انتظر سوريون قانون الأحزاب كثيرًا ليخرجهم من عنق الأزمة، وتباينت ردود أفعالهم، فاتحين باب النقاش حول مدى قدرة إقرار هذا القانون على إيقاف الأحداث الجارية في الشارع السوري، ولكن...؟.


القانون يشكل فرصة جديدة للخروج من الأزمة الراهنة

دمشق: يأمل الكثير من السوريين اليوم أن يكون لقانون quot;الأحزابquot; الذي رأى النور أخيرًا في سوريا فرصة قد تهدئ من نبض الشارع، الذي لا يزال غير مقتنع بما يجري من إصلاحات.

فاليوم، بات بإمكان السوري ndash; ضمن شروط معينة ndash; طبعًا أن يؤسس حزبه للمشاركة في الحياة السياسية السورية وصناعتها، رغم انتقادات الكثير لبعض من بنوده، رافعين السقف بالقول إنها quot;تعجيزيةquot;.

فالقانون- رغمأنباء محتملةعن تغيير الدستور أو بعض مواده -يحرم السوريين الأكراد من حق إنشاء الأحزاب نظرًا إلى حظره قيام الحزب quot;على أساس التمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللونquot;.

كما إن البند (3) من الفقرة (أ) من المادة quot;7quot; ينص على أن تكون اللجنة متضمنة quot;ثلاث من الشخصيات العامة المستقلة يسميهم رئيس الجمهورية لمدة ثلاث سنوات أعضاءquot;.

هذا يشكل وفق قولمحللين quot;لغمًاquot;في ما خصمفهوم كلمة quot;مستقلquot;، وهنا يتساءل الناشط المدني بسام القاضي: quot;هل قوائم المستقلين التي عرفناها في انتخابات مجلس الشعب في دوراته الماضية مستقلة؟quot;.

ويضيف القاضي لـquot;إيلافquot;: quot;وفي الحالة السورية بشكل خاص، وبعد خمسين عامًا من انعدام الحياة السياسية، من الصعب جدًا فهم كلمة مستقلة هذه. ثم، ومن الأساس، ما قيمة الاستقلال هنا؟ ما دامت مهمة اللجنة قضائية بحتة، وليست مهمة سياسية، فما قيمة هذا الاعتبار؟quot;.

ويرى القاضي أن الأعضاء الثلاثة يجب أن يتم انتخابهم من قبل quot;مجلس الشعبquot; الجديد، على أن تتوافر فيهم صفات محددة، أهمها الاستقلال السياسي عن أي حزب (سابقًا وحاليًا)، والنزاهة المشهودة، والخبرة القانونية والسياسية.

ويعتبر القاضي أن المادة quot;8quot; من القانون تشكل أخطرها، حيث تمنح قرارات المحكمة التي تفصل في النزاعات الناجمة من هذا القانون صفة quot;المبرمquot; أي القرار الذي لا يمكن الطعن فيه ولا الاستئناف بأي شكل من الأشكال.

ويسأل القاضي هنا؛ أليس هذا ما كان دور محكمة أمن الدولة العليا التي ستبقى وصمتها في ذاكرة الشعب السوري لعقود؟

وكذلك الأمر في المادة quot;17quot; حيث تساهم مباشرة في تأكيد مبدأ: quot;دعم الأقوىquot;، وتنص على أن المعونة لا يجب أن تزيد على إجمالي الاشتراكات السنوية لأعضاء الحزب. أي كلما كبر الحزب كلما زادت فرصته في الحصول على دعم الدولة له، لأنه قوي. ويتساءل القاضي: فأي تعزيز للعمل الحزبي السياسي الديمقراطي هنا؟.

المعارضة تريد حرية لا قانون أحزاب

الحسين: القانون لا يتعدى أن يكون محاولة مكشوفة من قبل السلطة

رفض القانون من جذوره، بدى واضحًا على كلام معارضين وجدوا أنه لا يتعدى كونه quot;شماعةquot; تخفي الحرية التي يدعون إليها مع الشعب.

يقول لؤي الحسين المعارض السوري من دمشق على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي quot;فايسبوكquot; إن إصدار قانون أحزاب الآن قبل إطلاق الحريات العامة والسياسية في البلاد لا يتعدى أن يكون محاولة مكشوفة من قبل السلطة لإزاحة محور الصراع القائم الآن القائم على موضوع الحريات والحقوق.

ويصف الحسين وجود القانون بالأمر الطبيعي، ويجمع بـquot;ناquot; الدالة على الفاعلين:quot;لسنا بحاجة لقانون ينظم الحياة السياسية ما لم تكن هذه الحياة موجودة قبلاquot;.

