أعلنت القوات العراقية أنها وضعت 30 ألف عسكري، بينهم ألف أمرأة، وطائرات، وخصصت 5 ملايين دولار لتأمين زيارة النصف من شعبان في كربلاء الأحد المقبل، بعد الكشف عن محاولة إدخال 6 مفخخات للمدينة التي منعت فيها حركة المركبات والدراجات النارية.. في وقت يحتفل العراق غدًا الخميس بالذكرى 52 لقيام الجمهورية على أنقاض الملكية التي أسقطتها ثورة 14 تموز عام 1958، بينما دعا الحزب الشيوعي إلى انتخابات مبكرة.
جموع شيعية أثناء إحياء ذكرى ولادة الإمام المهدي |
قال قائد عمليات الفرات الأوسط الفريق الركن عثمان الغانمي إن قيادة العمليات بدأت بضربات استباقية داخل محافظة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) وخارجها قبيل إحياء ذكرى النصف شعبان، التي تصادف ذكرى ولادة المهدي الإمام الثاني عشر لدى المسلمين الشيعة، حيث تم اعتقال عدد كبير من المطلوبين ضمن قوانين الارهاب وتفكيك الكثير من العبوات الناسفة والكشف عن 55 مفخخات لادخالها الى مدينة كربلاء وتفجيرها بين الزائرين، الذي ينتظر أن يزيد عددهم على الثلاثة ملايين، بينهم حوالي 50 الفًا من بلدان إسلامية عربية وغيرها.
واشار الغانمي في مؤتمر صحافي في كربلاء اليوم الى الاستيلاء على عبوات مخزونة كانت مهيأة لاستخدامها في طريق الزائرين. واوضح انه تم احباط محاولة لإدخال ست سيارات مفخخة الى كربلاء لاستهداف الزائرين. وقال إن إحراق محطتي وقود في المدينة أول أمس كانت فعلاً تخريبيًا.
وقد تم تفجير المحطتين بزرع عبوات ناسفة، مما أدى إلى حرق المحطتين بالكامل، إضافة الى احتراق ثلاثة خزانات لمادة البانزين وثلاثة خزانات اخرى لمادة الكاز مع حرق اربع سيارات مدنية وعدد من دراجات الحمل الصغيرة، اضافة الى مكاتب ادارية تابعة للمحطتين.
واكد الغانمي انه تم طلب تعزيزات من موارد وزارتي الداخلية والدفاع، واضاف انه تم فرض ثلاثة اطواق امنية حول مدينة كربلاء، حيث يوجد اضافة الى 30 الف عسكري الف متطوعة مدنية واكثر من مائتين اخريات من الشرطة سيتولين مسؤولية تفتيش النساء عند نقاط التفتيش.
من جانبها دعت محافظة كربلاء الحكومة الاتحادية إلى منحها ستة مليارات دينار (حوالي خمسة ملايين دولار) لإتمام زيارة النصف من شعبان، بينما طالبت المحافظات المجاورة لمساعدتها لوجستيًا بتوفير سيارات حوضية وآليات لنقل الزائرين.
استعدادات صحية وخدمية
وقال محافظ كربلاء آمال الدين الهر خلال مؤتمر صحافي إن المحافظة تحتاج خمسة مليارات ونصف مليار دينار لتغطية زيارة النصف من شعبان خدميًا، داعيًا المحافظات المجاورة والقريبة من كربلاء إلى دعم المحافظة خلال الزيارة بسيارات حوضية وآليات لنقل الزائرين من وإلى بقية المحافظات، فضلاً عن تخصيص جزء من حصتها من الكهرباء لمصلحة كربلاء.
وأضاف أن أكبر المشاكل التي تواجه الحكومة المحلية في كربلاء خلال مواسم الزيارات هي توفير المياه الصالحة للشرب والثلج. وأشار المحافظ الى أن حكومة كربلاء ستتكفل بنقل الزائرين إلى حدود المحافظة، بحيث يتعين على المحافظات الأخرى نقل مواطنيها من كربلاء إلى مناطقهم.
من جهته، قام فريق طبي من مصرف الدم التابع لدائرة صحة كربلاء بحملة تبرع للدم استعدادًا للزيارة، وقال مدير مصرف الدم في كربلاء الدكتور مرتضى حسين علي ان كادر متخصص قام بحملة تبرع بالدم من اجل توفير رصيد كاف من قناني الدم المفحوصة والجاهزة لغرض توزيعها على المستشفيات، مع إبقاء رصيد كخزين استراتيجي في مصرف الدم الرئيس يستعمل عند الحاجة.
