كشف عبد الخالق الشبراوي شيخ الطريقة الشبراوية عن أن نزاهة الصوفيين أقنعت رئيس الوزراء المصري بالموافقة على إطلاق مليونية quot;في حب مصرquot; الجمعة، وأزاح الشبراوي في حديث خاص لـ quot;إيلافquot; الستار عن جدول أعمال المليونية، مؤكداً أن الصوفيين لا يسعون الى التفرقة وانما الى لم شمل الشعب.

عبد الخالق الشبراوي شيخ الطريقة الشبراوية

القاهرة: استبقت مليونية جمعة quot;في حب مصرquot; تنسيقات مختلفة بين قوى سياسية جديدة تتمثل في الطرق الصوفية وبين حكومة الدكتور عصام شرف ونائبه الدكتور علي السلمي، إذ كان الاخير يفضل ان تكون المليونية التي يدور الحديث عنها في قاعة المؤتمرات في مدينة نصر، وربما يعود ذلك بحسب حديث عبد الخالق الشبراوي شيخ الطريقة الشبراوية لـ quot;إيلافquot; الى تحسبات الحكومة من ان تكون مليونية quot;في حب مصرquot; استعراضاً للعضلات، كالتي بدت عليها جمعة quot;وحدة الصفquot;، التي تألفت من جماعات السلفيين والتنظيمات الاصولية، ولم تسمح بقبول الاخر في ميدان التحرير كالحركات الليبرالية وغيرها، الامر الذي اعتبره الشبراوي ورفاقه في جبهة الاصلاح تصرفاً مناوئاً للحرية والديمقراطية، ولا يتسق مع الروح التي أطلقتها ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير.

quot;إيلافquot; أجرت حواراً موسعاً مع عبد الخالق الشبراوي شيخ الطريقة الشبراوية الصوفية، لتتعرف إلى الكواليس التي سبقت الاعداد لجمعة quot;في حب مصرquot;، وما انطوى عليها من اتصالات مع قادة الحكومة المصرية، فإلى تفاصيل الحوار ومحاوره.

لماذا فكرت القوى الصوفية في تنظيم مليونية في ميدان التحرير تحت عنوان quot;في حب مصرquot;؟

في الحقيقة كان هناك توجه نحو الاعداد لمليونية تجمع شمل الشعب المصري بكافة اطيافه السياسية والدينية، والتعبير بها عن التضامن وتوحيد القوى ضد التيارات والتنظيمات المناوئة لوحدة البلاد، ولعل ذلك التشرذم كان واضحاً في اعقاب جمعة quot;وحدة الصفquot; التي اصطبغت باللون السلفي والاصولي، إذ هجرت كافة التيارات الليبرالية ميدان التحرير، اعتراضاً على الشعارات العنصرية التي رفضت مشاركة الآخر، وتعاملت معه بمنطق quot;من ليس معي فهو ضديquot;، وبطبيعة الحال استاءت شريحة كبيرة من المصريين سواء من ينتمون الى الصوفيين او غيرهم، ولأن مصر ليست حكراً على أحد، وان الحكومة اصبحت حكومة الشعب ولم يعد الشعب شعب الحكومة، صدر القرار بتنظيم مليونية تحت عنوان quot;في حب مصرquot; تجمع كافة الاطياف السياسية، خاصة بعدما اطلق البعض على جمعة السلفيين quot;جمعة قندهارquot; في اشارة الى تنفيذ رؤى واستراتيجيات أصولية مستوردة من الخارج.

ولماذا اطلق اسم quot;جمعة قندهارquot; على المليونية التي اصطبغت باللون السلفي؟

جاء ذلك بعد رفع عدد من المشاركين في مليونية quot;وحدة الصفquot; لصور المنشق السعودي زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، واوحى ذلك بوجود عناصر في ميدان التحرير تخدم مصالح راديكالية متطرفة مثل تنظيم القاعدة، ودللت شعارات المشاركين على هذا التوجه، عندما دعوا الى قيام دولة دينية ونبذ الافكار الليبرالية، وتجاهلوا ما ينص عليه الدستور وهو ان مصر دولة مدنية، دولة لكل المصريين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية او العرقية وحتى المذهبية.

