ربيع دمشق: نار في عرين الأسد!

بهدف تهدئة الاحتجاجات غير المسبوقة التي تشهدها سوريا، أعلن مسؤول سياسي أن البرلمان السوري سيعقد جلسة استثنائية في مطلع الشهر المقبل لإلغاء قانون الطوارئ.


دمشق: يعقد البرلمان السوري في مطلع أيار/مايو جلسة استثنائية لإقرار مجموعة من القوانين الهادفة الى تحرير النظام، ومن بينها إغاء قانون قانون الطوارئ، بهدف تهدئة موجة الاحتجاجات التي تشهدها البلاد، كما أعلن مسؤول سوري الاربعاء.

وقال المسؤول السياسي السوري لوكالة الأنباء الفرنسية طالبا عدم الكشف عن هويته quot;ان جلسة استثنائية ستعقد من 2 الى 6 ايار، يتم خلالها اقرار سلسة من القوانين ذات الطابع السياسي والاجتماعي، والتي تندرج ضمن برنامج الاصلاح الذي ينوي الرئيس (السوري بشار الاسد) القيام بهquot;.

واضاف quot;سيكون من بين هذه القوانين التشريعات الجديدة المتضمنة قانونًا بديلاً من قانون الطوارئquot;، مشيرًا الى ان quot;المشرعين الذي كلفوا بوضعه على وشك الانتهاء منه، وسيقدمونه قبل نهاية الاسبوع الى رئيس الدولةquot;.

واشار المسؤول الى ان الرئيس الاسد quot;ينوي دعوة عدد من وجوه المجتمع المدني الى تقديم ملاحظاتهم (مشروع القانون) قبل تقديمه الى الحكومة التي ستقدمه الى مجلس الشعب لاقراره بعد الموافقة عليهquot;. وكان الاسد امر بتشكيل لجنة قانونية لاعداد دراسة تمهيدًا لالغاء قانون الطوارئ، على ان تنهي اعمالها قبل 25 نيسان/ابريل.

وصدر قانون اعلان حالة الطوارئ في 1962 وطبق عند وصول حزب البعث الى السلطة في 1963. ويحدّ قانون الطوارئ الى درجة كبيرة من الحريات العامة، اذ يفرض قيودًا على حرية التجمع والتنقل، ويسمح باعتقال المشتبه بهم او الافراد الذين quot;يهددون الامنquot;. كما يجيز مراقبة الاتصالات والرقابة المسبقة على وسائل الاعلام.

الا ان المسؤول رفض تأكيد ما اذا كان قانون الاحزاب او قانون الاعلام يندرجان في اطار هذه المجموعة من مشاريع القوانين. بدوره اكد النائب احمد منير انه quot;تمت دعوة النواب إلى عقد جلسة استثنائية في المجلس من 2 ولغاية 6 ايار/مايو المقبل من دون بيان السببquot;، لافتًا الى ان quot;الدورة التشريعية اختتمت في 31 اذار/مارسquot; الماضي.

واضاف النائب ان quot;المعطيات تؤشر الى وجود مشاريع لقوانين او مراسيم صدرت ودعي النواب إلى دراستها واقرارها بشكل مؤسساتي بعدما توافقت عليها الحكومة الجديدةquot;. وتابع quot;من المنتظر الاعلان عنها غداة اقرارها في السابع من ايار/مايوquot;. وكلف الاسد الاحد وزير الزراعة في الحكومة السابقة عادل سفر تشكيل الحكومة الجديدة خلفًا لحكومة محمد ناجي عطري التي قدمت استقالتها 29 اذار/ مارس.

هيومن رايتس تطالب سوريا بالكفّ عن استخدام العنف ضد المتظاهرين

وفي وقت سابق اليوم الأربعاء، طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش الرئيس السوري بان يأمر قوات الامن بالكفّ quot;فوراquot; عن استخدام القوة quot;المميتة غير المبررةquot; ضد المتظاهرين، وبفتح quot;تحقيق مستقل وشفافquot; لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.

وقالت المنظمة الحقوقية في بيان quot;ان على الرئيس بشار الأسد ان يأمر فورًا قوات الأمن السورية بالكفّ عن استخدام القوة المميتة غير المبررة ضد المتظاهرين المعارضين للحكومةquot;. واضافت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، سارة ليا ويتسن، انه quot;على مدار ثلاثة أسابيع، راحت قوات الأمن السورية تطلق النار على متظاهرين سلميين في الغالب الاعم، في مختلف مناطق سوريا، بدلاً من التحقيق مع المسؤولين عن اطلاق النارquot;.

ودعت المنظمة الرئيس السوري الى quot;فتح تحقيق مستقل وشفاف في اطلاق النار في دوما (ريف دمشق) ومحاسبة المسؤول عن اي اطلاق للنار بشكل غير قانوني ومن تسبب في وقوع قتلى وجرحىquot;.

