يرى مراقبون أنّ إعلان القيادي في المجلس الانتقالي الليبيّ محمود جبريل بأنّه لن يكون موجودا ضمن الحكومة المقبلة تحت ضغط خصومه الأصوليين، ينبئ بتفجّر صراعات على السلطة بين عدد من التيارات خصوصا بين الليبراليين والاسلاميين.


محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الوطني الانتقالي الليبيّ

طرابلس: نجح التيار المعارض لمحمود جبريل في دفع هذا المسؤول المعروف بتوجهه الليبرالي لإعلان رفضه أن تكون له اية علاقة بالحكومة المقبلة، في خطوة تحمل في طياتها مخاوف من صراع على السلطة بين تيارات مختلفة ابرزها الاسلامي والليبرالي.

وبعد اسابيع من حملة المعارضة التي يقودها التيار الاسلامي ضد رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الوطني الانتقالي، اعلن جبريل مساء الخميس في مؤتمر صحافي سبقته اشاعات حول نيته تقديم استقالته، انه لن يكون جزءا من الحكومة الليبية المقبلة.

وقال ردا على سؤال حول المعارك في سرت وبني وليد quot;اتمنى تحرير هاتين المنطقتين حتى نبدأ المشاورات حول تشكيل الحكومة المقبلة التي لن يكون لي علاقة بها بأية حالquot;.

ويرى السياسي وحيد برشان وهو رئيس المجلس المحلي لمنطقة غريان ومقرب من الاسلاميين ان quot;التيار الاسلامي استطاع بالفعل ان يبعد جبريل (...) وعلى المجلس الانتقالي ان يقود المرحلة المقبلة ويعيد تشكيل نفسه ليمثل ليبيا بالكاملquot;.

ويشدد على انه quot;لا يتوجب على المجلس ان يعطي صلاحياته وثقة الشعب الليبي به لاي جهة او تشكيل آخر، اي ان المجلس هو الذي يجب ان يختار اشخاصا محددين ليديروا الازمةquot;.

ويتبنى الاسلاميون الليبيون، الذين يشكلون تيارا صاعدا في مرحلة ما بعد معمر القذافي الذي اطاحت به ثورة شعبية مسلحة، موقفا معتدلا مؤكدين استعدادهم للمشاركة في السلطة في اطار مؤسسات ديمقراطية.

ولطالما كرر رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل ان الليبيين لن يقبلوا بالحركات المتطرفة، لا من اليمين ولا من اليسار، معلنا ان الاسلام سيشكل المصدر الرئيس للتشريع في الدولة الجديدة.

وينظر بعض الاسلاميين الى جبريل على انه شخصية إقصائية ويشككون في قدرته على قيادة المرحلة الحالية، متهمين اياه ايضا بالفساد وبتمكين اقربائه واصدقائه من مفاصل الحكم.

ويعتبر بشير زعبية الكاتب ذو التوجه الليبرالي ان الخلاف بين التيار الاسلامي وجبريل quot;لم يبلغ مرحلة الصراع بعد ولكن هناك مخاوف بان يحدث هذا الامرquot;.

ويستبعد زعبية ان quot;يقود الاسلاميون المرحلة المقبلةquot; نتيجة احتمال إبعاد جبريل عن السلطة quot;رغم انهم يتواجدون في الساحة السياسيةquot;، مرحبا quot;بالمعتدلين منهم خصوصا جماعة الاخوان المسلمين التي لا يمكن تجاهلهاquot;.

ويشدد زعبية في موازاة ذلك على ان الليبيين quot;لن يقبلوا بالفزاعة المتشددة الاسلاميةquot;، مشيرا الى ان quot;جبريل يحظى بتأييد من الليبيين، وما يحدث في البلاد هو حراك ديمقراطي رغم انه يعطل تشكيل الحكومةquot;.

في مقابل ذلك يرى ابراهيم قرادة رئيس المؤتمر الوطني للمعارضة الليبية والمؤتمر الليبي للامازيغية ذو التوجه الليبرالي ايضا ان quot;جبريل ساهم في خلق تجاذبات جهوية في الساحة السياسية انعكس سلبا على القاعدة الشعبية والثوارquot;.

واضاف ان quot;طريقة تواصله مع الجميع غير متوازنة واقصائية خصوصا مع الاطراف الفاعلة في الساحة الوطنيةquot;.

وسبق ان تأجل الاعلان عن تشكيل حكومة انتقالية جديدة في البلاد بسبب خلافات في وجهات النظر، وفقا لمصطفى عبد الجليل.

وينص الاعلان الدستوري في ليبيا على حكومتين، حكومة موقتة قبل تحرير كامل الاراضي، ثم حكومة انتقالية تشرف على الانتخابات وعلى اعداد الدستور وادارة العملية الانتخابية.

واكد عبد الجليل هذا الاسبوع ان quot;الذي عطل الحكومة هو عقلية الليبيين التي تربوا عليها خلال اكثر من 40 عاما فالكل يريد نصيبه من الحكومة، جهات مكانية وقبائل، اضافة الى ان هناك مدنا ترى انها من خلال نضالها الذي نقدره، لها افضليةquot;.

وفي الثامن من ايلول/سبتمبر، حذر جبريل من quot;الصراعات السياسية المبكرة في ليبياquot;، لكنه لم يحدد اطرافها.

وقال في مؤتمره الصحافي مساء الخميس ان رئيس الحكومة المكلف هو الذي يختار أعضاء حكومته، وهو امر مختلف بين المكتب التنفيذي والمجلس الانتقالي الذي يريد المشاركة في هذه العملية مستمدا شرعيته الاساسية من الشعب.

ورأى انه quot;اذا كان هناك بعض الجماعات او بعض الاشخاص لا يرون جبريل شخصا مناسبا، ولا يريدونه لاسباب شخصية فذلك امر يعود لهم لكن السيادة الوحيدة على هذه الارض هي سيادة المجلس الوطني الانتقالي، ولا أخفي سرا أنهم ليسدون الي معروفا وجميلا اذا استمع الى رأي (بعضهم) واعفيت من هذه المهمة فعلاquot;.

وكان الشيخ علي الصلابي، احد القادة الاسلاميين النافذين في ليبيا، هاجم بشدة محمود جبريل واتهمه بالعمل على بناء اسس دولة quot;استبداديةquot;.

وقال الزعيم الاسلامي الذي يحظى بتأييد قطر والذي اضطلع بدور مهم في تمويل المقاتلين المعارضين لمعمر القذافي وتسليحهم، في تصريح لفرانس برس قبل حوالى اسبوعين quot;بدأت ملامح دولة استبدادية قادمة تلوح في الافق يقودها جبريل تعتمد اسلوب تكميم الافواه بالمال والسلطةquot;.

وذهب الشيخ الصلابي الى حد اتهام جبريل بquot;سرقة الثورةquot;.

ويقول مسؤول رفيع المستوى في المجلس الانتقالي رفض الكشف عن اسمه ان quot;المشكلة هي ليست بين العلمانيين والاسلاميين، لكن جبريل يريد ان يقدم الامور على هذا النحو للعالمquot;.

ويوضح ان quot;الليبيين مسلمون معتدلون، وليس لدينا متطرفون الا بعض الافرادquot;.

ويتابع ان quot;المعركة هي بين الوطنيين وغير الوطنيين (...) فالوطنيون هم الذي لا يملكون اجندة خاصة بل انهم شاركوا في التحرير من اجل العزة والكرامة والحرية، فيما ان غير الوطنيين قاموا بذلك من اجل مكاسب شخصية، وجبريل في الموقع الثاني من دون شكquot;.