نجحت قمة سياسية للقادة العراقيين في إنهاء الخلافات حول مصير القوات الاميركية بإبقاء جزء منها يضم مدربين بنهاية العام الحالي رغم تحفظ الصدريين الذين يخشى ان يثيروا مشاكل في مواجهة هذا القرار، كما اتفقوا على تقديم المرشحين لتولي حقيبتي وزارتي الدفاع والداخلية خلال اسبوعين، وإرسال قانون المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية الى مجلس النواب للمصادقة عليه، فيما قال الرئيس العراقي جلال طالباني إن الاجتماع quot;كان جيداً جداً، وتم التوصل إلى إتفاق بالإجماع، ما عدا تحفظ الأخوة الصدريين على موضوع التدريب الأميركيquot;.


السياسيون العراقيون خلال اجتماعهم

عقد القادة السياسيون العراقيون إجتماعًا دعا اليه الرئيس جلال طالباني في مقره في قصر السلام في بغداد، وشارك فيه قادة الكتل السياسية، يتقدمهم رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس القائمة العراقية اياد علاوي ورئيس مجلس النواب اسامة النجيفي، وإستمر حتى ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، تم خلاله بحث ثلاثة ملفات خلافية، تتعلق بمصير القوات الاميركية في العراق بنهاية العام الحالي تمديدًا او رحيلاً وتعيين وزيرين لحقيبتي الدفاع والداخلية الشاغرتين، واللتين يتولاهما نوري المالكي بالوكالة منذ تشكيل حكومته الحالية في كانون الاول (ديسمبر) الماضي، إضافة الى مجلس السياسات الاستراتيجية المرشح لرئاسته اياد علاوي.

وقال الرئيس طالباني في تصريحات في ختام الاجتماع إن اللقاء quot;كان جيداً جداً، وتم التوصل إلى إتفاق بالإجماع، ما عدا تحفظ الأخوة الصدريين على موضوع التدريب الأميركي لكن البقية كانوا موافقينquot;.

ثم تلى نائب رئيس الوزراء روز نوري شاويس بيانين صادرين من اجتماع القادة السياسيين لخّص فيهما الاجراءات التي اتفقت عليها قمة القادة.

وجاء في البيان الاول:

quot;إستكمالاً لتنفيذ ما تبقى من مبادرة الرئيس بارزاني تم الإتفاق على النقاط الآتية:
1. مشروع قانون المجلس الوطني للسياسات العليا المتفق عليه يرسل الى مجلس النواب لإقراره.
2. تشكل لجنة وزارية تعتمد نتائج مباحثات إتفاقية اربيل حول النظام الداخلي لمجلس الوزراء اساساً لعملها للتوافق حول النظام الداخلي.
3. تشكيل لجنة من نواب رئيس الوزراء تتولى:
أ- تحديد بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس الوزراء مواضع الخلل في التوازن الدستوري على مستوى مدير عام فما فوق في دواوين الوزارات وما يقابلها في الوزارات الأمنية خلال شهرين.
ب- تقوم اللجنة إعتماداً على نتائج المسح بوضع آلية مناسبة لرفع الخلل وبشكل لا يضر بالمواصفات والأصول الإدارية.
4- تقدم القائمة العراقية اسماء مرشحين لوزارة الدفاع والتحالف الوطني لوزارة الداخلية خلال أسبوعين بمواصفات مقبولة توافق عليها الكتل الثلاث.

وأضاف شاويس quot;إن مشروع قانون المجلس الوطني للسياسات العليا سيرسل من قبل الرئيس طالباني إلى مجلس النوابquot;.

وجاء في نص البيان الثاني:

quot;اجتمع قادة الكتل السياسية اليوم في مقر رئاسة الجمهورية برئاسة الرئيس جلال طالباني لمناقشة موضوع التدريب الامني مع الجانب الاميركي.
واتفق الحضور على تكليف حكومة العراق ان تبدأ المحادثات مع الجانب الاميركي مقتصرةً على مسائل التدريب تحت اتفاقية الاطار الاستراتيجي لحاجة العراق للتدريب، ويجب ان تكون أي علاقة مصممة في كل جوانبها لتعزيز السيادة الكاملة للعراق.

