حذّر مسؤولون مصريون كبار المنظمات غير الحكومية من الحصول على تمويل أميركي سيضرّ الوضع الأمني للبلاد، بعد أن أثارت الخطة التي وضعتها الولايات المتحدة لتمويل التحول الديمقراطي شكوكاً إزاءأهدافها وما ينظر إليه على أنه تدخل سياسي في مرحلة ما بعد سقوط نظام حسني مبارك.

مصر ترفض التمويل الأميركي للتحول الديمقراطي فيهاوتنتابها شكوك حول ما اعتبره مسؤولون تدخلاً سياسياً في مرحلة ما بعد مبارك

أدت الخطة التي وضعتها الولايات المتحدة لتمويل التحول الديمقراطي في مصر إلى نشوب مواجهة مع قادة البلاد الجدد، الذين تنتابهم شكوك إزاء الأهداف الأميركية وما ينظرون إليه على أنه تدخل سياسي في مرحلة ما بعد سقوط نظام حسني مبارك.

وقالت في هذا السياق اليوم صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إن مسؤولين مصريين كبارًا حذروا المنظمات غير الحكومية من أن الحصول على تمويل أميركي سيضر الوضع الأمني للبلاد. كما عبَّرت الحكومة المصرية مباشرةَ عن شكواها للولايات المتحدة.

وفي حديث لها مع الصحيفة، قالت فايزة أبو النجا، التي تشغل منصب وزيرة التخطيط والتعاون الدولي قبل اندلاع ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير الماضي :quot;لست متأكدة في تلك المرحلة أننا مازلنا بحاجة إلى شخص يخبرنا بما هو جيد أو غير جيد بالنسبة لنا ndash; أو ما هو أسوأ، لكي يطبقه عليناquot;. ورأت الصحيفة أن مثل ردود الأفعال القوية هذه جعلت المسؤولين الأميركيين يؤكدون أن مقاومة نظام مبارك للحريات الديمقراطية لا تزال بحاجة لأن يتم التخلص منها عن طريق الحكومة الجديدة، التي تشرف على البلاد حتى الانتخابات المقررة في أيلول/ سبتمبر القادم.

وقال أحد المسؤولين الأميركيين :quot; حتى وإن حدث تغيير في مستوى معين من النظام، فإن النظام نفسه لا يزال موجوداًquot;. وبعد فترة قصيرة على تنحي مبارك عن الحكم، قالت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، إن جزءًا من المساعدات الاقتصادية التي تقدم لمصر سنوياً بقيمة 250 مليون دولار سوف يُعاد توجيهه لدعم المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد والمساعدة على حدوث انتعاش اقتصادي.

وفي آذار/ مارس الماضي، نشرت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ( USAID ) مجموعة من الإعلانات في صحف مصرية لطلب مقترحات خاصة بالمنح على برنامج تقدر قيمته بـ 100 مليون دولار لدعم quot;توفير فرص العمل، والتنمية الاقتصادية، والتخفيف من حدة الفقرquot;، وبرنامج آخر تقدر قيمته بـ 65 مليون دولار لـ quot;التنمية الديمقراطيةquot;، بما في ذلك الانتخابات والنشاط المدني وحقوق الإنسان.

لكن المسؤولين المصريين، الذين أصروا على ضرورة أن يُسمَح لهم بفحص المستفيدين أو اختيارهم، قد غضبوا من تجاوز الوكالة الأميركية للحكومة المصرية في طلبها للمقترحات بشكل مباشر من الجمهور. وهنا، عاودت أبو النجا لتقول :quot; هذا سلوك لا يمكننا أن نفهمه تماماً. ولم يسبق لمصر أن وافقت على إعادة جدولة المساعدات الاقتصادية، ولم تُخبَر بعد من أي البرامج القائمة سيتم اقتطاع الأموالquot;.

وفي نيسان/ أبريل الماضي، أدانت افتتاحية نُشِرت في صحيفة الأخبار اليومية الحكومية بالطريقة التي تتعامل من خلالها وكالة الـ (USAID ) مع مصر، وطالبت برفض المساعدات الأميركية. هذا وقد اعترضت أبو النجا، مدعومةً من قِبل الجيش ووزارة الخارجية، لدى السفارة الأميركية في القاهرة، مؤكدةً أن تصرفات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية شكلت انتهاكاً للسيادة المصرية. وقد فوجئ المسؤولون الأميركيون بردة فعل نظرائهم المصريين في هذا الجانب. وأكد أحد المسؤولين الأميركيين أن دعوة الوكالة لتقديم مقترحات كانت دعوة quot;حميدة للغاية. وأننا لم نقصد الاصطدام بكرامة مصر ولم يكن هناك أي ازدراء. والجزء الأكبر من علاقتنا الحالية مع الجانب المصري هو المبني على تعاملات الحكومتين هنا وهناكquot;.

وفي مقابلة أجريت معه مؤخراً، أدان الشيخ حافظ سلامة، واحد من أكثر رجال الدين الإسلامي نفوذاً في مصر، خطط أميركا لدعم التحول الديمقراطي في البلاد. وتابع بقوله quot; نقول لأميركا وحلفائها الكامنين في مصر : ضعوا حداً لتدخلكم الشرير في الشؤون الداخلية لمصر، هذا التدخل الذي ندينه باعتباره مؤامرة ضد مستقبل مصرquot;.