دبي: تستخدم قوات الأمن السورية وسائل كلاسيكية لقمع التظاهرات خلال النهار، إلا أنها خلال الليل تستهدف المعارضين مستخدمة سلاحهم الأكثر فتكًا، الانترنت.

ويستخدم المحتجون مواقع التواصل الاجتماعي خصوصًا فايسبوك ويوتيوب، لحشد الدعم في مواجهة نظام الرئيس بشار الاسد عبر بث مقاطع مصورة يقولون انها تظهر قمع السلطات للحركة المطالبة باسقاط النظام.

الا ان النظام بدوره يستخدم الانترنت للرد على المعارضين، كما ان السلطات quot;نشرتquot; وحدة خاصة هي quot;الجيش السوري الالكترونيquot; لشنّ حرب الكترونية ضد المناوئين لها ولبث التعليقات المؤيدة للاسد على مواقع مناهضة للنظام.

وقال عهد الهندي منسق البرامج العربية في موقع quot;سايبر ديسيدنت دوت اورغquot; ان quot;العديد من المواقع وصفحات فايسبوك استهدفت من قبل مؤيدي الاسد عبر نشر تعليقات كان الكثير منها كناية عن تهديدات بالقتل وسباب واتهامات بالخيانةquot;.

وفي خطابه الاخير في 20 حزيران/يونيو، اشار الاسد الى الدور الاساسي للشباب، وتحدث عن quot;الجيش الالكتروني الذي كوّن جيشًا حقيقيًا في واقع افتراضيquot;. ولهذا الجيش ذراعه الإعلامية وصفحة على فايسبوك تعدد quot;الهجمات الاخيرةquot; التي يشنّها quot;هاكرزquot; مؤيدون للنظام.

وقال الناشط رامي نخلة quot;انهم يرسلون الآلاف من الشكاوى ضد صفحة معينة الى ان تقوم ادارة فايسبوك باغلاق هذه الصفحةquot;. ونخلة المقيم في بيروت، والبالغ من العمر 28 عامًا، هو احد الناشطين الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي لتغطية الاحداث في سوريا، وهو كان يستخدم الاسم المستعار quot;ملاذ عمرانquot;.

وتؤكد مجموعات حقوقية ان اكثر من 1300 مدني قتلوا، فيما اعتقل اكثر من 12 الف شخص منذ بدء الاحتجاجات في منتصف اذار/مارس.
وساهمت صفحة quot;الثورة السورية 2011quot; على فايسبوك التي تحظى بتأييد 225 الف شخص، بشكل كبير في نشر صور واخبار الاحتجاجات.

وكثرت الصفحات المشابهة داخل سوريا لنشر اخبار الاحتجاجات وخلق قنوات اتصال بين المعارضين في الداخل والخارج. وقال الناشط ازهر الذي هرب إلى احدى الدول العربية في اذار/مارس، ان بعض المؤيدين للحركة الاحتجاجية بدورهم quot;يشنّون حربًا مضادة ضد محاولات قرصنة صفحات الثورةquot;. واكد الناشط ان quot;الجيش الالكتروني تمت قرصنته اكثر من 26 مرةquot; من قبل ناشطين معارضين.

وشكل المعارضون تحالفا تحت مسمى quot;اتحاد قراصنة سوريا الاحرار لدعم الثورة السوريةquot;. وهم يزعمون انهم قاموا بـ140 عملية قرصنة ضد مواقع مؤيدة للنظام في يوم الثالث من حزيران/يونيو وحده.

وقال ازهر ان بعض quot;الشبيحةquot; يقومون بنشر رسائل quot;تدعو الى العنف والطائفية على صحفات مؤيدة للثورةquot;، ومن ثم يستخدمونها كأدلة مزعومة على ما يقولون انها دعوات الى العنف والطائفية من قبل المعارضة. كما يقوم هؤلاء بحسب ازهر بنشر روابط لمقالات مناهضة للاسد ويوعزون لانصاره بالتعليق بكثافة ما يخلق مساحة يزدهر فيها الخطاب المؤيد للنظام.

عن الجهة التي تدير هذه الحرب الرقمية على المعارضين، قال الناشطون الثلاثة لفرانس برس: quot;شبيحة النظامquot;. وقال نخلة ان quot;الشبيحة الذين يضربون المتظاهرين في النهار واولئك الذين يشنّون الحرب الالكترونية في الليل ينتمون الى الجهة نفسهاquot;.

وقال الهندي من جهته ان الصفحات الرئيسة التي تستخدم ضد المعارضين quot;يديرها اشخاص قريبون جدًا من نظام الاسدquot;. واشار بشكل خاص الى حيدرة سليمان نجل ضابط الاستخبارات والسفير السوري حاليًا لدى عمان بهجت سليمان. وسليمان يدير الصفحة الرئيسة المؤيدة للاسد على فايسبوك وهو ايضًا عضو في الجيش السوري الالكتروني.

وقال سليمان لوكالة فرانس برس quot;للاسف الاعلام الرسمي ضعيف، لذا نستخدم الاعلام الالكتروني ليرى الناس ما يحصل فعلاًquot;. وردًا على سؤال حول سبب منع سوريا للصحافيين الاجانب من تغطية الاحداث، قال سليمان quot;رفض الصحافيون الدخولquot; الى البلاد. وتتهم السلطات السورية القنوات الفضائية بتضخيم الوقائع وحجم الاحتجاجات، فضلاً عن بث مقاطع مصورة مشكوك في مصداقيتها.

وفي ظل منع السلطات الاعلام العالمي من التغطية، اضطرت وسائل الاعلام الى استخدام مواد اعلامية تنشر من قبل المحتجين على الانترنت، وخصوصا على موقع يوتيوب.

وفي مبادرة لتعزيز مصداقية المواد الاعلامية التي ينشرونها، يقوم المحتجون برفع لافتات تظهر في التسجيلات، وتشير الى تاريخ ومكان التظاهرات، فضلاً عن تصوير مواقع وابنية محلية يمكن التعرف اليها.

وبحسب نخلة، فإن تحميل فيلم من دقيقتين قد يستغرق ليلة كاملة من خلال استخدام الانترنت عبر الهاتف. وقال ان الناشطين المعارضين quot;يشعرون بان هذا هو السلاح الوحيد في وجه بروباغندا النظام التي تختلق الاكاذيب ضدناquot;.

واضاف ان quot;اي شاب ينزل الى الشارع لتصوير الاحتجاجات بهدف تحميل الفيلم على الانترنت يدرك انه سيكون الهدف الاول للقناصة المنتشرين على سطوح الابنية، وبالتالي عندما يعود الى منزله لن يخشى بالطبع تحميل هذا الفيلمquot;.

واظهر شريط نشر على موقع يوتيوب مطلع تموز/يوليو شابًا يتعرض على ما يبدو لإصابة بالرصاص، بينما كان يصور قوات الامن تفتح النار في مدينة حمص. وقال حيدرة سليمان في هذا السياق ان quot;معظم القصص عن اشخاص يقتلون اثناء التصوير مجرد خرافاتquot;.