اشتدت حدة الخلافات في مصر بين التيارات السياسية الليبرالية والمجلس العسكري، لا سيما بعد جمعة الحسم. إذ وقعت مصادمات بين الشرطة ومتظاهرين في السويس والإسكندرية والقاهرة مساء أمس، إنتهت بإتهام المجلس العسكري حركة 6 أبريل بـquot;محاولة الوقيعة بين الشعب والجيشquot;.
مصر تشهد توتراً بين التيارات الليبرالية والمجلس العسكري منذ ثورة 25 يناير |
القاهرة: تصاعدت حدة الخلافات بين التيارات السياسية الليبرالية والمجلس العسكري الذي يدير شؤون مصر بعد نجاح ثورة 25 يناير في إزاحة مبارك عن الحكم، حيث وقعت مصادمات بين الشرطة العسكرية ومتظاهرين في السويس والإسكندرية والقاهرة مساء أمس، إنتهت بإتهام المجلس العسكري حركة 6 أبريل بـquot;محاولة الوقيعة بين الشعب والجيشquot;.
مسيرات ضد المجلس العسكري
بدأت موجة التصاعد مساء أمس بعد إنتهاء تظاهرات جمعة الحسم، حيث نظم المتظاهرون المنتمون إلى التيارات السياسية الليبرالية في القاهرة والإسكندرية والسويس مسيرات إلى وزارة الدفاع في القاهرة ومقر قيادة المنطقة العسكرية الشمالية في الإسكندرية، وهم يرددون هتافات ضد المجلس العسكري منها quot;يا حرية فينك فينك.. حكم العسكر بينا وبينكquot;.
ودعوا المواطنين إلى الإنضمام إليهم من خلال هتافات quot;يا أهالينا إنضموا لينا.. الحرية ليكم وليناquot;، quot;الشعب يريد إسقاط المشيرquot;، quot;يا مشير يا مشير.. الثورة لسه في التحريرquot;، إلا أن المسيرات التي ضمت المئات من المتظاهرين ومن كانوا يعتصمونفي بميدان التحرير إنتهت عند ميدان العباسية، حيث تصدت لهم المئات من أهالي منطقة العباسية وقوات الشرطة العسكرية، ومنعتهم من المرور إلى الشارع المؤدي إلى مقر المجلس، فعادوا إلى ميدان التحرير بدون وقوع مصادمات.
مصادمات في الإسكندرية والسويس
وفي الإسكندرية وقعت مصادمات بين متظاهرين والشرطة أمام مقر القيادة العامة للمنطقة الشمالية العسكرية، عندما حاول المئات من المتظاهرين تنظيم وقفة إحتجاجية هناك، وتصدى لهم العشرات من المواطنين، وحدث تراشق بالحجارة وإطلاق أعيرة نارية في الهواء لتفريق المحتجين، وأصيب نحو سبعة أشخاص.
وإعتقلت قوات الأمن تسعة أشخاص ممن وصفوا بـquot;مثيري الشغبquot;. وفي السويس وقعت مواجهات بين قوات الشرطة ومحتجين حاولوا إقتحام مقر الأمن الوطني الجهاز البديل لمباحث أمن الدولة المنحل، في أعقاب إعتقال المتظاهرين لعناصر تابعة للأمن الوطني أثناء تظاهرات جمعة الحسم في السويس، وتوجه المحتجون إلى مقر الجهاز ورشقوه بالحجارة والزجاجات الحارقة، وردت قوات الأمن والشرطة العسكرية بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء لتفريقهم. وألقي القبض على 13 شخصاً ممن وصفهم الأمن بـquot;مثيري الشعبquot;.
مسيرات سلمية
هذا وقال وليد عيسى أحد المحتجين الذين شاركوا في المسيرة التي إنطلقت من ميدان التحرير إلى مقر المجلس العسكري لـquot;إيلافquot; إن الهدف من المسيرة محاولة الضغط على المجلس العسكري لتحقيق مطالب الثورة، مشيراً إلى أن أحدًا لم يكن يفكر في إقتحام مقر المجلس كما يشاع، ولفت إلى أن أهم المطالب المرفوعة هي: تهطير البلاد من رموز الفساد، وإنهاء خدمة الضباط المتهمين بقتل الشهداء، وليست ترقيتهم ونقلهم إلى ديوان وزارة الداخلية أو إدارات أخرى غير المباحث ليحصلوا على مكافآت ضخمة على قتلهم خيرة شباب مصر أثناء الثورة.
وإنتقد عيسى ما وصفه بـquot;إستخدام العنف في السويس والإسكندرية ضد المتظاهرين السلميينquot;، ودعا المجلس العسكري إلى أهمية الإستجابة السريعة لمطالب الثورة، ووضع دستور للبلاد.
