على الرغم من أن ايران وجّهت تهديدات إلى الولايات المتحدة الأميركية، وصعّدت حربها الكلامية ضدها، متهمة إياها بالتورّط في التفجير، الذي أدى إلى مقتل العالم النووي الإيراني مصطفى أحمدي روشان، فإنّ طهران وافقت على زيارة مراقبين من وكالة الطاقة الذرية، في محاولة ديبلوماسية لتهدئة الأوضاع المحتقنة.
آلاف الإيرانيين شاركوا في جنازة العالم النووي مصطفى أحمدي روشان وهتفوا ضدّ الغرب وأميركا |
طهران: أطلقت الجمهورية الإسلامية تهديدات جديدة يوم الجمعة متوعدة بالانتقام من الغرب، على خلفية اغتيال أحد علمائها النوويين. لكنها في الوقت عينه، لمّحت إلى استعدادها للتفاوض حول برنامجها النووي، الذي يعتبر السبب الرئيس للخلاف مع الولايات المتحدة، والذي يزداد سوءاً بمرور الوقت.
في الوقت الذي تدفقت فيه الحشود الغاضبة للمشاركة في جنازة العالم النووي، أكدت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية أن وفداً خاصاً من الأمم المتحدة سيزور البلاد في وقت لاحق من هذا الشهر، لمناقشة أبحاث سرية، يُزعم أن إيران تهدف من ورائها إلى تصميم الرؤوس الحربية النووية.
ووافقت إيران على زيارة مفتشين تابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية لأراضيها في أواخر كانون الأول/ديسمبر، ومن المرجّح أن يقود البعثة كبير مفتشي الوكالة هيرمان ناكيرتس.
وتعتبر دعوة إيران إلى الوكالة الدولية هي quot;أول لفتة تصالحيةquot; منذ أن هدد قادة البلاد في الشهر الماضي بإغلاق مضيق هرمز رداً على العقوبات الاقتصادية. لكن على الرغم من هذه الدعوة، يعتقد دبلوماسيون غربيون وخبراء نوويون أن الخطوة الإيرانية مشكوك في نواياها، لأن إيران لا تزال تتحرك بقوة، لتكبير مخزونها من اليورانيوم المخصب، في تحدٍّ للأمم المتحدة ومطالب الغرب.
في حديث مع صحيفة الـquot;واشنطن بوستquot;، حذر مفتش الوكالة الأعلى السابق أولي هاينونن، من أن إيران تسعى إلى شراء المزيد من الوقت، من خلال بدء المحادثات علناً، فيما تستمر بنشاطها النووي سراً لإنتاج الوقود النووي المستخدم في الأسلحة ومحطات الطاقة النووية.
وقال إن إيران اتخذت خطوة كبرى نحو امتلاك أسلحة نووية في الشهر الماضي، وتحديداً في مصنع سري تحت الأرض، بالقرب من مدينة قم، حيث تعمل مئات آلات الطرد المركزي لصنع نموذج أكثر تركيزاً من اليورانيوم المخصب.
أضاف هاينونن: quot;الآلات ما زالت تعمل، وستتمكن إيران من زيادة معدل إنتاجها لليورانيوم المخصب بنحو ثلاثة أضعاف بحلول شهر شباط/فبرايرquot;.
من جهته، قال راي تاكيه، مستشار كبير سابق في إدارة أوباما في شؤون منطقة الخليج العربي وإيران، إن إيران لطالما استخدمت ذريعة المفاوضات للمماطلة وكوسيلة تكتيكية لشراء الوقت.
وأضاف: quot;عادة تكون المحادثات تقنية وطويلة الأمد، لكن المشكلة الأساسيةتبقى بدون حلquot;، مشيراً إلى أن إيران ستسغل المحادثات للمضي قدماً في طموحاتها النوويةquot;.
في طهران، تظاهر الآلاف من الإيرانيين الغاضبين من الولايات المتحدة وإسرائيل خلال موكب جنازة العالم النووي أحمدي روشان، الذي اغتيل خلال الأسبوع الماضي في وضح النهار في أحد شوارع طهران.