واضاف ان الحملة شملت مقر عمليات الفرات الاوسط وبالتعاون مع طبابة المقر، موضحًا ان المتبرعين بلغ عددهم 214 متبرعًا بواقع قنينة دم واحدة لكل متبرع. كما تم تهيئة 14 مفرزة طبية مهيأة وموزعة على كل المساحات الجغرافية في المحافظة مع متطوعيها البالغ أكثر من مائتي متطوع ومتطوعة، إضافة إلى توفير المستلزمات الطبية والدوائية والمياه الباردة.
وتعدّ زيارة النصف من شعبان التي تصادف الأحد المقبل من المناسبات الدينية المهمة التي يقصد خلالها مئات الآلاف من الزائرين من العراق وخارجه مدينة كربلاء لأداء مراسم إحياء ذكرى ولادة المهدي الإمام الثاني عشر لدى المسلمين الشيعة. وقد وصل عدد الزوار الأجانب الى محافظة كربلاء حوالي 20 الفًا ينتمون الى بلدان، منها إيران وبعض دول الخليج، فيما ينتظر أن يزداد هذا العدد في الأيام المقبلة حتى بلوغ الزيارة ذروتها الاحد المقبل.
والمهدي هو الإمام الثاني عشر لدى الشيعة، ولد عام 255 للهجرة (825 للميلاد) في سامراء في شمال بغداد، حيث يعتقد الشيعة انه الامام المنتظر الذي سيعود لإقامة العدل والمساواة على الارض.
طالباني بذكرى قيام الجمهورية: نستحضرها لبناء دولة عصرية
يحتفل العراق غدًا بالذكرى 52 لقيام الجمهورية على انقاض الملكية التي أسقطتها ثورة 14 تموز عام 1958 حيث اعلنت الحكومة الخميس عطلة رسمية، وستشهد بغداد تظاهرات تحيي هذه المناسبة، في حين دعا الحزب الشيوعي العراقي الى انتخابات مبكرة لحل المشكلات التي تعانيها البلاد حاليًا.
وقال الرئيس العراقي جلال طالباني في كلمة الى الشعب ان هذا اليوم يعبّر quot;عن تضافر الإرادة الشعبية من خلال قواها الوطنية مع إرادة الجيش بضباطه الأحرار بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم (أول رئيس وزراء لحكومة الثورة) وعن انتصار هذه الإرادةquot;. واضاف quot;نستعيد ذكرى الثورة ومعها نستعيد الطموح الوطني الذي كان وراء الثورة وفي ضمير رجالها لبناء دولة عصرية حديثة، دولة تسعى الى التقدم في ميادين البناء الحضاري التقني، وفي ميادين السياسة والاقتصاد والخدمات التي كثيرا ما حرم العراقيون منهاquot;.
واشار الى ان الثورة قد ارست ومنذ أشهرها الأولى مشاريعها التي عبّرت بها عن مثل هذا التوجه، حيث جرى التأكيد على الشراكة العربية الكردية وإقرارها في المادة الثالثة في الدستور المؤقت، كما جرى التخطيط والعمل من أجل استثمار أفضل للنفط وعائداته.. وكذلك مشاريع الإصلاح الزراعي والإسكان وعمران المدن وتحسين مداخيل الفقراء، وجعل وقت العمل للعمال بثمان ساعات يوميًا وإقرار قانون الأحوال الشخصية، حيث ساوت إحدى مواد هذا القانون بين الرجل والمرأة الذي شكل مثالاً متقدمًا في المنطقة والعالم النامي حينها.. وغيّر هذا الكثير الذي أرادت به الثورة أن تؤكد أن حياة جديدة تنتظر العراقيين حياة خير ورفاه وتقدم وحرياتquot;.
لكنه اوضح ان الثورة ومنذ أشهرها الأولى قد عانت مشكلات داخلية وخارجية، كان أخطرها التآمر الذي تعرضت له والمدعوم خارجيًا، ومحاولة تعكير صفو التوافق السياسي الوطني الذي كان وراء الثورة ونجاحها، الأمر الذي جعل البرامج تتعثر وترتبك الحياة السياسية في صراعات وتمزقات أضرت بمسيرة الثورة، وأعاقت مشروعها وفجرت مجرى الدم الوطني والبدء بتاريخ قاس من الدكتاتوريات وقمع الحريات واضطهاد المواطنين وهدر الثروات، وهو تاريخ انتهى بالبلاد الى ما انتهت إليه حتى نيسان (ابريل) عام 2003 وإسقاط الدكتاتورية الى الأبد.
