سعت فرنسا الثلاثاء الى تعزيز الضغط على مجلس الامن الدولي لاتخاذ قرار بحق سوريا، وأدانت صمته حيال قمع تظاهرات الاحتجاج، في حين لم تعد واشنطن تتردد في التشكيك بشرعية الرئيس بشار الاسد، حيث ندّد البيت الابيض بالهجوم الذي تعرضت له السفارة الاميركية في دمشق يوم الإثنين.


محتجون سوريون موالون للأسد أمام السفارة الفرنسية في دمشق

دمشق: ندد البيت الابيض الثلاثاء بالهجوم الذي تعرضت له السفارة الاميركية في دمشق الاثنين، مؤكدا انه quot;غير مقبولquot;.

وقال المتحدث باسم الرئاسة الاميركية جاي كارني في مؤتمره الصحافي الثلاثاء ان هجوم الاثنين quot;غير مقبول (...) لقد ابلغنا ذلك بوضوح الى الحكومة السوريةquot;.

من جهتها، علقت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية ان quot;الامور تتحسن على هذا الصعيد، ونحن نولي اهتماما اكبر بأمنناquot;. وتابعت ان السفير الاميركي في دمشق روبرت فورد التقى الثلاثاء وزيرا مساعدا للشؤون الخارجية وان اللقاء quot;انتهى بانفتاح اكبر نحو التعاونquot;.

الا ان نولاند وردا على احد الاسئلة نأت بنفسها عن طلب فرنسا صدور قرار من مجلس الامن حول الهجمات التي استهدفت سفارتها وسفارة الولايات المتحدة في دمشق.

وعلقت نولاند بالقول quot;في ما يتعلق بالسفارة، سنواصل العمل بشكل ثنائي مع سورياquot;.

وكررت انه quot;يعود الى الشعب السوري ان يقرر مستقبله ومستقبل نظامهquot; وقالت quot;نعكس الواقع الذي نلاحظه على الارضquot;، متسائلة quot;كيف يمكن لشخص يستمر في الضلوع بهذا النوع من الاعمال الوحشية ان يكون شرعيا في نظر شعبه؟quot;.

وفي نيويورك، ندد مجلس الامن الدولي الثلاثاء بالهجوم على السفارتين quot;بأقصى العباراتquot;.

من جهته، كرر المتحدث باسم البيت الابيض ما اعلنته وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الاثنين، وذلك للمرة الاولى، لجهة ان الرئيس السوري بشار الاسد ليس شخصا quot;لا يمكن الاستغناء عنهquot;.

واضاف كارني ان الاسد الذي طالبته الولايات المتحدة باطلاق عملية انتقال ديمقراطية quot;لم يقم بهذا الامر (...) لقد فقد شرعيتهquot;.

وبدورها أدانت سوريا بشدة الثلاثاء تصريحات وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون التي اكدت للمرة الاولى منذ اربعة اشهر من اعمال العنف، ان بشار الاسد quot;فقد شرعيتهquot;.

وقالت كلينتون ان الاسد فشل في الايفاء بوعوده وذهبت الى حد القول انه لم يعد يمكن القول ان وجوده quot;لا يمكن الاستغناء عنهquot;.

وهذه التصريحات هي الاقوى الصادرة عن ادارة باراك اوباما التي لم تدع رسميا بعد الى تخلي الاسد عن السلطة.

غير ان رد الخارجية السورية على تصريحات كلينتون جاء غاضبا، اذ اعتبرتها quot;دليلا على تدخل الولايات المتحدة السافرquot; في الشؤون السورية.

وقالت الوزارة في بيان ان سوريا quot;تستنكر بقوة تصريحات .. وزيرة الخارجية الاميركيةquot;، واصفة التصريحات بأنها quot;فعل تحريضي هادف إلى استمرار التأزم الداخلي، ولاهداف لا تخدم مصلحة الشعب السوري ولا طموحاته المشروعةquot;.

من جانبها كررت باريس الثلاثاء مطالبتها باتخاذ مجلس الامن الدولي موقفا ازاء الازمة في سوريا.

وقال رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون في مقابلة اذاعية quot;تقدمت فرنسا وغيرها من البلدان الاوروبية بمسودة قرار لمجلس الامن التابع للامم المتحدة وهي المسودة التي أجهضتها روسيا والصينquot;.

واضاف quot;هذا امر لم يعد مقبولاquot; واصفا الهجوم على سفارة بلاده في دمشق الاثنين، والذي اسفر عن جرح ثلاثة موظفين فرنسيين، بأنه quot;شديد العنفquot; ومحذرا من انه يدل على ان نظام الاسد بدأ يفقد سيطرته.

