لم تصل حركة 20 فبراير الشبابية في المغرب بعدُ إلى مرحلة النضج السياسيّ.. هذا ما يخلص إليه محللون وسياسيون. فبعد أن سحبت إصلاحات الملك محمد السادس البساط من تحت أقدام قياداتها المتمسكين برفض الانتخابات، بات واضحا أنّ مستقبل الحركة السياسي على المحكّ.


تحرّك إحتجاجيّ سابق لحركة 20 فبراير الشبابية المغربيّة

الرباط: فقدت quot;حركة 20 فبرايرquot; الشبابية الكثير من وهجها، بعد أن سحبت الإصلاحات التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس، البساط من تحت أقدامها.

غير أن هذا لم يكن السبب الوحيد، فالمحاولات المستمرة للتنظيمات الراديكالية للسيطرة على الحركة، أثارت العديد من علامات الاستفهام حول مستقبل 20 فبراير سياسيا، في ظل التحولات التي تعرفها المملكة، كما أنها دفعت البعض إلى أخذ مسافة للتفكير في ما يحدث داخل الحركة.

وكان التصويت على الدستور الجديد إحدى المحطات الفاصلة في مسار quot;20 فبرايرquot;، التي تراجع زخم مسيراتها، وهو ما جعل البعض يتنبأ بموتها مبكرا، خاصة بعد أن ضيّعت فرصة تحولها إلى quot;قوة اقتراحيةquot; في محطة حاسمة من تاريخ المملكة.

وفي هذا الإطار، قال أحمد مدياني، عضو حركة 20 فبراير (فرع الدار البيضاء)، إن quot;مستقبل الحركة مرتبط بالواقع السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي الذي يعيشه المغربquot;، مشيرا إلى أنه quot;لا يمكن الحديث عن موت الحركة ما دام الجانب السياسي يعرف استمرار تقديم نشطائه خدمات إلى فئة معينة، كما أن الجانب الاقتصادي يعرف استمرار احتكار مؤسسات قريبة بشكل كبير من دوائر القرارquot;.

وأضاف عضو حركة 20 فبراير quot;هناك من توقع أن تعبئة الحركة ستكون أضعف بعد الانتخابات، لكنني أقول إنها ستكون أقوى، لأن الحكومة المقبلة لن تكون لديها عصا سحرية لمعالجة المشاكل الاقتصادية التي يعرفها المغربquot;، موضحا أن quot;هذا الأمر سيزيد من قوة حركة 20 فبراير، وسيمكنها من استقطاب فئات أخرىquot;.

إلا أن هذه القوة التي تراهن عليها الحركة قد يصعب امتلاكها، في ظل الحديث عن اختراق 20 فبراير من طرف الدولة، الأمر الذي لم ينفه أحمد مدياني، الذي قال إنه quot;كانت هناك مجموعة من المحاولات لاختراق الحركة، غير أنها ظلت ممانعة ومستمرة بسبب مجموعة من العوامل، منها أنه ليس هناك قائد معين يمكن أن تستهدفه وتسقط معه الحركة، إلى جانب أن اشتغالها الكبير يكون في الشارع. لهذا أؤكد أنه لم يجر اختراق 20 فبراير لا من طرف الأحزاب، ولا من طرف دوائر الدولةquot;.

محاولات السيطرة على الحركة

فرض التصويت على الدستور على بعض التنظيمات اعتماد quot;هدنة موقتةquot;، في محاولة لمنح الدولة مهلة لتطبيق الإصلاحات على أرض الواقع.

ومن بين هذه التنظيمات حركة quot;باراكاااquot;، التي اختارت أن يقتصر حضورها في مسيرات 20 فبراير على الأفراد فقط.

وقال رشيد عباسي، عضو اللجنة الوطنية للحركة، quot;تراجع حضورنا، مقارنة مع الزخم الذي كنا نشارك فيه قبل التصويت الإيجابي على الدستورquot;، مبرزا أن quot;هذا القرار نابع من محاولة إعطاء فرصة للدولة لرؤية مدى تجاوبها مع مطالب الشارع، ومدى تنفيذ الإصلاحات الموعودةquot;.

وأبرز رشيد عباسي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;نشارك حاليا فقط كأفراد في الاحتجاجات، غير أن ما لاحظناه هو وجود مجموعة من المؤشرات السوداء التي ما زالت قائمة، إلى جانب أن مجموعة من الإصلاحات الموعودة لم تفعلquot;.

