موسكو: تنظم المعارضة ضد رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين السبت يوم تعبئة حاسما يتضمن تظاهرة ضخمة في موسكو، في وقت تجهد السلطة لاستعادة السيطرة قبل شهر من الانتخابات الرئاسية التي يرجح فيها فوز بوتين.

ويتوقع منظمو التظاهرة الذين يشكلون ائتلافا متباينا من المعارضين السياسيين والشخصيات الثقافية والاعلامية والفنية يتزعمون الحركة الاحتجاجية التي انطلقت بعد الانتخابات التشريعية في كانون الاول/ديسمبر، مشاركة عشرات الاف الاشخاص في تظاهرة موسكو والالاف الاخرين في باقي المناطق الروسية.

وكانت المعارضة الليبرالية جمعت عددا وصل الى مئة الف متظاهر في شوارع موسكو وعدة الاف في باقي انحاء البلاد في 10 و24 كانون الاول/ديسمبر تحت شعار quot;من اجل انتخابات حرةquot; وquot;روسيا بدون بوتينquot;. وقالت المحللة ماريا ليبمان من فرع مركز كارنيغي في روسيا ان quot;هذه المسيرة مهمة جدا، ستكشف ما اذا كانت المعارضة لا تزال على عزيمتهاquot;.

ورأت ان التظاهرة quot;لن تؤثر مباشرة على الانتخابات، سيفوز بوتين في الدورة الاولىquot; بعدما منحه اخر استطلاع للراي 62% من نوايا الاصوات، غير انها ستكشف عن quot;يقظة المواقف المدنيةquot; في روسيا مستقبلا.

وكانت الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة منذ وصول بوتين الى السلطة قبل عقد، انطلقت بعد الانتخابات التشريعية التي فاز بها حزب بوتين quot;روسيا الموحدةquot; بحوالى 50% من الاصوات وقد نددت المعارضة ومنظمات غير حكومية ومراقبو منظمة الامن والتعاون في اوروبا بحصول عمليات تزوير كثيفة فيها.

كما ندد العديد من المعارضين باعلان بوتين في ايلول/سبتمبر الماضي عزمه على العودة الى الكرملين في اذار/مارس وكأنها مسالة تلقائية مؤكدة، ليستعيد الرئاسة التي عهد بها الى الرئيس الحالي ديمتري مدفيديف لتعذر ترشحه من جديد بعد ولايتين متتاليتين بين 2000 و2008.

وبعدما قامت قوات الامن بتفريق تظاهرات كانون الاول/ديسمبر بشكل عنيف، اضطرت السلطات الى السماح بالتظاهرات ازاء تزايد حجمها ونطاقها وقد انتشرت وتم التنسيق لها عبر الشبكات الاجتماعية على الانترنت.

وبدا كأن هذه التحركات الشعبية الاحتجاجية فاجأت السلطة الروسية التي اعتادت احتلال ساحة سياسية ابعدت عنها اي معارضة حقيقية على مدى عقد. واستقبل بوتين لاول مرة بالصفير خلال مناسبة علنية في ملعب رياضي وتم التهكم عليه بشدة في المدونات الالكترونية، كما عكست استطلاعات الرأي لاول مرة تراجعا في شعبيته.

واعلن الرئيس مدفيديف في كانون الاول/ديسمبر عن اصلاحات سياسية تهدف الى ادخال الليبرالية الى النظام الانتخابي، في اجراءات اعتبرت بمثابة تنازلات انتزعت من السلطة تحت الضغط ومناورة ترمي الى احتواء موجة الاستياء.

كما فتحت في مسعى مماثل عشرات التحقيقات القضائية في عمليات تزوير جرت في الانتخابات التشريعية. لكن صحيفة quot;غازيتاquot; الالكترونية (ليبرالية) كتبت الاسبوع الماضي ان quot;الاحداث الاخيرة تثبت ان لحظة الهلع الذي انتاب السلطة امام المتظاهرين انتهتquot;.

ووزع فلاديمير بوتين مقربين موثوقين معظمهم منبثق مثله من صفوف جهاز الاستخبارات السابق (كاي جي بي) على مناصب استراتيجية مثل رئاسة الادارة الرئاسية او رئاسة الدوما (مجلس النواب في البرلمان الروسي) واتهم المعارضة بالعمل لحساب الغرب.

وبثت شبكة ان تي في التلفزيونية قبل اسبوع برنامجا يهدف الى النيل من اعتبار المعارضين الرئيسيين فتحدث عن لقائهم مع السفير الاميركي الجديد في موسكو واشارت الى اقامتهم في فنادق فخمة في الخارج.

وفي المقابل، سعى رئيس الوزراء متكلما امام عمال مصنع في سيبيريا الى زرع الشقاق بين الطبقات المتوسطة في موسكو التي تجسد الحركة الاحتجاجية وباقي البلاد. من جهتها سعت بلدية موسكو للحد من حجم التظاهرة التي ستنظم في 4 شباط/فبراير فتذرعت بدواع امنية لفرض اختصار مسارها عما كان يريده المنظمون..

واتهم حزب يابلوكو الديموقراطي السلطة بانها تخلصت من المرشح الاكثر احراجا لها باستبعاده مؤسس الحزب غريغوري يافلينسكي الذي حظر عليه الترشح الاسبوع الماضي بحجة وجود مخالفات في عملية جمع تواقيع التاييد له.