صورة مركبة للناشط الأمازيغي مازيغ بوزخار

ظلت الحركة الأمازيغية الليبية حاضرة في التحركات التي عرفتها نظيرتها المغاربية منذ سنوات، و لا يمكن الحديث اليوم عن الثورة الليبية دون الوقوف عند الدور الذي لعبه نشطاء الحركة في دحر نظام القذافي باعتبارها كانت أول من عانى ويلاته، والتي تستعد، اليوم، للدخول في عهد جديد من تاريخها.


يُجمع الملاحظون على أن الأمازيغ الليبيين يعيشون اليوم فترة جديدة، استعادوا فيها الانتماء إلى هويتهم الأمازيغية بفتح المجال لأنفسهم لمعاودة معانقة ثقافتهم بتجلياتها المتعددة، في تصالح جميل مع الذات، من المرتقب أن ينتقل بهذه الثقافة إلى المزيد من الازدهار.

ففي زمن العقيد الليبي المتواري عن الأنظار معمّر القذافي، كان النظام يراقب حتى التحية، فالشخص الذي يحيي شخصا آخر بالأمازيغية كان عليه أن يحذر وإلا سيجر إلى غرف تحقيق quot;نظام الجماهيرية العظمىquot;، أما إن تعلق الأمر بتحركات من نوع آخر في نطاق الحركة الأمازيغية فكان الأمر أخطر بكثير على أصحابه.

الأخبار الواردة من المناطق الأمازيغية خصوصا quot;نفوسةquot; تفيد أن الأمازيغ الليبيين يعيشون حلما لم يكن يخطر بالبال قبل مدة، و عاد الفعل الأمازيغي إلى ديناميته اليومية، بل وبأشكال متقدمة، حيث ظهرت منابر إعلامية بالأمازيغية، وفتح الباب للأطفال لتعلمها، كما انطلقت الفعاليات المؤمنة بجدوى هذا المكون الثقافي لليبيا في العمل على تحضير مشاريع ثقافية.

ويعتبر الناشط الأمازيغي مازيغ بوزخار في حوار لـquot;إيلافquot; أن quot;الليبيين هم من أصول أمازيغية تاريخيا (حتى لو ضاع اللسان الأمازيغي)، فنحن ننظر إلى أن في ليبيا الأغلبية الساحقة من الليبيين هم أمازيغ مع وجود فئات أخرى ذات أصول تبوية (وهي أصول ليبية عريقة) و أصول وافدة عربية وتركية ويونانيةquot;.

القذافي والممارسات القمعية إزاء الحركة الأمازيغية

يعرف بوزخار فترة حكم القذافي في علاقتها بالحركة الأمازيغية على أنه quot;قام بمحو الهوية الأمازيغية لليبيا من خلال زرعه الايديولوجية العروبية المستوردة ليحكم بها الليبيين وليزرع الوهم في عقولهم بالخطاب من خلال وسائله الإعلامية و المناهج الدراسيةquot; بحسب تعبير محدثنا.

ويقول الناشط الأمازيغي: quot;عمل على إبعاد الليبيين من جذورهم التاريخية ورصيدهم الحضاري والتاريخي الأمازيغي. بل قام نظام القذافي بممارسة القمع على رموز الحركة الثقافية الأمازيغية في ليبيا منذ فترة الثمانيناتquot;.

ويضيف في توصيف لممارسات نظام القذافي إزاء نشطاء الحركة، quot;كان يقوم بزج النشطاء الأمازيغ في السجون ومحاولة اغتيال أبرز رموز الحركة في ليبيا كالكاتب سعيد سيفاو المحروق في فترة 90quot;.

ويزيد قائلا عن هذا الكاتب: quot;لقد عاش مقعدا بعد محاولة الاغتيال التي نجا منها، وللكاتب إنتاجات بالأمازيغية من شعر وقصص ودراسات الأمازيغيةquot;. ويستعرض تجربته الشخصية مع قمع القذافي بقوله quot;لقد كنت أنا و أخي مادغيس سجناء من أجل القضية الأمازيغية، لقد تمت مصادرة مكتبتنا الخاصة والتي تحتوي على أكثر من 500 كتاب في اللغة و الثقافة الأمازيغيةquot;.

ويضيف quot;كما تمت مصادرة أرشيف صور وفيديوهات وصوتيات وأجهزة كمبيوتر محمول ووثائق إثبات الهوية وكل أوراقنا الخاصة، وألقي بنا في سجون النظام في كانون الأول/ ديسمبر من عام 2010 إلى أن تم الإفراج عنا مع اندلاع الثورةquot;.

وفي السياق نفسه يتابع، quot;لقد قدم هذا النظام الفاشل والدكتاتوري تجربة عقيمة لبناء دولة وخلق دولة المواطنة في ليبيا، بل استمر النظام في خطابه الإيديولوجي لمحو الهوية التاريخية الأمازيغية لليبيا ولشمال افريقيا، وصنع شعب بلا تاريخ وبلا هوية وانتماء للجذور، هذا الوطن اسمه ليبيا (ليبيا جزء لا يتجزأ من بلاد تمازغا)quot;على حد قوله.

حاضر ومستقبل الأمازيغية في ليبيا

وانضم الأمازيغ في ليبيا إلى الثورة بمجرد اندلاعها، يفيد ضيفنا، حيث quot;برزت صحافة حرة في المناطق الناطقة بالامازيغية من خلال صحف مستقلة باللغتين الامازيغية والعربية بل كذلك شاركوا بفعالية في جبهات القتال لدحر كتائب الطاغية القذافي التي كانت تهدد المدنيين العزل وفي تحرير طرابلسquot;.

وأشار بوزخار في الاتجاه ذاته إلىأن quot;نشطاء الحركة الأمازيغية في ليبيا لهم وجود في داخل المجلس الانتقالي ولهم حضور في الساحة الثقافية والسياسية في ليبيا، بل لدى الحركة الثقافية الأمازيغية في ليبيا مشروع تصور لليبيا (تحت مسمى ليبيا الدولة الجديدة)quot;.

ويرى الناشط الأمازيغي مستقبل الأمازيغية في ليبيا أنه سيكون أفضل quot;برد الاعتبار لها كجذور وكهوية تاريخية لليبيا مع بناء دولة ديمقراطية تعددية دستورية، تدستر فيها الأمازيغية وستكون الأمازيغية بذلك هي بادرة لوضع ليبيا الجديدة في محيطها المغاربي والمتوسطيquot;.

وبحسب ضيفنا، الحركة الأمازيغية الليبية لها تصورها لليبيا الجديدة، وquot;بعثت نسخة منه إلى المجلس الانتقالي بل سوف يتم عرض هذا التصور مع المجلس الانتقالي في طرابلس عندما يقوم مجلس بفتح مكتبه في العاصمةquot;.

و عن علاقة الحركة الامازيغية في ليبيا بنظيراتها في شمال إفريقيا، يجيب بوزخار، بكونها تتمتع quot;بحضور واسع في بلدان تامازغا (شمال افريقيا)، ولها مشاركات عديدة في عدة مهرجانات ومنتديات ومؤتمراتquot;. ويضيف الناشط الأمازيغي الليبي أن آخر حضور للحركة quot;كان في ملتقى طنجة لشعوب شمال افريقيا في المغرب هذا العامquot;.