وأضاف عضو اللجنة الوطنية للحركة quot;كل هذه المؤشرات تظهر أن جميع ما نتطلع إليه ما زال بعيدا، وبالتالي يفرض علينا النزول أكثر من السابق من أجل الحرية والعدالة والديمقراطيةquot;.

وحول احتمال وجود خلافات مع نشطاء 20 فبراير، ذكر رشيد عباسي أنه quot;ليست هناك أي خلافات مع نشطاء الحركةquot;، مشيرا إلى أن quot;هناك دائما نقاشات عادية، وحركة باركااا من 20 فبراير، التي تضم مجموعة من المكوناتquot;.

وأكد عضو اللجنة الوطنية quot;بروز بعض التنظيمات الراديكالية التي تريد الهيمنة على الحركة وتوجيهها بهدف تصفية حساباتها السياسية، إلا أن هذه المسألة تصدينا لها بقوة كأعضاء 20 فبراير في المدنquot;.

وأضاف رشيد عباسي quot;نحن كحركة باركااا نعتبر أنه دائما يجب أن نبقى مجتمعين، والقاسم المشترك بيننا هو أن تكون مطالب الشارع في إطار ما هو متضمن في أرضية 20 فبراير، أما الشعارات الخارجة عما جاءت به الأرضية التأسيسية فنقول إنها نوع من المغامرة، وخروج عن إجماع شباب 20 فبرايرquot;.

غياب النضج السياسي

أثارت مواقف quot;20 فبرايرquot; بعد التصويت على الدستور، وانخراط مختلف المكونات في الإعداد للانتخابات المبكرة، العديد من التساؤلات حول مدى النضج السياسي لهذه الحركة.

وجاءت أكثر الانتقادات من الأحزاب التي ترى أن المطالب التي تنادي بها الحركة ليست منطقية، في ظل التحول الذي يعرفه المغرب.

وفي هذا الإطار، قال عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية (المعارضة)، quot;لاحظت أن عدد المشاركين في مسيرات الحركة، في الأسبوع الماضي، كان أكثر من الأسابيع السابقة، غير أن ما فاجأني هو ما جرى ترديده من مطالب تدعو إلى حل البرلمان ومقاطعة الانتخاباتquot;.

وتساءل عبد الإله بنكيران، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;ما يريد نشطاء الحركة أن نقوم به. هل يريدون حكما مباشرا للملك؟ هل يريدون العودة إلى الدكتاتورية أم ماذا؟quot;.

وأضاف القيادي السياسي quot;إذا كانوا يطلبون من الناس مقاطعة الانتخابات، فليقترحوا علينا البديلquot;، مشيرا إلى أنه quot;إذا استجاب لهم الشعب وقاطع الانتخابات، ولم تنجح هذه الاستحقاقات، فكيف سنحكم المغرب؟quot;.

وأبرز الأمين العام للعدالة والتنمية أن quot;دورهم يجب أن يتمثل إما في ترشيح أشخاص من جهتهم، أو يساندوا الأحزاب التي يعتبرونها في صالح المجتمعquot;، موضحا أن quot;المغرب ليس فقط 20 فبراير، بل هناك أشخاص يخدمون مصالح المجتمع، فليقوموا بمساندتهم ويقطعوا الطريق أمام المفسدينquot;.

وأضاف quot;أطالب من عقلاء 20 فبراير أن يراجعوا أنفسهم، ويصححوا مطالبهم وينخرطوا في هذا الحراك السياسي. وليقوموا فقط بدعم الأشخاص الذين يعرفونهم، وليس الأحزابquot;.

وطرح أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، محمد الغماري، بدوره تساؤلا quot;حول ما إذا كانت هذه الحركة مستقلة بذاتها أم أنها تابعة لبعض المنظماتquot;، قبل أن يشير إلى أن quot;مواقفها ليست دائما مناسبة للظروفquot;.

وأكد محمد الغماري أن نشطاء الحركة quot;غير ناضجين سياسياquot;، مبرزا أن quot;مستقبلهم غامضquot;، وأضاف قائلا quot;لا أظن أنهم قادرون على تكوين قوة سياسية ذات فعاليةquot;.

وأضاف المحلل السياسي quot;يمكن لنشطاء الحركة أن يتدخلوا من حين لآخر ليثيروا بعض المواقف ليزعجوا جهات معينة، وليظهروا أن هناك دائما احتجاجات، ولكن السلوك السياسي، ينقصه النضج الذي يجعل منه سلوكا ذا فاعليةquot;.