رغم قصر مدة الزيارة التي يبدأها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى جدة غدًا الأحد، إلا أن مصادر quot;إيلافquot;قالت إن محادثات ملك الأردن مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والمتوقع لها أن تستغرق نحو 90 دقيقة، ستكون حافلة بالعديد من الموضوعات الساخنة، في مقدمها مسألة انضمام الأردن إلى منظومة مجلس التعاون الخليجي والموقف من أحداث سوريا واليمن وليبيا، إضافة المسيرة السلمية في منطقة الشرق الأوسط ومواجهة التدخلات الإقليمية في الشؤون العربية وتعزيز العلاقات الثنائية بين المملكتين.


لقاء سابق جمع ملكي الأردن والسعودية

سلطان عبد الله من الرياض: كان قادة دول مجلس التعاون الخليجي خلال لقائهم التشاوري الـ 13 في الرياض في مايو/أيار الفائت قد رحّبوا بانضمام الأردن والمغرب إلى منظومة المجلس، وكلفوا وزراء الخارجية الدخول في مفاوضات مع البلدين لاستكمال الإجراءات اللازمة لذلك.

ويقول ديبلوماسي خليجي في العاصمة السعودية quot;إن دول المجلس ومعها الأردن تعرف أن تكتلات جديدة مقبلة في الشرق الأوسط بكامله، إضافة إلى تزايد التهديدات من إيران بكل وضوح ما يفرض على الدول العربية تنسيق سياساتها وتوحيد مواقفها حتى تصبح قادرة على مواجهة المتغيرات المنتظرةquot;، مشيرًا إلى أن quot;حمى الاتصالات بين دول التعاون الخليجي تزايدت في الآونة الأخيرة، وخصوصًا بعد ثبوت تحرك إيراني واسع في دول المجلس يهدف إلى إثارة الفتنة الطائفية وزعزعة أمن واستقرار المنطقة في محاولة لصرف النظر عما يجري داخل الساحة الإيرانية من خلافات بين أجنحة الحكم في طهران، والتغطية على الممارسات الطائفية ضد المسلمين السنة في إيران والذين يصل تعدادهم إلى نحو عشرين مليون من العرب والإيرانيينquot;.

ومن المقرر أن يصل العاهل الأردني إلى جدة في الخامسة بعد عصر الاحد على رأس وفد رسمي كبير، ويغادرها يعد السابعة من مساء اليوم نفسه.

وتقول مصادر quot;إيلاف quot;إن انضمام الأردن إلى دول التعاون الخليجي سيفرض على عمّان التوقيع على اتفاقية الدفاع المشترك لدول المجلس الست التي تهدف إلى تعزيز الدفاع الجماعي ضد أي خطر يهدد أيا منها، والمشاركة في قوات درع الجزيرة والموافقة على الاستراتيجية الأمنية الشاملة التي تهدف إلى توطيد الأمن وحماية الحدود، وتنمية الوعي الأمني ورفع كفاءة الأجهزة الأمنية، وتعزيز التعاون والتنسيق بين تلك الأجهزة، ومواجهة التحديات والمخاطر الإقليمية مثل المخاطر النووية والصراعات الإقليمية والكوارث، والتعرف إلى مصادر الخطر والتصدي لها، ومكافحة الإرهاب والتطرف، وتسهيل تنقل مواطني الدول الأعضاء وانسياب السلع ودعم التجارة البينية، والسماح لمواطني الدول الأعضاء بمزاولة تجارة الجملة والتجزئة في أي دولة عضو ومساواتهم بمواطني الدولة وغير ذلك.

وقال مصدر في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي أن انضمام الأردن إلى دول مجلس التعاون الخليجي سوف يعمل على تغيير شامل للأنظمة المتبعة في الأردن، مما يترتب عليه آثارًا اقتصادية، منها تغيير آلية النظام الجمركي وتخفيفه، ما سيعمل على تقليل إيرادات الجمارك لأن الجمارك الأردنية أعلى نسبياً من مثيلاتها في دول الخليج العربي، وحصول الأردن على منافع تجارية كبيرة وإمكانيات عالية لدخول الأسواق الخليجية، إضافة إلى حصول المملكة على حصة من إيرادات الرسوم الجمركية المشتركة، إلى جانب تسهيل حركة نقل الأموال وإزالة القيود الاستثمارية والتمويلية، مما سيتيح للأردنيين الحصول على التمويل الخليجي للمشاريع والعكس صحيح، مع تعزيز انسياب العمالة الأردنية للخليج عن طريق الانضمام إلى قاعدة البيانات الخليجية الموحدة وتسهيل إجراءات العمل في تلك الدول دون الحاجة لإقامة وإذن عمل.

