. وابتعد البعض عندما مرت سيارة، ليعودوا مواصلة الحديث عندما تصبح المنطقة آمنة. ولأسباب أمنية لم تسأل رويترز أحدًا عن اسمه.
وقال رجل في زقاق بالقرب من مسجد، وصف نفسه بأنه موظف سابق في شركة ايطالية، quot;النساء والبنات يخشون الخروجquot;. وأضاف quot;في الليل حتى إذا خرجنا بضع دقائق فإن الناس يقولون (لا .. عودوا إلى دياركم)quot;.
ووفقًا لروايته عن جنازة الاثنين، التي انعكست في مقابلات مع العديد من السكان الآخرين، فإن قوات الأمن ظهرت في الشارع وفتحت النار. ولفت إلى أن قوات الأمن غالبًا ما تزور منازل في الليل لاعتقال رجال. وأضاف quot;لديهم قوائم فيها أسماء وصورquot;. وقال رجل آخر quot;الناس مصابون بالرعب من ميليشيا القذافيquot;.
لكن العديد من السكان اشاروا الى ثقوب طلقات في مؤخرة سيارة حمراء، والعديد من ثقوب الطلقات في جوانب المباني. وتم وضع دائرة بالطباشير حول ثقب طلقة في جدار. وقال سائق سيارة اجرة من المنطقة ان سوق الجمعة منذ فترة منطقة غضب من حكومة القذافي، مشيراً إلىانه في الليل يكتب الشبان عبارات معادية للقذافي على الجدران، وسرعان ما تأتي الشرطة لإخفائها بطلاء. مضيفاً أن quot;الجميع في سوق الجمعة.. مناهض للقذافيquot;.
داخل متاجر في الضاحية، قال تجار إن النشاط التجاري أصبح متباطئًا بسبب الاضطرابات. وقال صاحب متجر ملابس quot;كل ليلة يوجد --quot; راسمًا علامة سلاح آلي بيديه مقلدًا صوت زخات الرصاص. وعندما سئل من المسؤول عن إطلاق الرصاص، قال quot;لا أعرف . انني أنامquot;. وفي أحد محال الذهب تم اخلاء كل اماكن العرض. وعندنا سئل لماذا ليست لديه بضاعة، ابتسم ابتسامة عريضة، وقال quot;الحربquot;.
وغالبًا ما يقابل الصحافيون الغربيون بحذر في أجزاء من طرابلس مؤيدة للقذافي، حيث تبث دعاية معادية للغرب باستمرار في الاذاعة والتلفزيون، وتعلق في لافتات على الجدران.
لكن في سوق الجمعة، يبدو السكان أكثر سعادة لأن يروا مراسلين أجانب. وعندما قيل إن مجموعة الصحافيين تضم اثنين من بريطانيا وواحدًا من أميركا، ابتسم صاحب متجر، وبدأ يشيد بفريق مانشستر يونايتد لكرة القدم وبالمغني البريطاني كريس ريا. وقال آخر، وهو يبتسم بحرارة، quot;انجلترا أميركا فرنسا إيطاليا كلها جيدةquot;.
ايطاليا تعتبر ان النظام الليبي انتهى وطرابلس تؤكد رفض القذافي التنحي
من جهته، اعتبر وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني خلال زيارة الى بنغازي الثلاثاء، افتتح خلالها قنصلية لبلاده في معقل الثوار الليبيين، ان نظام معمّر القذافي انتهى، لكن طرابلس اكدت ان العقيد الليبي لا يرغب في التنحي او مغادرة البلاد.
واكد المتحدث باسم الحكومة الليبية موسى ابراهيم الثلاثاء مقتل 718 مدنيًا واصابة 4067 في غارات الحلف الاطلسي والتحالف الدولي منذ بدء عملياتهما في 19 اذار/مارس وحتى 26 ايار/مايو. واضاف المتحدث ان هذه الارقام لا تأخذ بالحسبان عدد الضحايا في صفوف الجنود الليبيين، والذي quot;ترفضquot; وزارة الدفاع نشره، كما قال.
وقال موسى من جهة ثانية إن quot;رحيل القائد هو الحل الأسوأ بالنسبة إلى ليبيا (...) رحيل القائد، يعني انعدام صمام الأمانquot;. ونفى إبراهيم أن يكون الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما بحث مع الزعيم الليبي quot;مخرجًا للأزمةquot; خلال زيارته الاثنين الى طرابلس. وقال ان زوما quot;لم يناقش على الإطلاق مخرجًا كما قالت وسائل الإعلامquot;.
