الرياض: فنّد مصدر مسؤول في الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في السعودية ملابسات ما ورد في بيان وزارة الصحة المنشور في الصحف المحلية، حول قضية اختلاس كميات كبيرة من اللقاحات والأمصال والأدوية والأجهزة الطبية من مستودعات إحدى المديريات الصحية التي أعلنت عنها الهيئة سابقاً، مؤكداً أن هدف الهيئة من ذلك كله كان المصلحة العامة ومكافحة الفساد في جميع المنشآت، وأن ينظر إلى ذلك بإيجاب وتقدير في إطار التعاون المطلوب بين الهيئة والجهات المشمولة باختصاصاتها.


وأكد المصدر أن الهيئة تلقت في البداية خطاباً من وزير الصحة يشير إلى شكوى إحدى الشركات الموردة عن ملاحظتها وجود لقاح لم يستورد من قبلها، يستخدم في الكثير من المستشفيات والمستوصفات في القطاع الخاص، ويحمل شعار الشراء الموحد للأدوية لدول الخليج.

وبيّن أن الوزارة شكلت لجاناً للتحقيق وتأكدت من وجود هذه اللقاحات في القطاع الخاص، كما اتضح أن هناك تسريباً لتلك اللقاحات بطريقة غير نظامية من جهات حكومية، أو جهات أخرى، فيما لم يشر الخطاب إلى مصدر التسرب رغم تشكيل تلك اللجان من قبل الوزارة للتحقيق في ذلك، وقد طلب الوزير من الهيئة التحقيق في الموضوع.

وأوضحت الهيئة في بيانها أنها تلقت المعلومات من مصادر رسمية، وهو ما يطابق الواقع، ولم تذكرها بالاسم بناء على ما يحكم التعامل مع البلاغات في الهيئة من إجراءات.

وأوضح المصدر أن الهيئة بادرت إلى التحري عن مصدر اللقاحات وفقاً للآلية التي تتبعها عند تلقي مثل هذه البلاغات، وعندما تبين لها أن الأمر يأخذ بعداً إجرامياً، ولا يقتصر فقط على اللقاحات، بادرت إلى طلب الاستعانة بالمباحث الإدارية للتعاون مع الهيئة لتعقب وضبط الأشخاص الذين يروجون والقبض عليهم للتحقيق معهم.

كما بادرت إلى طلب مختص في الأدوية من وزارة الصحة للاستعانة به في التعرف على أنواع اللقاحات والأمصال والأدوية التي يتم ضبطها بحوزة المتهمين، سواء في بيوتهم أو مستودعات تابعة لهم، مبيناً أن الهيئة لم تطلب تشكيل لجان؛ لأنها بحكم استقلاليتها، لا تمارس اختصاصاتها عبر لجان تنفيذية.

وأشار المصدر إلى أن الأمر لم يقتصر على ملاحظة وجود أمصال كما ورد في خطاب وزارة الصحة، بل وُجد أن الاختلاس يشمل كميات كبيرة من الأمصال واللقاحات والأدوية، بل والأجهزة الطبية، وتم توثيقها بالبيانات والصور ضمن أساسات القضية، وهو ما لم يكن معلوماً لدى وزارة الصحة، كما لم يكن معلوماً لديها من كان خلف قضية الاختلاس من موظفين ومروجين.

وأضاف أنه بعد أعمال اختصاصات الهيئة في القضية أُحيلت إلى جهات التحقيق والادعاء؛ إنفاذاً لما ينص عليه تنظيمها، كما كتبت لوزير الصحة بطلب كف يد ستة من الموظفين الذين اتجه إليهم الاتهام في القضية، وكتبت له أن اللقاحات والأمصال والأدوية كانت تنقل وتروج في القطاع الخاص بطريقة سيئة من شأنها أن تفسد اللقاحات قبل استخدامها؛ مما قد يترتب عليه ظهور أجيال غير محصنة كما يجب، فضلاً عن خطورة إقدام المنشآت الصحية الخاصة على شراء لقاحات من أي مصدر، وليس من الوكلاء المعتمدين، وطلبت من الوزير معالجة الأمر بما يكفل عدم تكرار ما حدث، وبما يكفل التزام المؤسسات الصحية الأهلية باحترام رسالة الطب السامية.

كما طلبت من وزير الصحة في خطاب ثالث استكمال إجراءات الجرد في مديريات الوزارة منعاً للعبث، وحصراً للمسؤولية. وذكرت الهيئة أن بعض الموظفين دأب على تغيير بيانات الجرد وتعديلها، والتلاعب في توزيع بعض كميات الأدوية على المستشفيات والمراكز الصحية دون طلب منها، واقترحت اتخاذ ما يكفل ضبط انسياب الأدوية واللقاحات وحركة دخولها وخروجها ووصولها إلى المرضى المستهدفين منها.

وكان جدل أثير بين وزارة الصحة وهيئة مكافحة الفساد، بعد إعلان الأولى أنها بادرت بعد اكتشافها التجاوزات والتحقق من المعلومات الضرورية ، إلى إبلاغ الهيئة لأنها جهة الاختصاص، وتم على الفور تشكيل لجنة مشتركة من الجهتين ضمت في عضويتها فريقا فنيا مختصا من وزارة الصحة ممثلاً في الإدارة العامة للرقابة والمراجعة الداخلية والمتابعة وقامت اللجنة بالتحقيق في الموضوع ومتابعة ملابساته وتم اتخاذ الإجراءات النظامية المتبعة بالتنسيق مع الجهات الأمنية ذات العلاقة.
وأبدت وزارة الصحة دهشتها من قيام الهيئة بالإعلان عن القضية وإسناد الجهود في كشفها لها دون الإشارة إلى دور الوزارة في إشعار الهيئة عن قضية الاختلاس التي اكتشفتها الوزارة أصلاً وفقاً لبيانها، مطالبة بإسناد الفضل لأهله.