وهتف المتظاهرون: quot;سوف نقتل من قتل إخوتناquot;، فيما بدا أن معظم المتجمهرين من أفراد قوات الباسيج شبه العسكرية الإيرانية، كانوا يرفعون لافتات تصور الرئيس الأميركي باراك أوباما مع نجمة داود على جبينه، وتحتها كلمة quot;إرهابيquot;.
وهدد آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران، بالانتقام لمقتل العالم النووي في رسالة تعزية وجّهها يوم الخميس، مضيفاً quot;لن نتخلى أبداً عن معاقبة الأفراد الذين ارتكبوا هذه الجريمة، ولا العناصر المخططة من وراء الكواليسquot;.
ويعتبر عالم الكيمياء النووية أحمدي روشان (32 عاماً) نائب مدير أكبر منشأة إيرانية لتخصيب اليورانيوم، بالقرب من مدينة ناتانز.
اتهم خامنئي وكالة المخابرات المركزية والموساد (وكالة التجسس الإسرائيلي) بالوقوف وراء عملية القتل، التي تفاقم من التوتر المتزايد بين طهران وأوباما، الذي يقود حملة عالمية لفرض عقوبات نفطية ضد الجمهورية الإسلامية.
وأشارت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إلى أن طهران أرسلت مذكرة ديبلوماسية إلى الولايات المتحدة وبريطانيا، مصرّة على أن كلا البلدين كان لهما quot;دور واضحquot; في عملية الاغتيال.
من جهتها، نفت إدارة أوباما أي دور في الهجوم، ونأت بنفسها عن التكتيكات الفتاكة المستخدمة. لكن العديد من المسؤولين الأميركيين حذروا إيران في الأيام الأخيرة بتجنب أي تحرك في اتجاه عرقلة مضيق هرمز، وهو ممر حيوي لشحن النفط في الشرق الأوسط.
وأكد الجيش الأميركي أنه زاد عدد القوات المتمركزة في الكويت إلى 15000، بما في ذلك ألوية قتالية، لكنه نفى أن وجود هذه القوات كان جزءاً من أي خطة عسكرية ضد إيران.
وقال النقيب جون كيربي، المتحدث باسم وزارة الدفاع، إن هذه الزيادة مؤقتة ومتعلقة بسحب القوات الأميركية من العراق في الشهر الماضي، ممتنعاً عن القول كم من الوقت ستبقى القوات في الكويت.
وأضاف: quot;بالتأكيد إن إيران محور رئيس في مناقشاتنا مع حلفائنا وتفكيرنا حول مستقبل الشرق الأوسط، وليس هناك شك في ذلك، بسبب سلوكها المزعزع للاستقرارquot;.
وكان اغتيال أحمدي روشان يوم الاثنين من قبل سائق دراجة نارية، هو العملية الرابعة في سنتين تستهدف العلماء المرتبطين ببرنامج إيران النووي.
وربط محللون أمنيون هذه الهجمات بمخطط سري يسعى إلى عرقلة جهود إيران النووية باستخدام عمليات متفرقة في حرب مفتوحة. وشهدت إيران أيضاً سلسلة من الهجمات الإلكترونية على منشآتها النووية، إضافة إلى انفجارات غامضة في مواقع البحوث العسكرية.
في أعقاب عملية التفجير، التي أودت بحياة روشان، اتهم بعض المسؤولين الإيرانيين والوكالة الدولية بالتواطؤ في الهجمات، مشيرين إلى أن الوكالة الدولية سرّبت أسماء العلماء النوويين لإسرائيل في جزء من خطة سرية لقتلهم. وذكرت صحيفة quot;طهران أمروزquot; يوم الخميس أن أحمدي روشان قد اجتمع مع مفتشي الوكالة الدولية حول أبحاثه.
وقال النائب محمد كرامي راد لوكالة أنباء مهر يوم الجمعة quot;بعض مفتشي الوكالة هم جواسيس لإسرائيل، وقدموا أسماء علمائنا إلى الجماعات الإرهابيةquot;، لكن مسؤولين حاليين وسابقين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية نفوا هذه الاتهامات، معتبرين أنها quot;إدعاءات سخيفةquot;.
التعليقات