وتضيف مصادرquot;إيلاف quot;أن الوضع السوري سيحتل حيزًا مهمًا في محادثات العاهلين في جدة، خاصة في ظل تصاعد الأزمة بين الحكومة السورية ومعارضيها من المواطنين، وسط تزايد أنباء عن استعانة دمشق بقوات إيرانية لقمع المتظاهرينquot;.

وتقول جماعات حقوقية سورية إن قوات الأمن السورية قتلت بالرصاص 1300 مدنيًا على الأقل منذ بدء الاحتجاجات واعتقلت أكثر من 12 ألفًا. وتقول سلطات إن 500 من أفراد الجيش والشرطة قتلوا على يد مسلحين تتهمهم أيضًا بالمسؤولية عن مقتل معظم المدنيين.

وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على الأسد وكبار مساعديه ردًا على العنف، وقالت وزارة الخزانة الأميركية في الأسبوع الماضي إنها فرضت عقوبات على قوات الأمن السورية لاتهامها بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وفرضت عقوبات على إيران لدعمها لها. وتنفي دمشق وطهران اتهامات غربية بأن إيران تدعم قمع المتظاهرين السوريين.

كما توقعت المصادر اتفاق الرياض وعمّان على أهمية العمل لإقناع اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط إلى تحديد مرجعيات عملية السلام على أساس حدود 1967 وتبني وقف الاستيطان من اجل إتاحة الفرصة لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيتين والإسرائيليين.

ومن المقرر أن تعقد المجموعة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، والتي تضم الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة اجتماعًَا في 11 يوليو /تموز الجاري في واشنطن. بينما تعقد لجنة المتابعة العربية اجتماعا لها في اليوم التالي لتقويم quot;كل الأحداث وأخذ القرار الذي تراه مناسبًاquot;.

وأعرب العاهل الأردني عبد الله الثاني في وقت سابق عن خشيته من أن تكون السنة الحالية سيئة بالنسبة إلى السلام، محذراً من اندلاع انتفاضة مسلحة جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة نتيجة فشل الجهود الأميركية والدولية في إحياء محادثات السلام. وقال في مقابلة مع صحيفة quot;واشنطن بوستquot; إن quot;فشل الجهود الأميركية والدولية في إحياء محادثات السلام قضت على فرص إحراز اختراق في المستقبل القريبquot;، محذراً من أن quot;الفشل قد يتسبب باندلاع انتفاضة مسلحة جديدة في الأراضي الفلسطينيةquot;.

ورأى أن quot;المناخ السياسي المتزايد في التحفظ في (إسرائيل) جعل من الحكومة عاجزة عن تقديم التنازلات الحقيقية الضرورية للسلامquot;. واعتبر أن الاضطراب المحيط بحركة quot;الربيع العربيquot; فتح نافذة فريدة أمام التوصل إلى اتفاقية سلام، وهي فرصة فشل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي في اغتنامها، محذراً من أن quot;النافذة ستغلق قريباًquot;.

جاء كلام الملك الأردني بعد أقل من شهر على زيارته لواشنطن، حيث حث الرئيس الأميركي باراك أوباما على اتخاذ خطوات جريئة لبدء محادثات السلام، وبعدها دعا أوباما الفلسطينيين والإسرائيليين إلى التفاوض حول مسألة حل الدولتين حسب حدود العام 1967، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض مبادرة الرئيس الأميركي بعد يومين.

وأعرب العاهل الأردني عن خشيته من أن الولايات المتحدة تخسر صدقيتها بين العرب بصفتها حكماً في النزاع، والسبب جزئياً يعود إلى فشل واشنطن المتكرر في رعاية اتفاق، وبسبب سجل الدعم الأميركي الذي لا يهتز لإسرائيل بغض النظر عن سياساتها تجاه العرب. وأشارت مصادر quot;إيلافquot; إلى أن الملك الأردني سيطرح أمام العاهل السعودي الصعوبات الاقتصادية التي تعانيها بلاده والخطوات الموضوعة للتغلب عليها.

يشار إلى أن الأردن حصل في مطلع الشهر الماضي على منحة سعودية بقيمة أربعمائة مليون دولار لمساعدته على تحسين ماليته والإسهام بتنفيذ عدد من المشروعات المدرجة في قانون الموازنة العامة.

وتجدر الإشارة إلى أن الأردن يشهد احتجاجات مطالبة بإصلاحات سياسية، لكنها لا ترقى إلى تلك التي انتشرت في عدد من دول العالم العربي منذ مطلع العام الجاري، وأدت إلى الإطاحة برئيسي تونس ومصر.