مصراته: شهدت مصراته المتمردة البعيدة عن عاصمة المتمردين والقريبة بشكل خطير من عاصمة النظام، معارك عنيفة لكنها تتعافى اليوم شيئا فشيئا.

وتحمل المدينة في كل مكان اثار معارك عنيفة استمرت عدة اشهر خلال الربيع حتى تمكن المتمردون من دحر قوات القذافي وفك الحصار عنها بفضل غارات حلف شمال الاطلسي.

وما زالت المدينة الساحلية التي كانت تضم نصف مليون نسمة قبل اندلاع الانتفاضة منتصف شباط/فبراير، تتعرض لقذائف قوات الزعيم معمر القذافي التي انسحبت لكنها تتمركز على بعد بضعة عشرات الكيلومترات فقط.

وباتت المدينة لا تشبه بنغازي او اجدابيا، شقيقتيها في التمرد شرق ليبيا بل اقرب الى ساراييفو بعد الحرب او الى مدينة اجتاحها زلزال كبير كما تشير الى ذلك جملة كتبت على الجدار quot;مرحبا في مصراته غرادquot;.

وعلى طول شارع طرابلس المحور الاساسي في المدينة الذي طالما كان خط الجبهة، لم تسلم اي عمارة على طول كيلومترين وما زال حطام الحاويات والسيارات على الارصفة.

وكانت المعارك عنيفة في معظم المباني من متاجر وشقق ومكاتب اصبحت واجهاتها مليئة بالثقوب وتشبه منحوتات كبيرة تظهر فيها هياكل حديدية حولها قليل من الاسمنت المسلح.

لكن الان وقد طرد قوات القذافي من ضواحي المدينة يحاول السكان وسط كل هذا الحطام استعادة حياتهم العادية.

واكد شعبان مصطفى بادي (38 سنة) انه كان اول من فتح متجر بيع قطاع السيارات في نهاية ايار/مايو على الشارع الكبير.

وعلى غرار اخرين كثيرين نهبت قوات القذافي متجره عندما كانت تبحث خصوصا عن بطاريات ولم يبق له ما يبيع سوى ما تركه الجنود. لكنه يشير باصبعه الى الشارع الذي يكاد يكون ايضا خاليا ويقول انه ليس هناك ايضا الكثير من المشترين.

واوضح الرجل وهو اب سبعة ابناء ان quot;الناس لا يملكون مالا. فاما ان اعطي القطع مجانا او اقرضها المشترين (...) الوضع كان افضل من قبل لكنني اتمنى ان يعود النشاط الى الشارع بسرعةquot;.

ومقابله فتح حسن عبد الله الزوبي ايضا متجره لبيع المشروبات غير الكحولية والتجهيزات الالكترونية. لكنه يعاني من المشاكل نفسها وحتى رمضان لم يساعده على زيادة مبيعاته.

ويتقاضى معظم سكان المدن الليبية رواتبهم من الحكومة. لكن في مصراته لم يتقاض اي موظف راتبا منذ اشهر وبات اصعب من قبل التنقل بسبب ندرة البنزين الذي يضطر سائقو السيارات القلائل الانتظار ساعات طويلة امام محطات البنزين من اجل الحصول عليه.

لكن الحرب ليست بعيدة كثيرا اذ تعبر سيارات المقاتلين المكشوفة وسيارات الاسعاف بانتظام المدينة بسرعة كبيرة بعضها محمل بالذخيرة ومتوجهة الى الجبهة والبعض الاخر بالمقاتلين الجرحى.

ويعاني السكان خصوصا من القذائف التي ما زالت تسقط تقريبا يوميا، ورغم انها تتسبب في القليل من الضحايا لكن وقعها المعنوي كبير.

وروى شعبان مصطفى بادي ان ابنته التي لا يتجاوز عمرها ستة اشهر، ترتعد خوفا وبقية اطفاله يبكون ويفرون مع كل انفجار بينما على بعد امتار من متجره ما زالت قطعة قذيفة بين حطام متناثر في مكان يلهو فيه الاطفال.

وفي شارع طرابلس باتت معظم المباني مهجورة.

لكن رغم الجحيم الذي دام اشهرا يبدو ان السكان مصممون على مواصلة الكفاح ضد معمر القذافي والمضي قدما. وقال بادي ان quot;سيعاد بناء مصراتهquot; مؤكدا انه quot;يكفي فقط ان يرحل ذلك الرجلquot;.