أثار عدم ترشّح محمد البرادعي للرئاسة سلسلة تباينات في الشارع المصري، حيث حمَّل البعض المجلس العسكري المسؤولية عن القرار، منبهين من أن المنافسة قد تنحصر بين الإسلاميين الذين يرون أن البرادعي أصلاً يفتقد الشعبية.


المرشح المنسحب محمد البرادعي

القاهرة: فاجئ الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية المصريين بإعلانه عدم ترشحه للإنتخابات الرئاسية المزمع عقدها في الأول من تموز (يوليو) المقبل، رغم أنه كان من أقوى المرشحين المحتملين، وساهم بقدر كبير في التحضير للثورة، وينظر إليه على أنه أب للكثير من للشباب، الذين فجّروا شرارتها الأولى.

وأصيب الوسط السياسي المصري بصدمة كبيرة جراء قرار البرادعي، وحمّل سياسيون مصريون المجلس العسكري المسؤولية عن القرار، بينما رأى آخرون، ولا سيما المنتمون إلى التيار الإسلامي، أن إنسحاب البرادعي من السباق، الذي لم يبدأ بعد، كان متوقعاً، خاصة أن فرص نجاحه كانت ضئيلة، إذ لا يحظى بشعبية في أوساط المصريين البسطاء.

صدمة سياسية
ووفقاً للمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية الدكتور أيمن نور، فإن قرار البرادعي بعدم الترشح للرئاسة يمثل صدمة للمجتمع المصري كله، وليس لأنصاره فقط، وصرح لـquot;إيلافquot; إن quot;البرداعي يشكل أحد رموز ثورة quot;25 ينايرquot;، وإنسحابه من الترشح يعني أن الأمر جللquot;.

واعتبر أن قراره يأتي إحتجاجاً على جملة من الأوضاع السيئة، موضحًا أنه quot;رغم مرور عام لم تنجز الثورة شيئاً ملموساً، وما زال النظام السابق ممثلاً في المجلس العسكريquot;، الذي اتهمه quot;بالتفوق على مبارك في الأساليب القمعية والإستبدادية، حيث تضاعفت أعداد المدنيين المحالين إلى المحاكمات العسكرية، ووقعت المئات من القتلى جراء أعمال العنف في ماسبيرو ومحمد محمود ومسرح البلون وأخيراً مجلس الوزراءquot;.

ولفت إلى عدم وضع الدستور، الذي سيكون أساساً لجمهورية الثانية، محمّلاً المجلس العسكري المسؤولية كاملة عن فقدان الحياة السياسية لـquot;رجل وطني ولديه رؤية واضحة لمستقبل مصر مثل البرادعيquot;.

المجلس العسكري يتحمل المسؤولية

حسب وجهة نظر أبو العز الحريري، عضو الجمعية الوطنية للتغيير، التي أنشأها البرادعي، فإن قرار عدم الترشح يمثل كارثة سياسية، وصرح لـquot;إيلافquot; أن الإنسحاب quot;معناه غياب النموذج الليبرالي صاحب الرؤية الوطنية الواضحة عن سباق الرئاسةquot;، لافتًا إلى أن المنافسة قد تنحصر بين الإسلاميين، quot;ما يمثل خطورة شديدة على مستقبل البلادquot;.

وحمّل ما وصفها بـquot;الثورة المضادةquot;، وعلى رأسها المجلس العسكري، المسؤولية عن قرار البرادعي، مشيراً إلى أنه صار يطلق عليه لقب quot;المجلس الأعلى للثورة المضادةquot;.

وتوقع الحريري، أحد رموز التيار اليساري في مصر، أن يكون لقرار البرادعي تأثير قوي على الإحتفال بالذكرى الأولى للثورة، إلا أنه استبعد إنسحاب البرادعي من الحياة السياسية تماماً، متوقعًا استمراره quot;بالعمل الوطني ودعم قضايا الثورةquot;.

قرار مستعجل

على الجانب الآخر، صرح الدكتور سعد الكتاتني الأمين العام لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين لـquot;إيلافquot;، أن تراجع البرادعي عن الترشح للرئاسة quot;قد لا يكون له تأثير واضح على المنافسةquot;.