وسيراقب القادة السياسيون المحادثات للنظر في أي اتفاق نهائي مع الجانب الاميركي و
يجب ان تتم هذه المحادثات بروح من الصداقة والتعاون.

مخاوف من مشاكل يثيرها الصدر حول ابقاء مدربين

وتوقعت مصادر عراقية في حديث مع quot;إيلافquot; ان يثير الاتفاق على ابقاء مدرين أميركيين في العراق معارضة شديدة من قبل التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الذي هدد بمواجهة اي قوات أميركية يتم التمديد لبقائها في العراق بعد نهاية العام الحالي، كما هو متفق عليه في الاتفاقية الامنية الموقعة بين البلدين في اواخر عام 2008.

وقد أعلن التيار اليوم عن انتهائه من جمع تواقيع 2.5 مليون شخص للمطالبة بخروج القوات الأميركية في الموعد المقرر نهاية العام الحالي. وقالت النائبة عن التيار الصدري مها الدوري خلال مؤتمر صحافي عقدته في مبنى مجلس النواب إن quot;حملة جمع التواقيع للمطالبة بخروج قوات الاحتلال من العراق نهاية العام الحالي انتهتquot;. وأوضحت أن quot;الحملة جمعت مليونين ونصف مليون توقيع من مواطنين يطالبون بجلاء قوات الاحتلال من العراقquot;.

واشارت الدوري إلى أن quot;هناك تظاهرات واحتجاجات ستنظم في بغداد وعدد من المحافظات قريبا للمطالبة بعدم تمديد بقاء القوات الأميركيةquot;، مضيفة أن quot;الحملة ستعمّم علىكل المدن العراقيةquot;.

وكان التيار الصدري قد هدد أخيرًا بإعادة إحياء جناحه العسكري المعروف باسم quot;جيش المهديquot; وتصعيد العمليات العسكرية ضد القوات الأميركية في حال تمديد بقاء الأخيرة بعد 2011.

وفي وقت سابق اليوم عقب مباحثات منفصلة مع طالباني والمالكي، أكد رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة الاميرال مايكل مولن دعوته الحكومة العراقية الى الاسراع في اتخاذ موقف من مسألة انسحاب القوات الاميركية والدفع نحو موافقة البرلمان على منح الجنود الاميركيين حصانة ضد المحاكمات.

وقال مولن خلال مؤتمر صحافي في معسكر فيكتوري قرب مطار بغداد إن المالكي وطالباني quot;يدركان اهمية اتخاذ قرار بشان هذه المسالة بسرعةquot;. واضاف quot;نحتاج قرارًا الآن، هناك محادثات جارية، وآمل ان يتم التوصل الى هذا القرار بسرعة حتى تجري القيادة العراقية مفاوضات مع الولايات المتحدةquot;.

الا انه شدد على ان quot;هناك تحديات سياسية كبيرة مرتبطة بمسار التوصل الى هذا القرارquot;. وقال ان quot;تحديات سياسية صعبة جداquot; تحول دون توصل القادة العراقيين الى قرار بشان امكانية طلب تمديد بقاء قوات اميركية الى ما بعد نهاية العام الحالي.

وشدد على ان quot;أي اتفاقية مع العراق لإبقاء جنود أميركيين على أراضيه إلى ما بعد نهاية العام الحالي يجب أن تتضمن حصانة لهؤلاء الجنود ضد الملاحقة القانونيةquot;. وأضاف quot;على أن تحظى هذه الحصانة أيضا بتصويت البرلمان العراقي عليهاquot;.

وتنص الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2008 على انسحاب كلقوات الولايات المتحدة من الأراضي والمياه والأجواء العراقيةكافةفي موعد لا يتعدى 31 كانون الأول (ديسمبر) من العام الحالي. وكانت القوات الاميركية المقاتلة قد انسحبت بموجب الاتفاقية من المدن والقرى والقصبات العراقية في 30 حزيران (يونيو) عام 2009.

