جاءت تلك الرحلة المثيرة للجدل، التي استمرت على مدار يوم بكامله خلال الأسبوع الماضي، لمجموعة من السيدات الإسرائيليات والفلسطينيات على أحد شواطئ مدينة تل أبيب الإسرائيلية لتفتح النقاش حول كثير من الأمور الإنسانية والقانونية والمجتمعية، في خضم ما تشهده العلاقات الإسرائيلية ndash; الفلسطينية من تأزم، مع ركود عملية السلام.


من الرحلة التي قضتها الفلسطينيات برفقة الاسرائيليات

أشرف أبوجلالة من القاهرة: رغم حالة المرح التي عاشتها هؤلاء السيدات الفلسطينيات الآتيات من الجزء الجنوبي للضفة الغربية، برفقة نظيراتهن الإسرائيليات، اللواتي مكنتهن من الوصول إلى هذا الشاطئ، لاسيما وأن معظمهن لم تسبق له مشاهدة البحر من قبل، إلا أنهن جميعاً يواجهن خطر الملاحقة الجنائية، في وقت أَرَدن الاحتجاج على ما يرونها قوانين ظالمة.

في هذا السياق، نقلت صحيفة النيويورك تايمز في عددها الصادر اليوم الأربعاء عن حنا روبنشتاين، التي سافرت إلى تل أبيب آتية من حيفا من أجل المشاركة، قولها: quot;ما نفعله هنا لن يغير الموقف. لكنه نشاط آخر لكي نبدي من خلاله اعتراضنا على الاحتلال. وسيسأل الناس يوماً ما في المستقبل، مثلما فعلوا مع الألمان: هل كنتم تعلمون؟ وحينها، سيكون بمقدوري القول quot;نعم كنت أعلم، وأديت دوريquot;.

ثم مضت الصحيفة لتقول إن مثل هذه الزيارات بدأت منذ عام، كإحدى بنات أفكار سيدة إسرائيلية، ثم سرعان ما ازدهرت وتحولت إلى حركة عصيان مدني صغيرة وحازمة. فبينما كانت تقضي الكاتبة والمحررة والمترجمة الإسرائيلية، إيلانا هامرمان، بعض الوقت في الضفة الغربية لتعلّم العربية، أخبرتها فتاة هناك أنها تتمنى الخروج، ولو ليوم واحد فقط. وهو ما جعل هامرمان، 66 عاماً، تقرر أن تهرّبها إلى الشاطئ.

وبعدما تحدثت هامرمان عن هذه الرحلة التي قامت بها تلك الفتاة للشاطئ في مقال لها في مجلة نهاية الأسبوع الخاصة بصحيفة هآرتس، اهتمت سيدات إسرائيليات أخريات بما كتبته هامرمان في هذا الشأن، وهو ما دفعهن إلى تكوين جماعة أطلقوا عليها quot;لن نطيعquot;. وهو ما أسفر أيضاً عن قيام إحدى المنظمات اليمينية بإبلاغ الشرطة عن هامرمان، وقد تم استدعاؤها بالفعل من أجل استجوابها.

وقالت تلك المجموعة النسائية التي وقفت وراء تلك الجماعة في أحد الإعلانات التي تم نشرها أخيراً في الصحف quot;لا يمكننا الموافقة على مشروعية قانون الدخول إلى إسرائيل، الذي يسمح لكل إسرائيلي وكل يهودي بالتحرك بحرية في كل المناطق بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن، وحرمان الفلسطينيين في الوقت عينه من الحق نفسه. فنحن وهم ndash; وجميعنا مواطنون عاديون ndash; بادرنا باتخاذ هذه الخطوة بعقلية واضحة وحازمة.

وبتلك الطريقة، كان لنا شرف الاستمتاع بواحد من أجمل وأروع الأيام في حياتنا، بلقائنا ودخولنا في صداقات مع جيراننا من الفلسطينيات الشجاعات، وأن نكون معهن، جنباً إلى جنب، سيداتحرّات ولو ليوم واحد فقطquot;.

وأفادت الصحيفة في هذا السياق بأن الشرطة استجوبت 28 سيدة إسرائيلية، وأكدت أن قضاياهن معلقة. في حين لم يتم إلى الآن استجواب أو اعتقال أي من السيدات أو الفتيات الفلسطينيات. هذا وقد تنكرت هؤلاء السيدات بتخفيفهن نوعاً ما من ملابسهن، وجلسن في المقاعد الخلفية لسيارات إسرائيلية تقودها يهوديات في منتصف العمر، وخلعن الحجاب والعباءات الطويلة، لعبور إحدى نقاط تفتيش الجيش الإسرائيلي.

وسبق أيضاً لمجموعة من السيدات الإسرائيليات أن ألقين لعباً ومعدات على منزل إحدى الفلسطينيات التي تنشئ حضانة للأطفال. كما سبق لهن مساعدة فلسطينيات كُنَّ يعانون متاعب صحية وقانونية. وينتظر أن يقوم الجيش الإسرائيلي، الذي بدأ في الحدّ من تحركات الفلسطينيين داخل إسرائيل قبل عقدين لمنع الإرهاب وقت الانتفاضات العنيفة، بإصدار 60 ألف تصريحاً للفلسطينيين هذا العام ليتمكنوا من زيارة إسرائيل.

وهو ضعف العدد الذي تم إصداره عام 2010، في وقت وصفت فيه هامرمان تلك التصاريح بأنها أوراق البيروقراطيين الاستعماريين، التي يجب مقاومتها وليس غمسها. وقالت هاغيت أهاروني، طبيبة نفسية وزوجة الطاهي الشهير يسرائيل أهاروني، والعضو في جماعة quot;لن نطيعquot;: quot;لقد احتللنا بلداً آخر على مدار 44 عاماً. والآن أنا عمري 53 عاماً، أي إنني قضيت معظم حياتي كمحتلة. وأنا لا أريد أن أكون محتلة. وأنا أشارك الآن في شكل من أشكال العصيان غير المشروع. أنا لست روزا باركس، لكنني معجبة بها، لأنها كانت جريئة وكسرت قانوناً لم يكن صحيحاًquot;.