يزداد إقبال العراقيين على استخدام الإنترنت، لا سيما بين صفوف الشباب، ولعل اللافت هو السباق الجماعي للإشتراك في مواقع التواصل الإجتماعي، وبخاصة بعدما بات الحاسوب يحتل مكانة لا يمكن الإستغناء عنها في مناحي الحياة كافة.


عراقيات يتواصلن عبر أجهزة الحاسوب

بغداد: يرتفع العدد الإجمالي لمستخدمي الشبكة العنكبوتية في العراق، لاسيما الشباب الذين يقبلون على الاشتراك في مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رغم من ان الانترنت دخل إلى البلاد بهذا الزخم الواسع متأخراً، إلى أن الدلائل الميدانية تشير إلى توسع كبير في الشبكة.

ومع تحسن إمدادات الكهرباء مستقبلاً فإن العراق سينافس الدول المجاورة في حجم الإقبال على الانترنت، وربما يتجاوزها، بعدما كان الأقل نسبة لعدد المشتركين في الشبكة. ويشير أمين احمد صاحب مقهى انترنت في الكاظمية (في جانب الكرخ من العاصمة بغداد) إلى أنمعظم رواد المقهى لهم حسابات في quot;توتيرquot; وquot;فايسبوكquot;. وبحسب أمين فان السنتين الأخيرتين شهدتا قفزة كبيرة في اهتمام الشباب بمواقع التواصل الاجتماعي.

وقبل سنوات كان اهتمام الشباب العراقي يتركز على quot;الشاتquot; ومواقع الألعاب والجنس. ويقول الطلب الجامعي سعيد الخفاجي إن quot;الشباب العراقي يقطع شوطاً كبيراً في تقنيات النت، حيث انتشرت بسرعة فائقة أبجديات هذا العلم بينهمquot;.

مواقع النت وخدمات التصميم

وفي كل مدن العراق افتتحت مكاتب لدورات على النت، إضافة إلى مكاتب لتعليم البرمجة وتصميم المواقع الالكترونية.

ويتحدث الخفاجي عن مكتبه الذي افتتحه لتصميم مواقع النت وخدمات التصميم، حيث يقول: quot;بدأنا بجهد بسيط، واعتمدنا على انفسنا في الدراسة والتعلم، وكانت النتيجة أننا في المكتب نستطيع اليوم تصميم اعقد وأصعب مواقع النت وبتقنيات عاليةquot;.

ويحتل الحاسوب اليوم مكانة لا يستغنى عنها في الحياة الدراسية والعملية للشبان العراقيين، لاسيما بين النخب المتعلمة والطلاب. وتشير الجولات الميدانية في مدن العراق إلى حقيقة قدرة العقول العراقية على الاستجابة السريعة لتطورات التقنيات، ذلك ان دكاكين (الموبايل) و(الستالايت) تستطيع اليوم العمل على اعقد البرامج، بل وتستطيع فك شفرتها في الكثير من الأحيان.

ويقول سالم عبيد مازحًا في هذا الصدد (صاحب دكان لتنظيم الستالايت وبرمجيات الموبايل) إن شباب العراق تفوقوا على قراصنة النت (الهكرز) في فك (شفرات) الفضائيات. وينطبق الأمر على الكثير من البرمجيات، حيث استطاع الشباب العراقي من تعديلها وملائمتها لأغراض معينة.

الحاسوب لكل الأغراض

ولا تشمل استخدامات الحاسوب على قطاع التعليم والجامعات والمؤسسات في العراق فحسب، بل بدأ يستخدم على نطاق واسع في المحال التجارية وورش التصوير.

ويقول المصور كريم الخفاحي في كربلاء (108 كم جنوب غرب بغداد) إنه عمله أصبح يعتمد كلياً على الحاسوب في إخراج الصورة وتعديلها.

اما سعد الجبوري صاحب سوبر ماركت في النجف (160 كم جنوب بغداد) فيقول إن كل حساباته ورواتب العاملين يجري تبويبها عبر الحاسوب.

البرمجيات القرآنية

من الجوانب الملفتة لاهتمامات شباب العراق الرقمية، الإقبال على البرمجيات القرآنية والإسلامية، على عكس السنوات السابقة، حيث لمس البعض اهتماماً شبابياً بالمواقع الإباحية. ويتصفحمعظم الشباب من طلاب الجامعات المواقع الاخبارية والعلمية ومواقع الجامعات العالمية.

كما بدأ يظهر على النت الكثير من المواقع العراقية المتخصصة في برمجيات علوم القرآن، والتفاسير، والفقه. وعلى رغم أن مدارس العراق مازالت تفتقد خدمات النت، فإن ذلك لم يشكل عائقاً امام الثورة في تعلم النت، لاسيما بين الشباب من بنين وبنات.