وروت المنظمة عن شاهدي عيان ان quot;متظاهرين خرجوا في دوما بعد صلاة الجمعة في الاول من نيسان /ابريل من الجامع الكبير ليجدوا المئات من رجال شرطة مكافحة الشغب ورجال في ثياب مدنيةquot; هم quot;على الارجح من الاجهزة الامنية، يقفون في انتظارهمquot;.

وقال احد هذين الشاهدين quot;بدأت الشرطة والمخابرات في ضربنا ورمي عبوات الغاز المسيل للدموع لإجبارنا على التفرق واحتجز الأمن العديد من المتظاهرين أثناء خروجهم من الجامعquot;. ونقلت المنظمة عن متظاهرين من دوما انهما quot;يعتقدان أن المسلحين من الأجهزة الأمنية لأنهم كانوا يقفون بأسلحتهم المشهرة وراء شرطة مكافحة الشغبquot;.

وقالت ليا ويتسن quot;على السلطات القضائية السورية أن تظهر استقلاليتها، وأنها قادرة على التحقيق في مسؤولية كبار المسؤولين الأمنيين الذين توجد ادعاءات بقيامهم بارسال رجال مسلحين للسيطرة على التظاهراتquot;. واضافت quot;أن على الحكومة أن تحقق في كل واقعة إطلاق نار، وأن تحاسب كل شخص تتبين مسؤوليته عن استخدام القوة بصورة مخالفة للقانونquot;.

وكان الاسد وجّه في نهاية اذار/مارس quot;رئيس مجلس القضاء الأعلى بتشكيل لجنة قضائية خاصة لإجراء تحقيقات فورية فيكل القضايا التي اودت بحياة عدد من المواطنين المدنيين والعسكريين في محافظتي درعا واللاذقيةquot;، كما افادت مصادر رسمية.

واشارت هيومن رايتس ووتش الى ان quot;المسؤولين السوريين يحاولون القاء اللوم على الغير باتهام جماعات مسلحة مجهولةquot;. وشهدت مدينة اللاذقية الساحلية (شمال غرب) أحداث عنف قتل وجرح خلالها العشرات عندما اطلق مسحلون مجهولون النار بطريقة عشوائية او اعتدوا بالسلاح الابيض على سكان.

واتهمت السلطات اصوليين مسلمين بانهم وراء هذه الاحداث لكنها لم تعط حتى الان اي تفاصيل حول جنسيتهم. وطالبت هيومن رايتس ووتش مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان بتحديد quot;موعد لجلسة خاصة عن انتهاكات حقوق الانسان في سوريا، تشمل الاستخدام غير القانوني للقوة بحق المتظاهرينquot;.

ولفتت الى انه quot;بموجب مبادئ الأمم المتحدة الأساسية الخاصة باستخدام القوة والأسلحة النارية، فلا يحق لقوات الامن استخدام القوة المميتة الا عندما تكون الخيار الوحيد لحماية الارواحquot;. وتابعت quot;يجب أن تمارس القوة مع ضبط النفس وبشكل متناسب مع التهديد القائمquot;، مشيرة الى انه quot;لا يمكن تبرير استخدام القوة المميتة لمجرد وجود متظاهرين يلقون الحجارةquot;.

من جهة ثانية، استنكرت ست منظمات حقوقية سورية في بيان الاربعاء quot;استمرار السلطات السورية باستعمال العنف المفرط في تفريق الاحتجاجات السلمية الواسعة في مدن ومناطق سورية عدة، والتي أدت إلى وقوع العشرات من الضحايا (بين قتلى وجرحى) وقيام السلطات السورية باعتقالات تعسفية بحق العشراتquot;.

والمنظمات الموقعة على البيان هي quot;المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا واللجنة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا (الراصد) ولجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا ومنظمة حقوق الإنسان في سوريا (ماف) والمنظمة الكردية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سوريا (داد) والمنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورياquot;.

واعتبرت المنظمات ان هذه الممارسات quot;تنم على إصرار السلطات السورية على استمرارها في ممارسة الانتهاكات للحقوق والحريات الأساسية للمواطنين بموجب حالة الطوارئ والأحكام العرفية المعلنة في البلاد منذ 1963 بحق ممارسة المواطنين لحقوقهم الأساسية في التجمع والتظاهر السلمي وحرية الرأي والتعبيرquot;.

وطالبت المنظمات بـquot;تشكيل لجنة تحقيق قضائية محايدة بمشاركة ممثلين عن المنظمات المدافعة عن حقوق الانسان في سورياquot; للكشف عن المسببين للعنف والممارسين له وعن المسؤولين عن وقوع ضحايا وأحالتهم إلى القضاء ومحاسبتهمquot;.

كما دعت الى quot;رفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية وصياغة قانون جديد للطوارئ يستجيب لمتطلبات الدفاع الوطني (...) ولا يتعارض مع الدستور والحريات العامة وإغلاق ملف الاعتقال السياسي وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين كافةوإلغاء المحاكم الاستثنائية والأحكام الصادرة منهاquot;.