من كان اول المبادرين لطرح الفكرة؟

سبق الاعداد لمليونية quot;في حب مصرquot; مناقشات ومباحثات واسعة، هدفت جميعها الى التحرك وتفعيل تلك المشاورات على ارض الواقع، لانقاذ مصر من الانزلاق الى هاوية الحزب او اللون السياسي الواحد، واجمعت جبهة الاصلاح التي تتقدمها اسماء لامعة جاء في صدارتها علاء الدين ماضي ابوالعزائم شيخ الطريقة العزائمية، والدكتور ابراهيم زهران رئيس حزب quot;التحرير المصريquot;، والدكتور مصطفى عبد الجليل وغيرهم، واجمعوا على التشاور مع الاجهزة المعنية في الدولة وفي مقدمتها مجلس الوزراء المصري بقيادة الدكتور عصام شرف، ونائبه الدكتور علي السلمي لإطلاق quot;مليونية في حب مصرquot;.

هل جرى تنسيق بين الصوفيين وقوى سياسية أخرى للمشاركة في المليونية التي يدور الحديث عنها؟

نعم جرى التنسيق بين الصوفيين وسائر القوى السياسية في مصر ووافق البعض على المشاركة فيما اعترض عليها البعض الآخر، الا ان الاعتراض عليها لم يحبط عزيمتنا وقررنا المضي في طريقنا، لاسيما أننا جميعاً مصريون وليست لدينا خلافات مع احد طالما ان استراتيجيتنا واضحة، وهي ان الوطن للجميع وليس حكراً على أحد، ولن نقف امام رؤى اي فصيل سياسي باستثناء الفصائل التي تنفذ اجندات خارجية، فلسنا ممثلين عن اسامة بن لادن او لغيره من الارهابيين، نحن نعمل جميعاً ضد الارهاب.

إذا كان هذا هو الهدف، فلماذا اعترضت حكومة شرف وربما قيادات في المجلس العسكري على اقامة مليونية quot;في حب مصرquot;؟

في الحقيقة لم يكن اعتراضاً وانما كانت تحسباً من تفهم مليونية quot;في حب مصرquot; على انها مليونية تتحدى فصيلا سياسيا او دينيا في مصر، ولكننا اوضحنا وجهة نظرنا خلال المباحثات المباشرة التي جرت مع الدكتور عصام شرف ونائبه الدكتور علي السلمي، وفي نهاية المطاف اقتنع الجميع بعدالة اهدافنا وأمانة ما نرنو اليه لصالح وطننا العزيز مصر.

ولكن الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء اقترح ان تكون المليونية بعيداً عن ميدان التحرير، وخص قاعة المؤتمرات بمدينة نصر لتكون مقراً لها؟

كما قلت في بداية حديثي، كانت هناك تحسبات من صدامات قد تنشب بين الصوفيين وتيارات سياسية ومذهبية أخرى، الا اننا اثبتنا حسن نوايانا، وكان الاصرار بأن تخرج المليونية من ميدان التحرير كغيرها من المليونيات الشعبية التي انطلقت منذ الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير، وابلغنا رئيس الوزراء بأن المليونية ستبدأ من الساعة الخامسة مساء يوم الجمعة وتنتهي في تمام الثانية عشرة من مساء اليوم ذاته او قبل ذلك.

وكيف إذن تم التراجع عن الموقف والسماح بإطلاق المليونية؟

نزاهة موقفنا وايمان رئيس الوزراء بعدالة هدفنا كان حافزاً لمجلس الوزراء وكافة الاجهزة المعنية بالموافقة على انطلاق مليونية quot;في حب مصرquot; من ميدان التحرير، فلسنا ممثلين عن جهات اجنبية، كما ان ما يعنينا هو لم شمل الشعب المصري والالتصاق بوطنيتنا وقوميتنا، والخروج بمصر الى آفاق رحبة تتخذ من العمل ركيزة للتقدم واللحاق بركب الازدهار.

