عنصر من الجيش الحر ينظر عبر المرآة لمراقبة الجيش النظامي

يحاول أكراد سوريا تنظيم شؤونهم استعدادًا للإنفصال والحصول على الحكم الذاتي بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، إذ ينتقل العديد منهم للإقامة في المناطق الشمالية الشرقية من البلاد التي يحاولون جعلها دويلتهم.


يعمد أكراد سوريا إلى فتح أقسام للشرطة ومحاكم ومجالس محلية خاصة بهم في المناطق الواقعة بشمال شرق البلاد، والتي تحتوي على جزء كبير من احتياطيات النفط المحدودة في سوريا.

وأكراد سوريا، البالغ عددهم نحو 1.7 مليون شخص يمثلون ما يقرب من 10% من تعداد السكان، وهم الطائفة الوحيدة صاحبة التاريخ الطويل في المعارضة المنظمة في وجه نظام الأسد، لكنهم قرروا عدم المشاركة في المعارضة المسلحة.

الاستعداد لسقوط الأسد

في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;واشنطن بوستquot; عن ريضان تركماني، كردي من سوريا قوله :quot;إننا نعمل حالياً على تحقيق الحكم الذاتي ومن ثم إدارة أنفسنا. علينا الآن أن نستعد لسقوط نظام الأسدquot;.

وتحدثت الصحيفة عن محاولات الأكراد في سوريا إرساء دعائم حكم ذاتي خاص بهم، مشيرة إلى انتشار الأعلام والشعارات المكتوبة باللغة الكردية في محافظة الحسكة الشمالية الشرقية، مما يعطي انطباعاً بنيل ما يشبه الاستقلال عقب أعوام سعى فيها حزب البعث الحاكم إلى كبح جماح أي أنشطة كردية في سوريا، وقمع ما يعبر عن الهوية الكردية على نحو أدى إلى اعتقال الآلاف من الناشطين الأكراد لمحاولاتهم الخروج على تعليمات النظام في هذا الصدد.

من جهة أخرى، يقول أحد الرجال في بلدة غيركيليجي الكردية انه يقود ميليشيا مكونة من 140 عنصراً، وأنهم يخططون لفتح مركز للتدريب لاجتذاب الشباب خلال شهر. ويقول الشاب إن السكان المحليين يجرون الاستعدادات من أجل تولي زمام أمورهم بأنفسهم، وحتى يكونوا جاهزين لذلك حين سقوط النظام، فبدأوا بفتح مراكز للشرطة، ومؤسسات مدنية خاصة بهم، كما بدأوا برفع أعلامهم الوطنية.

غض الطرف

وتتواصل جهود تحقيق حكم ذاتي لأكراد سوريا في الوقت الذي تحافظ فيه قوات النظام على تواجدها بأغلب المدن السورية، مما يدل على تعمده غض الطرف عما كان يعتبره في الماضي تهديداً جسيماً يحدق بقوته.

وقد يعود السبب وراء تقاعس النظام في قمع جهود الأكراد للاستقلال عن النظام السائد في البلاد، إلى رغبته في تجنب فتح جبهة مواجهة جديدة أو الرغبة في تنشيط الحركة الكردية الانفصالية في تركيا من أجل إرباك أنقرة بسبب دعمها المتواصل للجيش السوري الحر المعارض.

للجيش الحر رأي آخر

أما المعارضة السورية فلها رأي آخر، إذ تعتقد أن سلوك رجال السلطة في المناطق الكردية يهدف إلى تشجيع الانفصاليين الأكراد في تركيا على التحرك ضد أنقرة التي تدعم الجيش السوري الحر.

وقد أعربت تركيا، التي كانت حليفاً قوياً لحكومة الأسد وأصبحت الآن واحدة من أكبر معارضيها، عن مخاوف من أن تهيمن مؤسسات جديدة في المنطقة من خلال حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يعرف بروابطه الوثيقة مع حزب العمال الكردستاني.

ويعتبر حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، وعمل مقاتلوه على تكثيف حملتهم العسكرية في شرق تركيا في الاشهر الاخيرة.

أوجلان بطل الأكراد

وتنتشر صور عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل على جدران المباني التي افتتحت حديثاً للمجالس المحلية، حيث يمتد طابور المواطنين للتسجيل للحصول على النشرات المرسلة من العراق أو للحصول على التحكيم في النزاعات المحلية.

quot;أوجلان بطل لجميع الأكرادquot;، يقول دحام علي، أحد أعضاء اللجنة في quot;بيت الشعبquot; في بلدة ديريك الواقعة في سفوح الجبال على الحدود التركية. وتقول الاحزاب المنافسة ان جماعة الأكراد تفتقر إلى دعم كبير، وتتهم حزب الاتحاد الديمقراطي بالعمل بالتعاون مع نظام الأسد، لكن الحزب ينفي هذه المزاعم.

quot;لا يمكن تقبيل اليد التي تقتلناquot;، يقول الزعيم المحلي صالح مسلم محمد، مضيفاً أن مئات من أعضاء الحزب يقبعون في السجون الحكومية. لكن في الوقت الذي تترسخ فيه المؤسسات الوليدة تترسخ، تسبب الهيمنة التي يتمتع بها حزب الاتحاد الديمقراطي ببعض الاحتكاكات على الأرض.

quot;مدرسة أوجلان تعمل من خلال القمع ودعوة الشباب الى حمل السلاح والقتالquot;، يقول محمد إسماعيل، القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، مشيراً إلى صورته مع رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني، قائلاً: quot;بارزاني لم يستخدم الإرهابquot;.

أثناء حديثه، يتلقى اسماعيل مكالمة هاتفية تبلغه بأنه تم القبض على ناشط شاب من حزبه من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي في مظاهرة. ويقول: quot;هذا يحدث، يعتقلونه ويختفي لبضعة أيام. ربما يطلقون سراحه، وربما لاquot;.

قوة ثالثة

ويشار إلى أن الأطراف المتنازعة تنظم مظاهرات منفصلة ضد الحكومة، ويعرب المراقبون عن قلقهم بشأن تحول هذه الاحتكاكات إلى صراع يصعب السيطرة عليه. خلال تجمع للشباب في ديريك،يقف أحد المشاركين ليقرأ رسالة من أوجلان إلى الأكراد السوريين، تم تسليمها إلى محام في زيارة إلى السجن مؤخراً.

quot;يجب ألا تكونوا مع الأسد، يجب ألا تكونوا مع المعارضة، يجب أن تكون القوة الثالثة في سوريا. عليكم إعداد 10 ألف جندي لحماية المناطق الكردية. إذا لم تعتمدوا هذه الاستراتيجية سيتم سحقكم. على جميع الشباب الأكراد إعداد أنفسهم لحماية وطنهمquot;.