ويتابع: quot;فالأمر الطبيعي أن تشرع القوانين لتنظم ظاهرة اجتماعية ما وليس لتشكلها، موضحًا: quot;نحن بحاجة إلى حياة سياسية حرة، وليس لقانون أحزابquot;.

القانون: خطوة للاصلاح

وكانت وكالة الانباء السورية الرسمية quot;ساناquot; اعتبرت ان خطوة إصدار قانون الأحزاب جاءت quot;في اطار ترجمة توجهات برنامج الاصلاح السياسي وبهدف اغناء الحياة السياسية وتنشيطها والمشاركة في مسؤولياتها وتداول السلطةquot;.

واوضحت الوكالة ان quot;مشروع القانون يتضمن الأهداف والمبادئ الأساسية الناظمة لعمل الأحزاب وشروط وإجراءات تأسيسها وترخيصها والأحكام المتعلقة بموارد الأحزاب وتمويل نشاطاتها وحقوقها وواجباتهاquot;.

ويطالب المعارضون السوريون بتعدد الأحزاب في سوريا، حيث العديد منها غير مرخص لها، في حين ان غالبية الأحزاب المرخصة تدور في فلك quot;الجبهة الوطنية التقدميةquot;.

وبحسب الدستور السوري فإن حزب البعث الحاكم منذ 1963 هو quot;قائد الدولة والمجتمعquot;. لكن من هي quot;الجبهة الوطنية التقدميةquot;: هي ائتلاف من الأحزاب السورية، تأسست في 7 مارس/ آذار 1972، وتتشكل من 7 أحزاب تحكم سوريا منذ تاريخ تأسيس هذه الجبهة التي ترسخ وجودها دستورياً بالمادة quot;8quot; من الدستور التي تنص على أن: quot;حزب البعث العربي الاشتراكيhellip; يقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربيةquot;.

وتتكون من: حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الشيوعي السوري (بشقيه الموجودين في النظام: جناح وصال بكداش وجناح يوسف فيصل) والاتحاد الاشتراكي العربي وحزب الوحدويين الاشتراكيين وحركة الاشتراكيين العرب والحزب الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي والاتحاد العربي الديمقراطي. ومنذ أواخر العام 2001، يحضر الحزب السوري القومي الاجتماعي اجتماعات الجبهة بصفة مراقب.

جاء في البيان الصادر من القيادة القطرية المؤقتة في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1970 أنه: quot;ينبغي حشد الطاقات التقدمية والشعبية ووضعها في خدمة المعركة، وذلك من خلال تطوير العلاقات باتجاه جبهة تقدمية بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكيquot;.

محلل سوري: ما يجري في سوريا تجاوز المواد

الوضع في سورية مرتبط بالمحيط الاقليمي والدولي

المحلل في شؤون الأزمات الخارجية والخبير في العلاقات الدبلوماسية الإعلامي فراس مهتدي قال لـquot;إيلافquot; إن مسألة التحليل ستكون أكثر وضوحًا لو سمحت أميركا بترخيص لحزب يساري شيوعي أميركي، في لفتة منه إلى أن ما يجري quot;قضيةquot; تجاوزت مواد دستورية أو قوانين أحزاب.

وأضاف المهتدي: quot;فهناك من وضع إسقاط الدولة نصب عينيه .. ولا رجعة عن ذلك لديه، حتى ولو ضمن الرئيس لهم الجنةquot;.

ونوه المهتدي إلىأن الفريق الثالث quot;الصامتquot; ربما سيجد في القانون بصيص أمل للخروج من الأزمة الراهنة. وربط مهتدي ما يجري في سوريا بالمحيط الاقليمي والدولي.

وختم بالقول: quot;حصرًا لا يمكن فصل الوضع الداخلي السوري عن محيطه الاقليمي والدولي بتاتاً، لنقرأ الخارج اولاً وبناء عليه .. يتوجب التوصيف والتحليلquot;.

حازم نهار: القانون يقودنا إلى مصر في زمن مبارك

في حين قال المعارض السوري الدكتور حازم نهار لـquot;إيلافquot;إن القانون الصادر يطلب من الاحزاب الجديدةالتي تريد ان ترخص عملها احترام الدستور، إلا أنه تساءل: اي دستور وهناك مادة تشير إلى أن quot;حزب البعثquot; هو القائد للدولة والمجتمع؟

وختم نهار بالقول:quot;القانون الحالي يقول إننا نسير الى مصر في حالة مباركquot;.