ما جدول الاعمال الذي وضعته الطرق الصوفية خلال فعاليات المليونية؟

جدول الاعمال سيبدأ من ميدان التحرير في تمام الساعة الخامسة من مساء الجمعة وينتهي الساعة الثانية عشرة من مساء اليوم عينه، حيث ستقام الموائد الرمضانية quot;موائد الرحمنquot;، التي سيُدعى اليها كافة شرائح الشعب المصري مسلمين ومسيحيين في محاولة لخلق اجواء من الدفء الشعبي بين كافة الاطياف السياسية والمذهبية والدينية، كما ان المليونية لن تخلو من الكلمات والخطابات التي تدعو الى لم شمل الشعب المصري ونبذ الفرقة والعنصرية، التي قد تدعو اليها تيارات لا تريد استقرار مصر ما بعد مبارك.

عبد الهادي القصبي رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية سبق واعلن عدم موافقته على اطلاق المليونية وقال ان المشاركين فيها لا يمثلون الصوفيين، فما تعليقك؟

عبد الهادي القصبي لا يمثل سوى نفسه، إذ ان مجلسه بات منحلاً انطلاقاً من الشرعية الثورية، وما زال اقطاب واعضاء مشايخ الطرق الصوفية معتصمين حتى الان في مقر المشيخة، اعتراضاً على تولي القصبي رئاسة المجلس، واوضحنا موقفنا في تلك الاعتصامات من القصبي، إذ ان قرار تعيينه كان ممهوراً بتوقيع رأس النظام السابق، بعيداً عن رغبة كافة الطرق الصوفية، ونعتبر انه احد فلول الحزب الوطني، خاصة انه كان عضوا في لجنة سياسات الحزب الوطني المنحل، انطلاقاً من ذلك لا نتعامل مع القصبي على انه لا يزال في منصبه، وانما نعتبره صوفياً لا يمثل سوى نفسه فقط وليست له وصاية على اي من الطرق الصوفية في مصر.

هل ستستطيع الطرق الصوفية إقناع الرأي العام بوجودها على خارطة مصر السياسية؟

من الإجحاف ان نتجاهل تغلغل الصوفية لدى المصريين بمختلف شرائحهم وزعمائهم، لقد كان الرئيس المصري الراحل انور السادات صوفياً، كما ان ابراهيم الدسوقي وزير الاوقاف الاسبق كان صوفياً، مثلهم في ذلك مثل الدكتور ابراهيم زهران رئيس حزب quot;التحرير المصريquot;، وعليه فإنه لا يجوز الحديث عن الصوفية او الصوفيين بأنهم بمنأى عن ممارسة الحياة السياسية، وما يُشاع حول عدم صلاحية الصوفيين للممارسة السياسية كان من صنيعة النظام السابق، الذي كان ينبذ من يعارضه، ولم يحتضن النظام البائد سوى إنصاف الصوفيين، الذين عكفوا على مداهنة ورياء النظام وذيوله، ولا أذيع سراً عندما اقول ان عبد الهادي القصبي كان في طليعة هؤلاء المداهنين، وكثيراً ما خلع ألقاباً من عندياته على أذناب النظام السابق وفي مقدمتهم صفوت الشريف وزكريا عزمي، إذ اقنعهم بأنهم من نسل آل بيت رسول الله، الى غيره من ألوان النفاق.

وعلى اي حال فإن مليونية quot;في حب مصرquot; التي بادر اليها الصوفيون ستزيد من قناعات الشعب المصري بوجود الصوفيين ومكانتهم على الخارطة السياسية ومصر ما بعد مبارك، وان ما اشيع حول الاستخفاف بهم كان محض افتراء، لأن من الصوفيين العلماء واساتذة الجامعات والاطباء وكوادر عسكرية رفيعة المستوى في الشرطة والجيش.