فتاة من مدينة درعا تناشد العالم التدخل لحماية مدينتها

حذر محللون من أن سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا سوف يطلق العنان لكارثة من الفوضى، وصراع طائفي وتطرف سوف ينتشر لما هو أبعد من حدودها، وأن سقوط نظام الأسد قد يبعث فسادًا من نوع آخر.


لعبت الثورتان الشعبيتان اللتين أطاحتا أخيرًا بالرئيسين التونسي، زين العابدين بن علي، والمصري حسني مبارك، دورًا في تعجيلحالة الحماسة الثورية الذي يحمل بين طياته وعدًا بتحويل منطقة الشرق الأوسط، لكن تقارير صحافية أميركية رأت اليوم أن الانهيار المحتمل للنظام السوري يمكن أن يعيث فسادًا من نوع مختلف جدًا.

وحذر محللون من أن سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا سوف يطلق العنان لكارثة من الفوضى، وصراع طائفي، وتطرف سوف ينتشر لما هو أبعد من حدودها، وهو ما يهدد ليس فحسب القادة المحاصرين الذين يناضلون بالفعل لإبعاد الضجة المثارة من أجل التغيير الديمقراطي، وإنما كذلك التوازن الكامل للسلطة في المنطقة المضطربة، حسب ما نقلت عنهم اليوم صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأميركية.

وفي الوقت الذي تحكم فيه حكومة الأقلية الشيعية العلوية بسوريا الأغلبية السنية، وكذلك موقعها الاستراتيجي وشبكة تحالفاتها، بما في ذلك حركة حماس وحزب الله، فإن تغيير النظام هناك سوف يبدو متشابهًا بصورة أكبر مع ما حدث في العراق أكثر مما حدث في مصر ndash; ويمكن أن تكون التداعيات أكثر عمقًا. من جانبه، قال هلال خشان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية ببيروت :quot; إذا انهار النظام، سوف تنشب حرب أهلية وستنتشر في جميع أنحاء المنطقة، لتجتاح لبنان والعراق والمملكة العربية السعودية وأماكن أخرى. وأرى أن تعرض النظام السوري لحالة من الانهيار يمثل سيناريو يوم القيامة بالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط بأكملهاquot;.

وهو ما جعل كثيرين يعتقدون أن لهذا السبب قام المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة، بالتعامل بمثل هذا الأسلوب اللين مع عمليات سفك الدماء التي شهدتها سوريا، آخر البلدان العربية في المنطقة التي تعرضت لموجة من الاضطرابات. ولم يتم توجيه أي نداء للرئيس الأسد كي يتنحى، على الرغم من تزايد الحملات القمعية العنيفة التي يستعين بها الجيش السوري وأدت إلى مقتل ما لا يقل عن 550 شخصًا على الأقل. ناهيك عن اعتقال المئات في مختلف المدن والقرى، ولا سيما الذين شاركوا في الاحتجاجات الأخيرة، بحسب ما أوضحت جماعات تعمل في مجال حقوق الإنسان.

وقالت واشنطن بوست من جهتها إن جزءً من المشكلة يتمثل في عدم معرفة أي شيء بخصوص ما يمكن أن يحدث خلال الفترة المقبلة، إذا ما تمت الإطاحة بالرئيس بشار الأسد. ولفتت هنا إلى الخطوات التي انتقلت بموجبها تونس ومصر خلال الآونة الأخيرة إلى المجهول، عندما انهارت الأنظمة الحاكمة هناك، لكن في كل حالة، أكد الجيش استقلاليته واستولى على السلطة للإشراف على عملية انتقال الحكم.

لكن الجيش في سوريا يحظى بوضعية مختلفة، حيث تجده مواليًا تمامًا لعشيرة الأسد العلوية، وهو ما ينذر بأنه في حالة تعرض النظام للانهيار، فإن ذلك سيؤدي بالتأكيد إلى تفككه، وهو ما يمهد الطريق لانهيار مماثل لانهيار العراق، حيث تتعرض الدولة لحالة من الانهيار، وتسعى الأغلبية للانتقام من الأقلية، وتتسابق القوى الإقليمية للتأكيد على مصالحها الخاصة، وفقًا لما ذكره جوشوا لانديس من جامعة أوكلاهوما.

وأضاف في هذا الجانب quot; سوريا هي قمرة القيادة في الشرق الأوسط، وسوف يشتعل الصراع من أجل السيطرة على البلادquot;. في حين قال ديفيد ليش، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة ترينيتي في ولاية تكساس :quot; بالنسبة إلى آخر شيء ترغب فيه إدارة أوباما، مثلما كان الوضع عند انسحابهم من العراق، فهو زعزعة استقرار سوريا، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى موسم مفتوح بالنسبة إلى الجهاديين كي يعبروا الحدود إلى العراقquot;. كما لفتت الصحيفة إلى ندرة المعلومات المتوافرة عن المعارضة في سوريا، أو عن هوية الجهة التي قد تتولى السلطة حال انهيار النظام الحالي ndash; وهذا سبب آخر يوضح سرّ تردد الحكومات في المطالبة برحيل بشار الأسد.

وفي وقت سعت فيه سوريا لوصف خصومها بأنهم جماعات إسلامية متطرفة ومسلحة تهدف إلى زرع الفتنة الطائفية، اتخذ الناشطون السوريون موقفًا معاديًا مما يتردد عن أن الإسلاميين يهيمنون على حركتهم، وقالوا إن ثورتهم لا تختلف عن الثورة المصرية.