وقال طالباني في الختام quot;إن ذكرى الثورة مناسبة حية الآن لتأكيد أهمية التضافر الوطني والوحدة الشعبية وتمتين بناء دولة المؤسسات والوصول إلى بيئة وطنية آمنة وخالية من العنف والإرهاب من أجل الحفاظ على تجربتنا الديمقراطية التي ضحى من اجلها شعبنا كثيرًا، ومن أجل مواجهة كل أشكال التآمر التي لا يروقها عراق حر ديمقراطي كريم، وكذلك من أجل تعزيز وتيرة العمل، بما يخدم حاجات الشعب وتطلعاته وحقه في حياة عزيزة يستحقها العراقيون ويستحقها العراق بعمقه الحضاري وبإشراقة المستقبل العظيم الذي ينتظرهquot;.
الحزب الشيوعي يدعو إلى انتخابات مبكرة في ذكرى الثورة
من جهته قال الحزب الشيوعي العراقي ان العراقيين يحيون هذه الايام العيد الثالث والخمسين لثورة الجيش والشعب في تموز 1958 ويقدرون لتلك النخبة الوطنية الجريئة من الضباط الاحرار الذين تجرعوا مع شعبهم همومه وتحسسوا معاناة ابنائه وفقرائه، ونذروا ارواحهم للثورة واهدافها الشعبية الوطنية الاصيلة، وتصدوا لكل محاولات الايقاع بها وحرفها عن مسارها الوطني الديمقراطي.
واضاف الحزب في بيان تلقت quot;ايلافquot; نسخة منهquot; انه quot;اليوم ونحن نحتفي بذكرى الثورة الوطنية في 14 تموز 1958 في ظل ازمة الحكم ومآزق الحكومة التي قاد اليها صراع المصالح والمغانم بين القوى السياسية الحاكمة وفي اجواء المطالبات الجماهيرية الواسعة بالاصلاح والتغيير التي انطلقت منذ شباط الماضي.. في ظل هذه الاوضاع ما احوجنا الى استعادة دروس تلك الثورة وعبرها في مرحلة صعودها من جانب وتراجعها وانكسارها من جانب آخرquot;.
واوضح الحزب ان احد اهم دروس ثورة 14 تموز quot;اذا شئنا المقارنة بما نشهده اليوم في بلادنا من استفحال لآفة الفساد وتكاثر لاعداد الفاسدين في مستويات حكومية مختلفة والتردد في اتخاذ اجراءات حازمة بشأنها هو نزاهة اولئك الرجال الذين قادوا مسيرة الثورة واداروا شؤونها وعفة ونظافة أيادي من آزروها ودافعوا عنها وتصدوا لحمايتها وساهموا في صنع انتصاراتها، الامر الذي قاد الى انتهاج سياسة جريئة وحاسمة ضد كل اشكال الفساد والتطاول على المال العام وممتلكات الدولة، وهو ما ادى الى انحسار تلك الممارسات الجنائية الخطرة الى اضيق الحدود رغم مساعي الاعداء الكثيرة إلى تشويه سمعة الثورة ورجالهاquot;.
واشار الى ان اهم دروس انتكاسة الثورة quot;هو ظهور الميول الفردية والدكتاتورية لدى النافذين من قادتها واستهانتهم بالحياة الديمقراطية والدستورية وبدور الحركة الجماهيرية والقوى السياسية من جانب، واستخفافهم بنفوذ وتأثير القوى المضادة والمعادية من جانب آخر والسعي الخاطئ والمدمر من جانب قائد الثورة الزعيم عبد الكريم قاسم إلى الوقوف quot;فوق الميول والاتجاهاتquot; بين انصار الثورة والمدافعين عنها من جانب واعدائها والمتحينين الفرص للانقضاض عليها من جانب آخر.
