رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري

بيروت:أحدث اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري العام 2005 تغييرات جذرية في المشهد السياسي ابرزها خروج الجيش السوري من لبنان بعد ثلاثين سنة من التواجد، وتلته سلسلة ازمات يخشى ان تتجدد مع تسليم المحكمة الدولية المكلفة النظر في الجريمة القرار الاتهامي الى السلطات اللبنانية الخميس.

ولم ينشر بعد نص القرار، ولم يعلن رسميا سوى ان وفد المحكمة سلم المدعي العام التمييزي قبل الظهر quot;لائحة باربع مذكرات توقيف في حق لبنانيينquot;، يرجح انهم ينتمون الى حزب الله.

وقتل الحريري في عملية تفجير في بيروت في 14 شباط/فبراير 2005، في وقت كانت مؤشرات معارضته للهيمنة السورية التي كانت قائمة في لبنان في ذلك الوقت، بدأت تظهر بوضوح.

ونتيجة اغتياله، توسعت المعارضة التي كانت قائمة في وجه السوريين وكبرت ككرة الثلج. وما لبث ان انسحب الجيش السوري من لبنان بعد ثلاثين سنة من الوجود في نيسان/ابريل 2005 بضغط من الشارع والمجتمع الدولي وبعد ان وجهت الى دمشق اصابع الاتهام في الجريمة.

وشهد لبنان في تلك السنة انتخابات نيابية اوصلت غالبية نيابية كبيرة بزعامة سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، الى البرلمان الذي سيطر عليه لسنوات طويلة حلفاء دمشق.

وتولى رفيق الحريري رئاسة الحكومة بين 1992 و1998، ثم من العام 2000 الى 2004، في ظل الهيمنة السورية. لكنه رفض تولي تشكيل حكومة بعد 2004 بعد اعتراضه على التجديد للرئيس اللبناني السابق اميل لحود بضغط من دمشق.

واتهم سعد الحريري بعد الجريمة سوريا بالتخطيط لعملية الاغتيال، قبل ان يقول بعد سنوات وبعد ان اصبح رئيسا للحكومة يسعى الى ترطيب العلاقات مع دمشق، ان اتهامه كان quot;سياسياquot;.

وفي يوم وقوع الجريمة، غادر رئيس الحكومة الاسبق مبنى البرلمان في وسط بيروت مع موكب كبير من السيارات المصفحة متوجها الى منزله القريب، عبر طريق ساحلي. ولدى وصوله الى قبالة فندق quot;سان جورجquot; الساعة 12,55 بالتوقيت المحلي، انفجرت شاحنة صغيرة من طراز ميتسوبيتشي في الموكب، بحسب ما افادت لجنة التحقيق الدولية في وقت لاحق.

وقتل رفيق الحريري (60 عاما) على الفور. كما قتل 22 شخصا آخرين معظمهم لدى وقوع الانفجار وآخرون متأثرين بجروحهم، بينهم النائب باسل فليحان القريب من الحريري والذي كان الى جانبه في السيارة ذاتها.
واشار المحققون الى ان قوة الانفجار بلغت حوالى 1800 كلغ من مادة تي ان تي.

واصيب لبنان بصدمة، وكذلك المجتمع الدولي. وكان الحريري يملك شبكة واسعة من الاتصالات على المستوى الدولي وثروة ضخمة بدأ بجمعها في المملكة العربية السعودية.

ويعزى اليه الفضل في اعادة اعمار لبنان بعد الحرب الاهلية (1975-1990). فقد جاب العالم لاقناع المستثمرين بالعودة الى البلد، واعطى الاولوية في الحكومات التي ترأسها لاعادة الاعمار، لا سيما في وسط بيروت الذي لا يزال معارضوه حتى الآن ينتقدون خطة اعماره بسبب كلفته المرتفعة والديون التي تراكمت خلال هذه الفترة.

ورد الحريري في مقابلة تلفزيونية مطولة ادلى بها قبل فترة قصيرة من اغتياله على منتقديه بالقول انه ربما أخطأ في بعض الاماكن quot;لكن من يعمل كثيرا، يخطىء كثيراquot;، معربا عن فخره بما أنجزه خلال توليه سدة المسؤولية.

ووصفت الامم المتحدة اغتيال الحريري بـquot;الجريمة الارهابيةquot;، واقرت قيام تحقيق دولي في الجريمة. ونشأت في 2007 المحكمة الخاصة بلبنان، وهي المحكمة الدولية الاولى في العالم التي تنظر في quot;جريمة ارهابيةquot;.

وفي 14 آذار/مارس 2005، انطلقت quot;انتفاضة الاستقلالquot; التي سميت ايضا في ما بعد quot;ثورة الارزquot; والتي جمعت تيارات واحزابا وشخصيات من كل الطوائف اللبنانية طالبت عبر تجمعات شعبية هائلة بquot;الحرية والسيادة والاستقلالquot; وخروج الجيش السوري من لبنان، وهو ما حصل.

وتحدثت التقارير الاولية الصادرة عن لجنة التحقيق الدولية عن تورط مسؤولين سوريين ولبنانيين في الجريمة، ونفت دمشق باستمرار اي تورط. وخلال السنتين الماضيتين تداولت وسائل اعلام غربية تقارير حول توجيه الاتهام في الجريمة الى حزب الله.

وكان حزب الله الله وحده من شذ عن القاعدة في 2005، فدعا، مع حليفته حركة امل، في 8 آذار/مارس الى تجمع شعبي ضخم في وسط العاصمة لquot;شكر سورياquot; على خدماتها. وعاد الحزب الشيعي واستقطب في 2008 اليه التيار الوطني الحر بزعامة النائب المسيحي ميشال عون.
ومنذ 2005، انقسم لبنان عموديا الى فريقين. وانتج الانقسام اكثر من ازمة، ابرزها بين تشرين الثاني/نوفمبر 2006 وايار/مايو 2007 على خلفية الخلاف حول المحكمة الدولية، وقد انتهت بمعارك في الشارع بين الفريقين اوقعت اكثر من مئة قتيل.

وبلغت الازمة اوجها مرة اخرى في كانون الثاني/يناير الماضي بسقوط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الحريري على خلفية الخلاف حول المحكمة، وبعد استقالة احد عشر وزيرا منها بينهم عشرة يمثلون حزب الله وحلفاءه.

وخلا البيان الوزاري الذي اقره مجلس الوزراء برئاسة نجيب ميقاتي اليوم الخميس من اي موقف واضح من المحكمة الخاصة بلبنان، وسقطت من البند المتعلق بالمحكمة عبارة quot;التزام التعاون مع المحكمةquot; التي كانت موجودة في بيان الحكومة السابقة.