ورأى أن خطوة البرادعي quot;قرار شخصي رغم استعجاله، لا سيما أن الإنسحاب ليس دائماً الحل الأمثل لمواجهة المشكلات، التي تصاحب المراحل الإنتقالية في تاريخ الدولquot;.

شعبية البرادعي ضئيلة

بدوره السفير عبد الله الأشعل المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية رأى أن قرار البرادعي، جاء بعد تأكده من quot;أن حظه في المنافسة ضئيل للغاية، ولا يقف على أرض صلبةquot;.

وَأضاف لـquot;إيلافquot; إن السباق الرئاسي لم يبدأ رسمياً، وبالتالي فإن القرار لا يمكن تقويمه الآن، مشيراً إلى أن نتائج الإنتخابات البرلمانية أكدت أن quot;الشعب المصري إسلامي الهوىquot;.

ولفت إلى أن الإنسحاب quot;لن يكون له تأثير على المصريين أو الحياة السياسية،quot; معتبرًا أن quot;الزخم الإعلامي المصاحب للبرادعي هو ما منح قراره هذا هالة جديدة وجدلاً واسعاًquot;.

لكن الأشعل إتفق مع البرادعي في الأسباب quot;الموضوعيةquot;، التي حملته على إتخاذ قراره، ومنها quot;سوء إدارة المجلس العسكري للمرحلة الإنتقاليةquot;.

جدل على النت

إستمر الجدل على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي، ومنها فايسبوك وتويتر، وأطلق بعض أنصار البرادعي صفحة عنوانها quot;أرفض انسحاب البرادعيquot;، quot;البرادعي هو الأملquot;، quot;كلنا الدكتور البرادعيquot;.

واختلفت التعليقات حول قرار البرادعي، ومنها: quot;هو البرادعي كان عايز مصر فيها أمان واستقرار وحرية وحالة اقتصادية ممتازة علشان يترشح للرئاسة، طيب إنت هاتعمل إيه لو نجحت، المفروض إن الرئيس القادم هيبقى ليه دور كبير في تشكيل هوية البلد، مش هيبقى عايز ييجي ياخدها ع الجاهزquot;.

quot;سيدي الدكتور، أيدت فيك الفكرة والأمل، واستيقظت على يوم ضاعت فيه الفكرة ومات فيه الأمل، كنت بجانبك لتأييدك، وإن كنت معركة خاسرة، أتحمّل من أجل تأييدك الاتهام بالعمالة والتمويل، أفلا تتحمل من أجل الفكرةquot;.

quot;قال ياللا من الأول: 25 يناير البرادعي يطلع من جامع الاستقامة، وأنا هاطلع من الكيت كات، وكل واحد يطلع من موقعه يوم 28 يناير. نتقابل في التحريرquot;.

ومن التعليقات أيضاً: quot;انسحاب البرادعي صفعة لمشروع إكساب العسكر الشرعيةquot;.

quot;ببساطة البرادعي بيقول: أنا مش رايح القصر الجمهوري... أنا رايح ميدان التحريرquot;.

وكتب ناشط في حملة البرادعي: quot;من كان يهتم بالعمل السياسي من أجل البرادعي، فالبرادعي انسحب، ومن كان يهتم به من أجل مصر، فمصر هي الباقية.. تشرفت بالعمل في حملتك، ولكنني ماض في تحقيق ما خرجت من أجله منذ عام... ما زال الشعب يريد إسقاط النظام.. ويرغب في quot;عيش وحرية وعدالة اجتماعيةquot;. quot;البرادعي يقول بوضوح إنني سأعود إلى العمل مع الشباب من نقطة الصفر، لأننا عدنا إلى نقطة الصفر.. جاهزين يا شباب التحرير؟quot;.

يذكر أن عمرو موسى المرشح المحتمل للرئاسة، أعرب عن أسفه لقرار البرادعي، وكتب على صفحته على توتير quot;أعرب عن أسفي لانسحاب الدكتور محمد البرادعي من الترشح لرئاسة الجمهوريةquot;. وأضاف quot;آمل أن يواصل البرادعي جهوده إلى جانب جهود كل المصريين الساعين إلى إعادة بناء البلادquot;.