يرى عدد من المحللين أن مغرب ما بعد 20 شباط (فبراير) ليس هو مغرب ما قبله، حيث دخلت السلطة في مسيرة إصلاحات غير مسبوقة، كما طرأ تعديل على خطاب الأحزاب السياسية.


الرباط: منذ ظهور الحركة الشبابية، تغيرت بعض ملامح المشهد السياسي في المغرب، حيث رفعت وتيرة الإصلاحات باتخاذ إجراءات قد تشكل فقط البداية في مسلسل طويل، رغم أن عدد من الفاعلين يعتبرونها غير كافية.

وقال عبد العزيز قراقي، أستاذ جامعي في العلوم السياسية في الرباط، وناشط في مجال حقوق الإنسان، إن quot;حركة 20 فبراير أثرت بشكل كبير على المشهد السياسي، وظهر ذلك من خلال تصرفات مختلف الفاعلين السياسيينquot;، مشيرًا إلى أنه quot;يمكن اختزال أهم ما حدث من تطورات بعد هذا التاريخ في فاعلين اثنينquot;.

يتجلى الفاعل الأول، حسب ما أكده عبد العزيز قراقي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، في السلطة السياسية، إذ إن وتيرة الإصلاحات في المغرب أصبحت سريعة أكثر من أي وقت مضى، ودخلت هذه السلطة في مسار إصلاحات كبيرة لم يسبق أن شهدت لها المملكة مثيلاًquot;.

جرى تتويج هذا المسار، يشرح المحلل السياسي، بـ quot;الدعوة إلى إصلاح دستوري، وفق مسطرة لم يسبق للمغرب أنانتهجهاحتى الساعة، وهي المقاربة التي تعتمد، أولاً، على لجنة مكونة من عدد من الفعاليات المغربية، بعكس السنوات الماضية، التي كنا نعرف فيها دائمًا أن هناك أجانب ينخرطون في هذا المسارquot;.

كما تحدث عبد العزيز قراقي عن إصلاحات مؤسساتية سجلت، بعد 20 فبراير، وتمثلت في quot;تحويل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان إلى مجلس وطني لحقوق الإنسان، وتحويل ديوان المظالم إلى مؤسسة الوسيط، ونوعًا ما ترقب إعطاء صلاحيات واسعة إلى عدد من المؤسسات الوطنية الأخرى، في أفق دسترتها في الإصلاح الدستوري المقبلquot;.

ودائمًا على مستوى الفاعل السياسي، يضيف المحلل السياسي المغربي، quot;تم تتويج كل ذلك بالعفو، الذي من خلاله جرى إطلاق سراح مجموعة من الفعاليات السياسية، التي كانت متابعة في قضايا يقال إنها وهمية أكثر من أي شيء آخر، وجرى فيها المسّ بشكل واضح بمبادئ المحاكمة العادلةquot;.

في ما يخص الفاعل الثاني، ألا وهو الأحزاب السياسية، فيؤكد عبد العزيز قراقي، أنها quot;رأت نفسها مضطرة إلى تغيير مجموعة من الأمور، من بينها أولاً الخطاب السياسي، الذي أصبح ينفتح أكثر من أي وقت مضى على فئة الشباب، وأصبحت حتى شبيبات المكونات السياسية مطالبة بالقيام بدور أكبرquot;.

كما اتضح، يفسر أستاذ العلوم السياسية، أن quot;الأحزاب السياسية كانت تهمش بشكل كبير فئة الشباب، وهي باتت مدعوة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى الانفتاح على هذه الفئة. ولا أدل على ذلك من أن الأحزاب السياسية، التي كثيرًا ما كانت تعارض حركة شباب 20 فبراير، وكانت تقول إنها غير معروفة الهوية، ولا يعرف من وراءها، غيرت مواقفها ونزل الكثير منها، إن لم نقل غالبيتها، برفقة الحركة الشبابية في مسيرة 20 آذار (مارس) في مختلف المدن المغربيةquot;.

هذا يظهر، يضيف عبد العزيز قراقي، أن quot;الحركة أحدثت ديناميكية كبيرة في المشهد السياسي المغربي، لا على مستوى السلطة السياسية، ولا على مستوى الفاعلين السياسيين الآخرينquot;.

كما إن هناك فاعلاً آخر، يوضح المحلل السياسي، يتمثل في quot;المجتمع المدني، الذي تأثر بالحركة، وانضم الكثير من فعالياته إلى هذه الفئةquot;، مضيفًا quot;لم تعد 20 فبراير حركة شبابية فقط، بل يمكن القول إنها باتت حركة مجتمعية تضم كل الفئات الاجتماعية ومن مختلف الأعمارquot;.

يشار إلى أن الحركة ما زالت متشبثة بمجموعة من المطالب المتضمنة في الأرضية التأسيسية، منها إطلاق كل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ومحاكمة المسؤولين، وحل الحكومة والبرلمان، وتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة، تخضع لإرادة الشعب، ومحاكمة المتورطين في قضايا الفساد واستغلال النفوذ ونهب خيرات الوطن، إلى جانب مطالب أخرى.