بعد أن قامت كل من الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة بالتوقيع الأسبوع الماضي على تلك الوثيقة التي عرفت بوثيقة الدوحة للسلام في دارفور، وكذلك بروتوكول مستقل بشأن المشاركة السياسية لحركة التحرير والعدالة ودمج قواتها المحدودة في الجيش الوطني، أكدت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية أن تلك الخطوة أقرب ما تكون لورقة التوت بالنسبة للحكومة السودانية عن كونها تقدم حقيقي.

من مراسم حفل التوقيع على وثيقة الدوحة للسلام في دارفور

وأشارت الصحيفة إلى أنه وفي الوقت الذي قد يُنظر فيه إلى تلك الوثائق على أنها شكل من أشكال التقدم، فإن هناك قدراً ضئيلاً من الآمال بأن تؤدي هذه الاتفاقات إلى أي نوع من أنواع السلام الشامل والمستدام في دارفور. وتحدثت الصحيفة أيضاً عن وجود عدة مؤشرات تفيد بأن نتائج الدوحة ستكون في واقع الأمر أكثر قليلاً من مجرد صورة على شاشة الرادار، ولاسيما لأولئك الذين لا يزالوا في دارفور.

ورأت الصحيفة في هذا الصدد أن الخلل الأول والأكثر مناقشة هو عدم إدراج مجموعات التمرد الرئيسية في الاتفاقية، بما في ذلك حركة العدل والمساواة، وفصائل جيش التحرير السوداني، قوات ميني ميناوي وقوات عبد الواحد محمد أحمد النور.

ولفتت الصحيفة إلى أن تلك الجماعات لا تزال منخرطة في القيام بعمليات عسكرية على الأرض، بينما تواصل القوات المسلحة السودانية قصفها الجوي للمواقع التي تشتبه بها. كما أنه وعلى عكس تلك المجموعات الأخرى، كانت حركة التحرير والعدالة في نواح كثيرة خلق وسطاء دوليين شاركوا في عملية الدوحة هدفهم توحيد الفصائل المتمردة في دارفور وجعلها كيان واحد يعني بالتفاوض مع الحكومة نيابةً عن شعب دارفور. وكانت النتيجة الحقيقية ظهور جماعة تمرد تحظى بنفوذ عسكري أو سياسي محدود على أرض الواقع وتحظى بقليل من الدعم من سكان دارفور.

وأكدت ساينس مونيتور كذلك أن حماسة المجتمع الدولي لمحصلة العملية التي استمرت على مدار عامين انعكست بشكل جيد في حضور حفل التوقيع يوم الرابع عشر من شهور تموز / يوليو الجاري. فبينما حضر عدد من أبرز الشخصيات الإفريقية، بمن فيهم رؤساء تشاد واريتريا، بالإضافة لحضور السودان نفسه في المؤتمر، غابت شخصيات دبلوماسية غربية رفيعة المستوى عن المؤتمر بشكل واضح.

وهو ما يعني بالطبع أن جميع الدول الغربية التي شاركت في المفاوضات قد شعرت بأن المؤتمر غير هام بما فيه الكفاية لكي تحضره. ولسوء الطالع، قد تكون محصلة عملية السلام أسوأ من كونها محصلة غير فعالة، فهناك احتمالات قوية بأن ستؤثر سلباً على العمليات والمفاوضات المستقبلية.

وأوضحت الصحيفة أنه وعقب توقيع الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة على الاتفاقية، أخبر أحد ممثلي الحكومة حركة العدل والمساواة بأن أي مفاوضات أخرى ستقتصر على وضع المقاتلين والمشاركة في الحكومة، رغم حقيقة تقدم حركة العدل والمساواة في وقت سابق بتغييرات كبيرة لمشروع نص وثيقة السلام الرئيسية. وأُخبِرت الحركة أيضاً بأن أمامها ثلاثة أشهر لاتخاذ قرارها بشأن التوقيع على اتفاقية حركة التحرير والعدالة.

هذا وستسمح وثائق الدوحة الختامية للحكومة بأن تدفع عملية مستأنسة، كانت حريصة على إطلاقها منذ تقديم إستراتيجيتها الجديدة بشأن دارفور نهاية العام الماضي. وبزعمها أن شاركت بشكل قانوني في عملية الدوحة ووقعت على وثيقة سلام، يحتمل أن تشعر الحكومة بأنه تمتلك الأسباب المشروعة لدفع quot;المرحلة المقبلةquot;، فيما يتعلق بالانخراط في دارفور. ومع هذا، رأت الصحيفة أن تحريك عملية السلام داخل دارفور لن يعمل إلا على تسهيل التلاعب الحكومي وتجنب التعرض لأي نوع من أنواع الانتقادات أو الرقابة الدولية. وقالت إن فتح عملية داخلية جديدة يتيحها التوقيع، قد يعمل بالتالي ضد احتمالات السلام والاستقرار على المدى الطويل.