ودعت ايضًا الى quot;اتخاذ الإجراءات اللازمة والعاجلة بما يكفل إلغاء كل أشكال التمييز بحق المواطنين الأكرادquot; بما تتيح لهم إمكانيات التمتع بثقافتهم واستخدام لغتهم. وطالبت ايضًا quot;بإصدار قانون للأحزاب يجيز للمواطنين بممارسة حقهم بالمشاركة السياسية في إدارة شؤون البلادquot;.

مناشدة الأسد إصدار حزمة إصلاحات عاجلة

على صعيد متصل، طالب مسؤولون حكوميون سوريون وقياديون سابقون في حزب البعث الحاكم الرئيس بشار الأسد باتخاذ quot;إجراءات عاجلةquot; عدة تشمل إنهاء العمل بقانون الطوارئ من دون إصدار أي قانون يشابهه ويماثله وإطلاق جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي وإعادة جميع المنفيين السياسيين والدعوة إلى مؤتمر وطني من جيل الشباب والأطياف الوطنية لتحديد معالم المستقبل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

وأصدر مجموعة من المسؤولين والقياديين الحزبيين السوريين السابقين بياناً تسلمت قالوا إن غايته quot;رصّ الصفوف ومنعة الوطن ووحدة الشعب وسلامتهquot;، ورأوا فيه أن ما يجري في الوطن العربي ومنه سوريا quot;هو نتيجة تطور تاريخي ووعي جيل جديد لما تراكم خلال عقود عدة من ظواهر سلبية وممارسات خاطئة أفرزتها بنية الدولة التي شيّدها الدستور المعمول به وديمومة العمل بقانون الطوارئ وتأسيسه ما عُرِف بالدولة الأمنيةquot;.

وشددوا على أنه أمام هذا الحراك quot;لا يجوز التمسك في الماضي وصِيَغه التي لا تتوافق مع حقائق العصر وأثبتت الوقائع قصورها وعقمها، لا بل مسؤولياتها عما يتعرض له بلدناquot;. ولأنه quot;من المألوف أن قوة أي حكم ومدى ثقته بنفسه تكمن في قيامه بمراجعة نقدية جادة لمسيرته، مع الإصغاء إلى رأي قادة جيل الشباب والقوى والشخصيات التي تحمل الهمَّ الوطني والقومي، وانطلاقاً من أن سلامة الوطن ووحدة الشعب أهم من السلطة ومنافعهاquot;، ولأن quot;الاستقواء بالشعب وإطلاق العنان لمبادرته هو دوماً الخيار الأكثر سطوعاً لتفويت الفرصة على كل من يريد بالشعب شراً وبالوطن ضرراً، وهذا يتطلب تحويل بنية الدولة إلى دولة ديمقراطية تعددية تنطلق من أن صيانة الوطن ليست حكراً لفئة أو حزب معين، بل هي ملك للشعب بكل قواه السياسية وأطيافه المجتمعيةquot;.

كما شددوا على أن quot;هذا الوعي هو الذي كان مستهدفاً في الماضي ومازال في ازدياد، وإن الردَّ على محاولات الاستهداف هذه يكون بإعادة الحياة إلى الشارع السوري وتفعيله بإطلاق الحريات وبناء دولة ديمقراطية تعود فيها السلطة إلى الشعب من خلال انتخابات حرة ونزيهةquot;.

وحثوا الرئيس السوري إلى اتخاذ إجراءات عاجلة عدة، أهمها إنهاء العمل بقانون الطوارئ من دون إصدار أي قانون يشابهه ويماثله، وإطلاق جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، تحت أي صيغة حُكِموا أو اعتقلوا بها، وإعادة جميع المنفيين السياسيين من بلاد المنفى، والسعي إلى دعوة مؤتمر وطني من جيل الشباب والأطياف الوطنية لتحديد معالم المستقبل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وبروح المسؤولية الوطنية، ويشارك في تعديل الدستور بما يتوافق مع التوجه لبناء دولة ديمقراطية تعددية وإصدار قانون جديد وعصري للأحزاب يكفل حرية تأسيسها ونشاطها، وإصدار قانون جديد وعصري للإعلام والصحافة يكفل حرية التعبير والرأي والمسؤولية الوطنية وحق مراقبة الدولة و المجتمع

ومن الموقعين على البيان quot;محمود جيوش، قيادي سابق في حزب البعث ووزير سوري سابق، مروان حبش، عضو قيادة قطرية ووزير سوري سابق، مصطفى رستم، عضو القيادتين القومية والقطرية السابق في حزب البعث، سليمان العلي، عضو قيادة قطرية ووزير سوري سابق، عز الدين دياب، قيادي سابق في حزب البعث وأستاذ جامعي، محمود يونس، قيادي سابق في حزب البعث ومحافظ سابق، علي سليمان، رئيس تحرير جريدة الثورة ومعاون وزير الثقافة السابق، وفيق عرنوس، أمين فرع جامعة دمشق السابق لحزب البعث، كمال الأسود، دبلوماسي سابق، لمى قنوت، عضو المكتب السياسي لحركة الاشتراكيين العربquot; وغيرهم.