ومن الدروس المهمة الاخرى التي ادت الى ارباك مسيرة الثورة وتعثرها تلك المتعلقة بالصراع السياسي الحاد الذي نشب بين القوى السياسية المساهمة في التحضير للثورة والتعجيل بانتصارها ودخول هذه القوى في صراعات متبادلة واسعة وعميقة كان لها تاثيرها المؤذي على مسار تطور البلاد لسنوات طويلة لاحقة. ودرس آخر من دروس انكسار الثورة المغدورة وهزيمتها، يتمثل بالتحالف غير المقدس الذي نشأ بين تللك القوى والفئات الاجتماعية التي تضررت مصالحها بانتصار الثورة وبالزخم الجماهيري الكبير الذي أطلقته والقوى التي ناصبت الثورة العداء منذ وقت مبكر الى جانب التآمر الاقليمي والدولي الواسع والمحمومquot;.
واضاف الحزب الشيوعي quot;تأتي ذكرى ثورة الرابع عشر من تموز، وبلادنا تعيش ازمة عميقة تتجلى معالمها في حالة عامة من تراجع الخدمات الاساسية للمواطنين وارتفاع معدلات البطالة واستفحال ظاهرة الفساد المالي والاداري في الدولة والمجتمع وشيوع بيروقراطية ادارية تطحن المواطنين وتستخف باحتياجاتهم وحقوقهم وغيرها من المظاهر التي تعكس حالة من غياب القانون وضعف رقابة الحكومة وتعدد ولاءات اجهزتها وغياب الدور المطلوب للدولة، فضلاً عن اللاعدالة الاجتماعية ومظاهر سلبية اخرى، قاد اليها نهج المحاصصة الحزبية والطائفية والاثنية المدمّر والصراع على مراكز النفوذ ومغانم السلطة وادارة الظهر لمعاناة المواطنين، وسعي البعض إلى الالتفاف على المكاسب الديمقراطية والحريات العامة والشخصية التي تحققت عبر نضال الشعب الشاق العسير.
كما لم توفر المكائد السياسية حدثًا دون توظيفه في الصراعات اللامبدأية، حيث نلاحظ اليوم ومع اقتراب موعد انسحاب القوات الاميركية من بلادنا نهاية العام الحالي، كيف تحاول القوى المتنفذة في الحكومة التهرب من اعلان مواقفها الحقيقية وتوظيف هذه القضية سياسيًا والمزايدة على بعضها بهدف المناورة والتضليل بدلاً من اعلان موقف واضح وصريح يدعو الى الالتزام ببنود الاتفاقية العراقية الاميركية وانسحاب هذه القوات في الموعد المحدد لها انسجامًا مع المصلحة الوطنيةquot;.
وشدد الحزب على quot;ان الطريق السليم لاخراج البلاد من ازمتها وانهاء الدوامة التي تلفها لن يكون الا عبر الاستجابة للمطالبات الجماهيرية بالاصلاح والتغيير من خلال التوجه الجاد والصادق لنبذ نهج المحاصصة سيء الصيت وسياسية اقتسام الغنائم بين القوى المتنفذة ولفضح مساعي توظيف الدين والطائفة في الصراعات السياسية واتخاذ اجراءات جادة وحازمة تجاه الفساد والمفسدين والتزام مصالح اوسع الفئات الشعبية والدفاع عنها والتخفيف من معاناتها وتوفير فرص عمل للملايين من العاطلين وتفعيل دور الرقابة الشعبية والجماهيريةquot;.
ورأى الحزب الشيوعي العراقي في الختام quot;ان المدخل الرئيس لتحقيق هذه الانعطافة المهمة في الوضع السياسي يكون عبر التوجه لاجراء انتخابات برلمانية مبكرة في ظل قانون انتخابي معدل وقانون ديمقراطي للاحزاب ومعالجة وضع المفوضية العليا للانتخابات، حيث ينظر حزبنا الى هذا الخيار باعتباره خيارًا يتوافق مع الدستور والممارسة الديمقراطية، ويُجنب شعبنا الاحتمالات العنفية والمزالق الاخرى، وان من حق شعبنا وقواه واحزابه الحريصة على مستقبله، وعلى تقدم العملية السياسية وآفاق تطور التجربة الديمقراطية وضمان استعادة الاستقلال والسيادة ان يبحثوا عن حل سلمي وديمقراطي يتسق مع الدستور ومنطقه ويحمي العملية السياسية ويضمن تطورها اللاحق صوب بناء دولة القانون والمؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية كاملة السيادةquot;.
التعليقات