وكان السفيران الفرنسي والاميركي قاما الاسبوع الماضي بزيارة لمدينة حماة التي تشهد احتجاجات ضخمة ضد النظام السوري في بادرة دعم للضحايا المدنيين للعنف. وقد اثار ذلك غضب النظام الذي اتهم القوى الغربية بالتدخل لإذكاء التأزم.

وذكر فيون بان quot;فرنسا قدمت مع دول اوروبية اخرى قرارا الى مجلس الامن الدولي عرقلته روسيا والصينquot;.

واضاف ان quot;صمت مجلس الامن الدولي حيال سوريا بات لا يحتملquot;.

وتقدمت اربع دول اوروبية (بريطانيا وفرنسا والمانيا والبرتغال) منذ اسابيع في نيويورك بمشروع قرار الى مجلس الامن يدين القمع في سوريا ويدعو الى اصلاحات سياسية في البلاد.

واكد وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الامن الدولي quot;نعمل سويا وسنواصل عملنا من اجل استصدار قرار مشترك في مجلس الامنquot;.

من جهته، صرح وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه لاذاعة فرانس اينفو الثلاثاء quot;نحاول اقناع الروس خصوصا بانه من غير المقبول ان يسمح مجلس الامن الدولي بحدوث ما يحدث في سورياquot;.

وتدعو روسيا حليفة سوريا منذ زمن طويل الى عدم التدخل في شؤون هذا البلد وتدين باستمرار الطريقة التي يطبق بها الغربيون القرار 1973 بشأن ليبيا.

ويكرر المسؤولون الغربيون انه لا يمكن المقارنة بين الوضع في البلدين ويؤكدون ان تدخلا عسكريا في سوريا غير وارد.

وقال جوبيه quot;ندرس في الامم المتحدة ما اذا كان بامكان مجلس الامن الدولي النظر في هذا الموضوعquot;.

ورغم انه لم يعلن موقفه من اعمال القمع، فقد ندد مجلس الامن الدولي quot;بشدةquot; الثلاثاء بالهجمات على السفارتين الاميركية والفرنسية في دمشق وطلب من السلطات السورية حماية الممثليات الدبلوماسية والافراد العاملين فيها.

واعتبرت بريطانيا هذه الاعمال quot;غير مقبولةquot; ونفذت quot;بتواطؤ السلطات السوريةquot;.

وندد البيت الابيض كذلك بالهجوم على السفارة الاميركية في دمشق واعتبره quot;غير مقبولquot;.

والاثنين، تسلق متظاهرون السور الخارجي المرتفع للسفارة الاميركية ورفع اخرون علما سوريا ضخما على مدخلها الرئيس.

وقال المسؤولون الاميركيون انه لم يتم خرق المبنى القنصلي غير ان حشدا من نحو 300 شخص تسلقوا الى السقف ووصلوا الى مقر سكن السفير روبرت فورد قبل ان تطاردهم قوات المارينز الاميركية.

واضاف المسؤولون الاميركيون انه تم تحطيم نوافذ وكاميرات ورش الدهان على الحوائط.

من جانبهم، قال نشطاء مطالبون بالديمقراطية على صفحتهم على فيسبوك الثلاثاء انهم يعارضون اي تدخل عسكري على غرار ما يحدث في ليبيا داعين إلى فرض ضغوط اقتصادية وسياسية اكبر على النظام السوري.

كما دعوا على صفحتهم، صفحة الثورة السورية 2011، لاحالة الاسد على المحكمة الجنائية الدولية، وهي الصفحة التي تستخدم لتناقل الاخبار وحشد الحركة الاحتجاجية.

ودعت منظمات حقوقية سورية الى الافراج عن المعارضين لمعتقلين والتعويض عليهم.

في موازاة ذلك، اعلن اللقاء التشاوري للحوار الوطني في سوريا الثلاثاء ان الحوار الذي يسعى النظام السوري الى اجرائه سيبدأ quot;بالسرعة الكليةquot;، علما ان الناشطين المعارضين للنظام قاطعوه.

وحرص المشاركون في بيان نشر بعد ثلاثة ايام من الاجتماعات التحضيرية التي اقيمت برعاية النظام على quot;ابقاء الاتصالات مع الأطراف والشخصيات الاجتماعية والقوى السياسية السورية في داخل الوطن وخارجه كافة للتحضير المشترك لمؤتمر الحوار الوطني الذي سيعقد فور اكمال هذه الاتصالات، وبالسرعة الكليةquot; على ما نقلت وكالة سانا الرسمية للانباء.

ونظمت تظاهرات مساء الاثنين في مدن عدة وخصوصا دير الزور وحمص، كما افاد ناشطون.