خطوة نحو حل الخلافات بين المالكي وعلاوي

واعتبرت المصادر العراقية اتفاق القادة على تقديم مرشحين لتولي وزارتي الدفاع والداخلية وبحث مجلس النواب لقانون مجلس السياسات الاستراتيجية خطوة مهمة على طريق انهاء الخلافات بين ائتلافي العراقية بزعامة علاوي ودولة القانون بزعامة المالكي حول هاتين القضيتين وتنفيذا لاتفاقات اربيل بين الكتل السياسية.

وكان رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني طرح في أيلول (سبتمبر) الماضي مبادرة لحل الأزمة السياسية في البلاد، تم اثرها الاتفاق على عدد من النقاط، منها الالتزام بالدستور وتحقيق كل من التوافق والتوازن وإنهاء عمل هيئة المساءلة والعدالة وتفعيل المصالحة الوطنية وتشكيل حكومة شراكة وطنية.

كما تضمن الاتفاق ضمن المبادرة التي تمخض عنها تشكيل الحكومة في اواخر كانون الاول (ديسمبر) الماضي، منح منصب رئاسة الوزراء للتحالف الوطني وتشكيل مجلس جديد أطلق عليه quot;مجلس السياسات الإستراتيجيةquot; تناط رئاسته بالقائمة العراقية وتحديدًا اياد علاوي.

بالنسبة إلى الوزارات الامنية، قالت القائمة العراقية إنها مصرّة على حسم هذا الملف، ولذلك فهي قد رشّحت اربع شخصيات لاختيار احدهم لتولي وزارة الدفاع هم: قيس الشذر وصلاح الجبوري وسالم دلي وعبد الكريم السامرائي وزير العلوم والتكنولوجيا الحالي.

وقد أوضح رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي الاحد ان هذه المشكلة ما زالت قائمة، حيث كان هناك مرشحون لها لم يحظوا بقبول رئيس الحكومة، ويوجد الآن مقترح بتولي بعض الوزراء هذه الوزارات وكالة.

واضاف ان هذا الامر بدأ يثير شكوكًا حول الشراكة الوطنية التي لم تتحقق بالشكل المطلوبحتى الآن من اجل خلق التوازن في الادارة المشتركة للبلد. وأكد عدم وجود خطوات ايجابية في هذا الصدد، وقال ان الخلافات السياسية بين الكتل تحل من خلال القبول بالشراكة وتنفيذ اتفاقات اربيل، محذرًا من ان استبعاد قوى لأخرى عن صنع القرار سيؤدي الى استمرار الخلافات وتفاقمها، ويبقي الثقة في ما بينها ضعيفة.

من جهتها اعتبرت القائمة العراقية أن تفرد المالكي بتسمية المرشحين للوزارتين تنصلاً من اتفاق أربيل الذي أعطى للقائمة الحق الكامل وفق التوافق السياسي بأن ترشح من تراه مناسباً لشغل منصب وزير الدفاع، مؤكدة أنها سترفض التصويت على مرشحي المالكي رفضاً قاطعاً.

وقد رشح المالكي أخيرًا وزير الثقافة الحالي سعدون الدليمي لوزارة الدفاع بدلاً من وزارة الثقافة التي يشغلها حاليًا برغم معارضة العراقية لهذا الترشيح.. فيما رشح لوزارة الداخلية الفريق توفيق الياسري الذي يشغل حاليًا منصب مستشار في الوزارة.. بينما اقترح رياض غريب لوزارة الامن الوطني.

أما بالنسبة إلى مجلس السياسات الاستراتيجية المرشح لرئاسته علاوي فقد كان محل خلاف شديد بين ائتلاف العراقية التي تصرّ على انه مجلس تنفيذي، فيما يرى المالكي انه مجلس استشاري، ويجب ان لا تتعارض مهماته مع صلاحيات الحكومة حتى لايكون quot;دولة داخل الدولةquot; على حد وصف مقربين من المالكي.

يشار الى ان الحكومة العراقية تضم حاليًا 38 وزارة هي الاكبر في تاريخ العراق، وتعتبر الرابعة التي تتشكل منذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003، والثانية التي يرأسها المالكي بعد حكومته الاولى المعلنة عام 2006.