وقالت رئاسة جنوب افريقيا في وقت سابق في بيان ان القذافي شدد خلال لقائه مع زوما quot;انه غير مستعد لمغادرة بلاده رغم الصعوباتquot;. وتزامنت زيارة زوما، الذي فوضه الاتحاد الافريقي القيام بوساطة، مع تكثيف الحلف الاطلسي ضرباته الجوية في اطار تدخله العسكري في ليبيا. لكن المجلس الوطني الانتقالي، الذين يمثل المتمردين الليبيين، يرفض اي حوار بوجود القذافي في السلطة. ودوّت ستة انفجارات قوية في طرابلس مساء الثلاثاء.
وفي بنغازي، التي زارها لتدشين قنصلية لبلاده، في هذه المدينة التي تشكل معقل الثوار الليبيين، قال فراتيني خلال مؤتمر صحافي مع المكلف الشؤون الخارجية في المجلس الوطني الانتقالي، الذي يمثل الثوار، علي العيسوي ان quot;نظام القذافي انتهى، عليه ان يتنحّى، عليه ان يغادر البلادquot;. واضاف ان quot;مساعديه القريبين تركوه، لم يعد لديه دعم دولي، قادة دول مجموعة الثماني يرفضونه: عليه ان يرحلquot;.
واعتبر الوزير الايطالي انه لإجبار القذافي على الرحيل quot;علينا ان نواصل ضغطنا العسكري، ونشدد العقوبات الاقتصادية لضمان عدم تراجع التحرك لمصلحة الشعب الليبيquot;. وايطاليا القوة الاستعمارية السابقة في ليبيا، تدعو الى نفي القذافي وهي، مع فرنسا وقطر وغامبيا والسنغال وبريطانيا والاردن، من الدول التي اعترفت بالمجلس الوطني الانتقالي كمحاور شرعي في ليبيا.
الأردن يرسل ديبلوماسياً إلى بنغازي
في المقابل قرر وزير الخارجية الاردني ناصر جودة مساء الثلاثاء ارسال دبلوماسي الى بنغازي، كـquot;ممثل مقيم وضابط ارتباطquot; مع المجلس الوطني الانتقالي. وفي المساء، اعلنت وزارة الخارجية الليبية انها quot;تدين بشدةquot; الزيارة quot;غير المشروعةquot; لفراتيني، التي تمثل برأيها quot;انتهاكًا صارخًا لكل الاعراف والمواثيق الدولية، وتدخلاً في الشؤون الداخلية لدولة مستقلة ذات سيادة عضو في الامم المتحدةquot;.
واندلعت الانتفاضة في منتصف شباط/فبراير في ليبيا، مستلهمة الثورتين التونسية والليبية، للمطالبة بتنحّي القذافي، الذي يتولى السلطة منذ 1969. ورد القذافي عليها بقمع وحشي. وعلى صعيد الضغوط الدولية، اعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر الثلاثاء ان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ستتوجّه الى الامارات العربية المتحدة للمشاركة في اجتماع لمجموعة الاتصال حول ليبيا في 9 حزيران/يونيو.
واضاف تونر quot;ان هذا الاجتماع سيستفيد من التقدم المحرز في الاجتماع السابق الذي عقد في روماquot; قبل حوالى ثلاثة اسابيع. واشار المتحدث الى ان الاجتماع سيتيح الفرصة للولايات المتحدة وشركائها لبحث تطبيق قراري الامم المتحدة 1970 و1973.
وقال اللفتنانت كولونيل البريطاني مايك برايكن المتحدث باسم الحلف الاطلسي الثلاثاء ان النظام الليبي يواصل مهاجمة المدنيين موردًا مثال مدينة الدفينية (غرب) على بعد بضعة كيلومترات من مصراتة المتمردة، التي تتعرض لقصف عشوائي.
وقال برايكن ان quot;الجامعات اغلقت في طرابلس لمنع تنظيم تظاهرات سلمية، والقواتquot; الحكومية: تهدد السكانquot; عند حواجز التفتيش في المدينة. واعتبر ان الحلف الاطلسي سيواصل ضغوطه على النظام. وامام النقص في المال والنفط، الذي يعانيه الثوار، قال فراتيني ان ايطاليا ستطلب من مصرف quot;يونيكريديquot; ومن شركة ايني النفطية الايطالية، تزويدهم بالنفط والمال.
الليبييون مستمرون بالفرار الى ايطاليا
على الصعيد الانساني، وصل حوالي ألف لاجئ هربوا من المعارك في ليبيا صباح الثلاثاء على متن سفينة صيد الى بوتسالو في اقصى جنوب صقلية، كما ذكر خفر السواحل الايطاليون.
وقالت لين باسكو الامين العام المساعد للشؤون السياسية امام مجلس الامن الدولي الثلاثاء إن 14 الف شخص وصلوا الى ايطاليا ومالطا، بعد فرارهم من ليبيا، وان 1200 على الاقل توفوا او اختفوا خلال هذه الرحلة. وتقدر الامم المتحدة عدد الذين هربوا من النزاع في ليبيا منذ منتصف شباط/فبراير بنحو 893 الف شخص.
التعليقات