إتهامات لحركة 6 أبريل
إلى ذلك، بلغت الخلافات بين المجلس والمتظاهرين ذروتها عندما إتهم البيان رقم 69 للمجلس حركة 6 أبريل بـquot;الوقيعة بين الشعب والجيشquot;. وقال البيان الذي نشر على صفحة المجلس على فايسبوك quot;إن الفتنة التي تسعي إليها حركة شبابquot;6quot; إبريل للوقيعة بين الجيش والشعب ما هي إلا هدف من الأهداف التي تسعي إليها منذ فترة، وقد فشلت بسبب الخطوات التي إتخذت أخيراًquot;.
ودعا المجلس quot;كل فئات الشعب إلى الحذر وعدم الإنقياد وراء هذا المخطط المشوه الذي يسعى إلى تقويض إستقرار مصر والعمل على التصدي له بكل قوةquot;، معتبراً أن quot;الخطوات الإيجابية التي تحققت خلال الأيام الأخيرة، والتي تهدف إلى تحقيق المطالب المشروعة لثورة 25 يناير، قد تعارضت مع المصالح الشخصية لبعض الحركات السياسية ذات الأجندات الخاص،ة والتي بدأت في التحريض لزرع الفتنة بين الشعب والقوات المسلحةquot;، نافياً إستخدام العنف ضد المتظاهرين في السويس أو مدن أخرى.
الحركة ترد
أثار بيان المجلس حفيظة الحركة التي ردت بعقد مؤتمر صحافي لنفي الإتهامات، والهجوم على المجلس، وقال محمد عادل المتحدث باسمالحركة خلاله quot;ما يحدث يأتي في إطار مخطط لتشويه صورة حركة 6 أبريل بأي طريقة من الطرقquot;.
فيما تضامنت 25 حركة وحزب وائتلاف من المعتصمين في ميدان التحرير رفضهم وإستنكارهم الإتهامات التي ووجهها المجلس العسكري إلى 6 أبريل، وقالوا في بيان لهم إنهم يرفضون لغة التخوين التي يستخدمها المجلس نتيجة عدم تقبله النقد والاختلاف السياسي حول طريقة إدارته السياسية للبلاد، ومحاولات إحداث انقسام بين القوى الثورية والشعبية، مؤكدة أن quot;الثورة ماضية نحو تحقيق أهدافهاquot;، ومشيرة إلى quot;المجموعات والحركات الشبابية ستظل يدًا واحدة من أجل انتزاع الحرية والعدالة الاجتماعية لجماهير شعبنا العظيمquot;.
رفض التخوين
وقال علاء عبد الشافي عضو حركة اللجان الشعبية من أجل الثورة، لـquot;إيلافquot; إن لغة التخوين مرفوضة، ولا يمكن قبول إتهام أي حركة وطنية بالعمالة أو تنفيذ أجندات خارجية، وأضاف أن المجلس العسكري يستخدم اللغة نفسها التي كان النظام السابق يستخدمها ضد المطالبين بالحرية والعدالة الإجتماعية.
وأشار عبد الشافي إلى أن الحركات والتيارات السياسية المعتصمة في ميدان التحرير سوفتنظم مسيرة اليوم في السادسة مساء إلى المجلس العسكري، تحت شعار quot;سلمية سليمةquot;، لمطالبة المجلس العسكري بإيقاف المحاكمات العسكرية للمدنيين، والإسراع في محاكمة رموز النظام السابق، وتطهير وزارة الداخلية والجامعات وسائر مؤسسات الدولة من الفساد.
وإنتقد عبد الشافي عدم وفاء المجلس بالجدول الزمني الذي قطعه على نفسه من أنه سوف يسلم البلاد إلى سلطة منتخبة مكونة من برلمان ورئيس جمهورية في خلال ستة أشهر، مشيراً إلى أن المدة قد أوشكت على الإنتهاء مندون أن يتحقق أي شيء مما وعد به المجلس.
دولة مدنية
إلى ذلك، قطع المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الشك باليقين في ما يخص الدولة المدنية أم الدولة الدينية، وأكد أن مصر ستكون دولة مدنية ديمقراطية، وأضاف خلال خطابه بمناسبة الإحتفال بالذكرى التاسعة والخمسين لثورة 23 يوليو 1952، أن المجلس العسكري يمضي في تنفيذ خطته الرامية لتسليم السلطة إلى المؤسسات المدنية من خلال إجراء الإنتخابات البرلمانية ثم وضع دستور للبلاد ثم إجراء إنتخابات رئاسة الجمهورية. وبذلك قطع الطريق على التيارات الليبرالية المنادية بـquot;الدستور أولاًquot;، مما قد يعمق الخلافات بين الجانبين أكثر خلال الفترة المقبلة.
التعليقات