لميس فرحات: يتخوف الليبيون من تسلل إسلاميين متشددين بين صفوف الحكومة الثورية، بعدما إدّعت عائلة اللواء عبد الفتاح يونس أنه سُلّم واثنين من معاونيه إلى ميلشيات إسلامية بناء على تعليمات من الحكومة، وأنهم أحيلوا إلى ميليشيا أخرى أطلقت النار عليهم ومثلت بجثثهم، كما جاء في تقرير لصحيفة quot;صنداي تايمزquot; البريطانية.

وقد أثار مقتل الثلاثي في 28 تموز/يوليو اكبر ازمة تواجهها حكومة الثورة الليبية منذ انطلاقها في شباط (فبراير). وفي الاسبوع الفائت حُلّت الحكومة بكاملها، فيما سعى المجلس الوطني الانتقالي جاهداً إلى إعادة الثقة بين أبناء الشعب الليبي ومن يسانده في الغرب.

وأشارت الـ quot;صنداي تايمزquot; إلى أن عائلة يونس توصلت إلى قرار بضرورة الإعلان عن رأيها لأنهم يرون أن إجراءات التحقيق الحكومي الموعود تسير ببطء وكتمان، ونقلت الصحيفة عن حسام يونس، الذي كان من بين الحرس الشخصي لوالده، قوله quot;جرى تسليم والدي الى كتيبة إسلامية قامت بقتلهquot;.

وأضاف أن تلك الكتيبة تدعى quot;كتائب ابو عبيدة بن الجراحquot;، وهي جماعة متشددة لدرجة إنها رفضت مواصلة القتال عندما بدأ ائتلاف الـquot;ناتوquot; بقصف قوات العقيد معمّر القذافي، بحجة إن أفراده لا يقاتلون جنبًا إلى جنب مع quot;الكفرةquot;.

ولا تزال ميلشيات ابو عبيدة تعمل باعتبارها قوة أمن داخلية في الظل. وقد أكد أحد كبار المسؤولين الحكوميين في الاسبوع الفائت ان القيادة السياسية لم يكن لها ضلع في عملية نقله التي أدت إلى مقتله.

وكان اللواء يونس في مكتبة في أجدابيا، على بعد 130 ميلاً شرق بنغازي، يراجع خططاً تتعلق بمهاجمة بلدة البريقه النفطية عندما وصل مصطفى ربعة، وهو عضو في ميليشيا إسلامية، وأصرّ على أن يسلّم يونس شخصياً أمراً بإلقاء القبض عليه.

وأضافت الصحيفة: quot;قرأ يونس القرار، وقذف به على مكتبه، وقال معنفًا quot;ليس لديّ وقت للذهاب كي ألعب مع هؤلاء الأطفالquot;، نقلاً عن ماجد خميس، الذي كان في المكتب في ذلك الوقت.

وأشارت الـ quot;صنداي تايمزquot; أن القرار ينص على quot;القاء القبض على عبد الفتاح يونس، وإيداعه الحجز إلى أن يبدأ التحقيق معهquot;. وقد وقّع عليه علي العيسوي، نائب رئيس الوزراء. وقد رفض ثلاثة من الضباط برتبة عقيد وردت أسماؤهم باعتبارهم الضباط المسؤولين عن إلقاء القبض على يونس، التعاون في هذا الأمر، ما جعل الحكومة بشكل يدعو الى الاستغراب الى استدعاء المدعو ربعة، الذي لم يكن في صفوف الجيش.

وقال ماجد خميس إن مقر القيادة أُحيط بأكثر من 50 سيارة، من بينها شاحنات عليها مدافع رشاشة ثقيلة وأسلحة مضادة للطائرات. ولم يتمكن يونس من الإتصال بمصطفى عبد الجليل، زعيم الحركة الثورية، هاتفياً، لكنه تحدث إلى جمعه الجازوي، أحد كبار القضاة، الذي قال إن اللجنة التنفيذية تريد أن تستفسر منه عن quot;بعض الشؤونquot;، وضمن له سلامته.

طلب يونس من حرسه الخاص جلب ملابس له، وألا يقاوموا اعتقاله، قائلاً إن quot;الأمر سيتحول الى مجزرة اذا تقاتلناquot;. وقد جلس خميس والعقيد ناصر المختار في إحدى السيارات تحت حراسة مشددة، وغادرا المقر في حوالي الحادية والنصف صباحًا. وتعتقد العائلة أن الحكومة أرادت أن تستجوب يونس عن شائعات بأنه سرّب معلومات عسكرية الى حكومة القذافي.

وأشارت الصحيفة إلى أن السيارات انتقلت إلى أحد المعسكرات في بنغازي، حيث ألقى عدد كبير من المسلحين القبض على الحرس الشخصي ليونس. وقد تبين للعائلة أن الضباط الثلاثة نُقلوا الى المعسكر عن طريق باب خلفي، وسُلّموا الى افراد من ميلشيا quot;أبو عبيدةquot;، قاموا بنقلهم بالسيارة الى المقر الرئيس لقيادتهم.

وفي الاسبوع الماضي، تعهدت الحكومية الثورية بوضع الميلشيات تحت سيطرتها. وكل من يعصى سيفصل، لكن تلك الوعود لم تتحقق. وأشارت الـ quot;صنداي تايمزquot; إلى أن عمليات القتل أثارت موجة من الفوضى في القيادة الثورية، في حين تعهد الناطق باسم الثورة، عبد الحفيظ غوجا، بأن الحكومة quot;ستعيد النظر في الوضع، وستركز على الجهود القتالية والامن الداخليquot;.

واكدت الحكومة الثورية انه quot;لا مكان للمتطرفين في الثورةquot;، لكن الدبلوماسيين باتوا غير متفائلين تجاه هذه الادعاءات. وختمت الصحيفة نقلاً عن أحد الدبلوماسيين الغربيين قوله: quot;ندرك أن الاسلاميين يتكاثرون في صفوف الثوار منذ زمن بعيد، لكننا اخترنا أن نغمض أعيننا، ونقول إنهم ليسوا إلا قلة، ويمكن السيطرة عليهم. ولكنني لم أعد واثقاً من ذلك الآن. إن الوضع يتسم بالفوضىquot;.