البرمجيات المستنسخة

ويقول المهندس كريم المولى صاحب مكتب لبيع البرمجيات في حي الصناعة في بغداد إن هناك إقبالاً من قبل الشركات والمؤسسات على البرامج التخصصية، بنسخها الأصلية، في حين يلجأ الكثير من الأفراد إلى البرمجيات المستنسخة بسبب الأسعار المرتفعة للبرامج الأصلية.

ويضيف: quot;يحتاج الشارع العراقي تصنيع هذه البرمجيات داخل العراق بغية السرعة في الإنجاز وتخفيف التكاليفquot;.

وينوي المولى تأسيس شركة صغيرة في عام 2012، مستفيدًا من خبرته وزملائه في مجال تكنولوجيا المعلومات. وانشأ شباب العراق أكثر من موقع للبرمجيات، إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي.

المبرمجون العراقيون

يتحدث محمد موسى عن موقع quot;المبرمجين العراقيين على فايسبوك quot;الذي يستقطب اصحاب الخبرة والمبتدئين لتبادل الخبرات والمعلوماتquot;.

ويتحدث موسى كيف أن الشباب العراقي نجح في الاستفادة من برنامج أندرويد (منصة برمجيات ونظام تشغيل خاص بالهواتف النقالة) حيث نجحوا في استخدامه في التحكم في بالهاتف النقال وتطوير استخدامه.

وكتب رحيم سعيد في صفحته في موقع quot;المبرمجين العراقيينquot; فيquot; فايسبوكquot;: quot;إن الكمبيوتر أصبح من ضروريات الحياة، سواء في العمل أو المنزل أو مساعدة الأبناء على المذاكرة، ولهذا يتوجب علينا الاستعداد للتعبئة المجتمعية لجعله جزءاً مهمًا في حياتنا، لأن هذا يفتح آفاق العلم والعالم أمام العراقيينquot;.

وبحسب أستاذ المعلوماتية في جامعة كربلاء أحمد حسين، فإن إعداد الكوادر العلمية والهندسية أمر مهم في هذه الفترة الانتقالية العلمية التي يمر بها العراق.

ويتابع: quot;الاهتمامات الشبابية العراقية والرغبة في التعلم تعوض الزمن المفقود السابق، لأن النت دخل إلى العراق متأخرًا قياسًا الى الدول المجاورةquot;.

الجدير بالذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة تحتل المرتبة الأولى بين دول العالم العربي من حيث استخدام فايسبوك، حيث إن 45% من سكانها لديهم حسابات على الموقع. وفيغالبية جامعات العراق افتتحت كليات وأقسام لعلوم الحاسوب والمعلوماتية.

وشهدت السنتان الأخيرتان إقبالاً كبيراً بين النخب العلمية على وجه الخصوص على اقتناء الحاسوب الدفتري quot;لابتوبquot;، بينما تحرص الأسر اليوم على اقتناء الحاسوب المكتبي. ويتوقع حسين أن يمتلكمعظم الأكاديميين والنخب المثقفة الحاسوب خلال فترة السنوات الأربعالمقبلة.

المبرمج الشاب عمر سيروان

استغل أمير حسن خبرته ودراسته لأنظمة المعلومات في ملائمة البرمجيات والشفرات المتعلقة بها للأغراض الشخصية، ولا يتورع حسن من القول إنه يستطيع تزويدنا باحدث البرمجيات بأسعار مناسبة جدًا، من دون الحاجة إلى quot;اكوادquot; أصلية.

بل إنه يضمن لك أيضاً إمكانية تحديثها عبر النت من دون مشاكل. ولعل من اشهر شباب العراق الذين ابدوا عبقرية في صناعة البرمجيات على رغم سنه الصغير، هو عمر سيروان احد مهندسي البرمجيات الشباب الذي برمج مشروع إجازة العراق.

حيث تمكن عمر مستفيداً من دراسته للبرمجة في كلية هندسة في بغداد من تصميم برنامج يحاكي واقع عمل دائرة الاستيراد العراقية، وتمت برمجة النوافذ المتعددة للمشروع بعد الإطلاع الكامل والدراسة الكاملة لقوانين الدائرة واستماراتها وبالحوارات المتتالية مع موظفيها، حيث يُعتمد البرنامح الآن من قبل الحكومة العراقية.

الموهوبون

يقول المبرمج حمزة شبيب إن مدن العراق تزخر بالموهوبين في تطبيقات البرمجيات، وتملأهم رغبة في تعلم اصعب انواع لغات البرمجة من مثل (فيجول بسيك) و(سي سي بلس) و(دلفي)، إضافة إلى إجادتهم الكثير من البرامج المتخصصة.

وبحسب المشرفة التربوبة في بابل (100 كم جنوب بغداد)عبير الجنابي، فإن ما يحتاجه العراق اليوم هو التركيز على توظيف التكنولوجيا في قطاع التعليم الالكتروني وإدخال علوم الكومبيوتر منذ الدراسة الابتدائية وإشراك الكوادر في دورات تخصصية في مجال الحاسوب.