يبدو أن النزاع على تقاسم السلطة في ليبيا بدا جلياً في الإنقسامات التي تظهر بشكل واضح بين الثوار وقادتهم.


بيروت: دعا رئيس المجلس الوطني الانتقالي محمود جليل الثوار الليبيين إلى التغلب على العشائرية والنزاعات والمشاحنات السياسية التي نشبت بين قادة الثوار في وقت حرج من المرحلة الانتقالية. وفيما تستمر النزاعات على المناصب في أروقة السلطة في طرابلس، تظهر الإنقسامات بشكل واضح بين الثوار وقادتهم حتى قبل الإعلان عن quot;تحريرquot; ليبيا رسمياً.

ويرفض المقربون من قائد المجلس العسكري للثوار في طرابلس عبد الحكيم بلحاج، محاولة رئيس الوزراء المؤقت محمود جبريل لوضع جميع القوى المناهضة للقذافي تحت سيطرة المجلس الوطني الانتقالي.

ويعكس هذا الإختلاف مدى عمق الانقسامات بين المجلس الانتقالي الذي يسيطر عليه المتمردون من بنغازي، وبين مراكز السلطة في طرابلس وليبيا الغربية، التي لم تمثّل بالشكل المناسب في المجلس. وكثيراً ما يرفض الثوار الحديث عن انقسامات في صفوفهم، وينكرون هذه الأحاديث اثناء إطلاقهم النار فرحاً بالإنتصار على العقيد الليبي معمر القذافي.

ونقلت صحيفة الـ quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; عن الضابط صالح مبروك الذي سئل عن الصراع على السلطة بين الشخصيات الليبية الرئيسية، قوله: quot;لا يوجد فرق بين بنغازي وطرابلس، كلنا واحد وليبيا واحدةquot;.

وفي صورة توضح الإنقسام بين مؤيدين ومعارضين لجبريل، وصل رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل إلى طرابلس قادماً من بنغازي للمرة الاولى يوم السبت، والمصالحة الوطنية على رأس أولوياته. لكن رئيس المكتب التنفيذي للمجلس محمود جبريل وصل تحت الرصاص المنهمر اثناء زيارته للمدينة.

وقال أنيس الشريف، المتحدث باسم المجلس العسكري طرابلس، إن quot;جبريل ليس موضع ترحيب هنا. انه لا يمثل أحداً. لقد تخلصنا من الديكتاتور للتو ولا نريد واحداً آخرquot;. وأعلن جبريل عن الدفع باتجاه الحكم المدني يوم السبت، شاكراً quot;أبطالquot; الثورة الذين قاتلوا بمساعدة من حلف شمال الاطلسي لإسقاط النظام السابق.

وأثنى جبريل بشكل خاص على quot;قادةquot; الجماعات التي تقاتل، وخاصة أولئك الذين quot;حرصوا على الحفاظ على النصر في العاصمة طرابلسquot;، مضيفاً quot;يجب القيام بكل ما يتطلب لتنفيذ شرعية المؤسسة الشرعية الوحيدة للحكومة في ليبيا، وهي المجلس الوطني الانتقاليquot;.

وقال جبريل انه سيتم الاعلان عن حكومة انتقالية جديدة في غضون 10 ايام وتضم ممثلين من كل ليبيا بما فيها تلك المناطق التي ما زالت تحت الحصار ولم تتحرر بعد، لكنه ذكر أيضا أن جميع القوات المسلحة ستكون تحت سلطة المجلس الانتقالي.

وقدم جليل لمحة عن أهداف المجلس السياسية، مشيراً quot;نحن نسعى إلى إقامة دولة يحكمها القانون والرفاه. وينبغي أن تكون الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للقانونquot;. واشارت الصحيفة إلى أن الإنقسامات بين القوى المناهضة للقذافي ليست محصورة على طرابلس فقط، ففي مدينة على حافة الجبال الغربية في ليبيا، قتل عشرات من الثوار بعضهم البعض في مناوشة يوم الأحد، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال عبد الأديم محرم، لواء من طرابلس أن هناك العديد من التقارير التي تُقدم حول مشاحنات بين الثوار في البلدة منذ ليلة الأحد. وتحدث عن التناقضات والسلوكيات الخاطئة بسبب الإختلاف بين الثوار بالقول: quot;بمجرد أن نصل إلى أحد المنازل، يقول أحد المقاتلين من قبيلة بني وليد: هذا بيت ابن عمي، اتركوه. وما أن نهم بالرحيل حتى يطلقون علينا النار من داخل المنزلquot;.

وثمة مشكلة أخرى أثارت غضب المقاتلين في طرابلس، وهي القناصة. فيقول محرم: quot;عندما نلقى القبض على أحد القناصة، يقول مقاتلو بني وليد أنه قريب لهم وانهم سيتولون الامر، وسرعان ما نكتشف انه قد تم إخلاء سبيله بعد بضعة ساعاتquot;.

ويشار إلى أن هذا الإنقسام لم يشكل مفاجأة لليبيين وكان من المتوقع حدوثه، quot;فمنذ البداية كانت هناك تناقضات كبيرة بين قبيلة ورفلة وقبيلة بني وليد، وليس فقط بسبب الاختلافات في الرأي، إنما بسبب مدى تطرف آراءهما: واحدة منحازة للغاية للقذافي، والأخرى معارضة جداً لهquot; وفقاً لنزار مهني، الناشط المناهض للقذافي في طرابلس.