دعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى التحقيق في الاتهامات الموجّهة إلى أجهزة الأمن البريطانية بالتورّط في نقل المشتبه بانتمائهم إلى تنظيم القاعدة إلى ليبيا. وجاءت دعوة كاميرون بعد نشر معلومات تفيد بأن تعاونًا وثيقًا كان موجودًا بين أجهزة الأمن الليبية وأجهزة الأمن البريطانية والمخابرات المركزية الأميركية.


Libyans search for documents inside Abu Salim prison, Libya's most notorious prison of Gadhafi's regime and the scene of a 1996 massacre of prisoners, in Tripoli, Libya, Saturday, Aug. 27, 2011. (AP Photo/Francois Mori)
كاميرون يعد بالتحقيق حول التعاون المفترض بين الاستخبارات البريطانية والقذافي

لندن: أعلنت اللجنة المستقلة المكلفة التحقيق في ممارسات اجهزة الاستخبارات البريطانية أنها ستتحقق من الاتهامات الموجّهة إلى لندن بأنها تعاونت بشكل وثيق مع أجهزة العقيد القذافي الاستخباراتية ذهبت الى حد تسليمها معتقلين.

وقال متحدث باسم اللجنة ان quot;تحرياتنا تتعلق بمدى تورّط السلطات البريطانية ومدى معرفتها بسوء المعاملة التي تعرّض لها المعتقلون بما في ذلك تسليمهمquot; إلى ليبيا.

واضاف quot;من ثم سندرس الإدعاءات التي تقول إن بريطانيا ضالعة في تسليم ليبيا سجناء، وهذا يدخل ضمن مهمتناquot;، موضحًا أن اللجنة ستطلب quot;معلومات اكثر من الحكومة والوكالات الحكومية في اقرب فرصةquot;.

وتفيد وثائق سرّية أن الاميركيين والبريطانيين تعاونوا بشكل وثيق خلال العقد الماضي مع استخبارات النظام الليبي،حتى إنهم قاموا بتسليمه سجناء لاستجوابهم.

من بين هؤلاء السجناء رئيس المجلس العسكري للثوار في طرابلس عبد الحكيم بلحاج، الذي طلب الاثنين اعتذارات من لندن وواشنطن. وتفيد الوثائق أن البلدين سلّما بلحاج إلى النظام الليبي في 2004 عندما كان معارضًا، وأنه تعرّض للتعذيب.

وقال متحدث باسم رئاسة الوزراء البريطانية quot;لا اعتقد أن لدينا صورة كافية الوضوح لهذه الاتهامات وفقًا لما لدينا من مستندات. لهذا السبب فإن لجنة التحقيق يمكن أن تكون في موقع أفضل لدراسة هذه المسألة بجديةquot;.

لكنه أضاف quot;من الجلي أن حماية الرعايا البريطانيين تتطلب منا العمل معكل حكومات العالم (...) بعضها لا يشاركنا بالضرورة مبادئنا، لكن علينا القيام بما يجب لمحاربة الإرهاب وحماية مواطنيناquot;.

ودافع جاك سترو، وزير الخارجية العمالي أثناء هذه الوقائع، في تصريح للبي.بي.سي عن موقف الحكومات البريطانية المتعاقبة، وقال quot;اننا لم نقرّ أبدًا هذه الاساليب، ولم نكن أبدًا شركاء متآمرين، بل ولم نغمض أيضًا أعيننا عنهاquot;.

الا انه اعترف بأن quot;لا أحد من وزراء الخارجية كان قادرًا على معرفة تفاصيل ما تقوم به أجهزة المخابرات طوال الوقتquot;، معتبرًا مع ذلك أنه من quot;المهم جدًاquot; أن تتولى لجنة التحقيق هذه القضية.

وكانت لجنة quot;غيبسونquot;، التي تحمل اسم القاضي المتقاعد الذي يتولاها، كلفت قبل عام من قبل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون النظر في اتهامات وجّهت الى جهازي ام اي-5 وام اي-6 بالتواطؤ في عمليات تعذيب في إطار الحرب على الإرهاب بعد اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر.

وأكثر اتهامات بسوء المعاملة لقيت تغطية إعلامية واسعة صدرت من أثيوبي اعتقل في غوانتانامو لأكثر من أربع سنوات. وأكد الأثيوبي أن عميلاً في جهاز الاستخبارات الداخلية البريطانية (ام اي-5) هو الذي قدم مجموعة الأسئلة التي طرحت عليه اثناء استجوابه الذي أرفق بممارسات تعذيب بعد توقيفه في 2002. لكن اللجنة لم تبدأ أعمالها بعد.

بدوره، أكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مساء الاثنين أن تحقيقًا سيفتح quot;قريبًا جدًاquot; بشأن تلك الاتهامات. وقال كاميرون في مجلس العموم بعد عودته من عطلته الصيفية إن المزاعم الأخيرة كانت quot;كبيرةquot;، وستدرس quot;بعنايةquot; من قبل لجنة تحقيق برئاسة السير بيتر جيبسون. وأضاف كاميرون quot;لقد تم الإبلاغ عن اتهامات كبيرة اليوم بأن العلاقات بين أجهزة الأمن البريطانية والليبية كانت شديدة الصلة لا سيما في عام 2003quot;.

وقال كاميرون إن الحكومة البريطانية شكلت لجنة غيبسون للتحقيق في الإدعاءات على نطاق أوسع حول سوء معاملة الإرهابيين المشتبه فيهم، كما إنها تدرس مطالبات جديدة.

وأوضح quot;لقد طلبنا من السير بيتر غيبسون دراسة المسائل حول مزاعم بسوء معاملة المشتبه في أنهم إرهابيون في الخارج والتحقيق، وسبق أن أعلنت، وسوف ننظر في هذه التهمة الأخيرة بحذر شديدquot;.

وقال quot;لقد كنت مهتمًا طوال الفترة الماضية بالتعامل مع هذه الاتهامات التي تشير إلى وقوع ممارسات خاطئة من خلال قيام الأجهزة الأمنية بالحصول على معلومات من أشخاص مشتبه فيهم، ولم يسمح لهم بالتعبير عن أنفسهمquot;.

كما دعا كاميرون القذافي إلى المثول أمام العدالة، وعدم السماح له بالهرب او منحه مكانًا للاختباء به. ولفت الى ان بريطانيا كانت في طليعة الدول التي قدمت مساعدات عسكرية في حملة الناتو لحماية المدنيين في ليبيا.

وقال كاميرون إن quot;بريطانيا نشرت 2300 من جنودها في هذه العملية، اضافة الى تقديم 36 طائرة، بينها 16 من طراز تورنادو وست طائرات هليكوبتر هجومية وطائرات استطلاع وطائرات هليكوبتر، لتقديم الدعم إلى عمليات الناتو، اضافة الى تخصيص ثمان سفن حربية وغواصةquot;.

واضاف ان quot;المهمة في ليبيا لم تنته بعدquot; وقوات الحلف ستواصل القيام بعمليات لحماية المدنيينquot;، مؤكدًا quot;اننا على استعداد لتمديد ولاية حلف شمال الاطلسي، اذا كان ذلك ضروريًاquot;.

كما تعهّد كاميرون بدعم الشعب الليبي في محاكمة معمّر القذافي في سبيل تحقيق العدالة، مشيرا الى ان quot;هذا الرجل ارتكب جرائم تبدو أكثر وضوحًا كل يوم، وهو مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدوليةquot;.