جولة أفق واسعة أجرتها quot;إيلافquot; مع أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي حمزة منصور، الذي أكّد أن الحركة الاسلامية في الأردن سيدة نفسها، ولا تريد قلب الحكم بل تريد أن يكون الشعب في قلب هذا الحكم.


حمزة منصور

عمان: الربيع الأردني قادم لأن الشعب على درجة عالية من الوعي والمسؤولية، ولأن التحديات التي تدفع للمطالبة بالإصلاح كثيرة تتعاظم يوميًا، داخليًا وخارجيًا. هذا ما صرح به أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي حمزة منصور خلال لقاء أجرته quot;إيلافquot; معه حول الأوضاع السياسية التي يعيشها الأردن، في ظل المتغيّرات الإقليمية.
يعتقد منصور أن التشويش والمماطلة من قبل الحكومة وأجهزة الدولة quot;لن يحولا دون تحقيق الإصلاح القادم وإن استطاعوا أن يؤخروه، لكنهم لن يتمكنوا من الحيلولة دون تحقيق ربيع أردني يليق بالشعب الأردني منذ أن بدأ حراكه قبل عشرين شهرًاquot;. وعلى الرغم من أن تأثير هذا الحراك ما زال جزئيًا، quot;لكننا نأمل أن يتحقق ما نصبو إليه عبر وسائل ديمقراطية يكفلها لنا الدستور والقانون والمواثيق الدولية، فالحركة تراهن على شعبنا الذي يعطي فرصة للحكومة، لكنه لن يتنازل عن حقه في إصلاح حقيقي يحقق مضمون النص الدستوري المتمثل في أن الشعب مصدر السلطاتquot;.

تحت الأسرة الهاشمية

أكد حمزة أن هناك طيفًا واسعًا من المعارضين يلتقون على ضرورة تطبيق إصلاحات دستورية، لا سيما الإصلاحات التي تزيل التناقض بين نصوص الدستور. فالجميع متوافقون على التصدي للفساد وعلى ضرورة كف يد الأجهزة الأمنية عن التدخل في الحياة السياسية. في المقابل أشار منصور إلى أن بعض الحركات الشبابية ربما كانت لها سقوف مرتفعة أكثر ونحن لا نرفع شعارها، quot;لكن السواد الأعظم من الشعب الأردني متفق على هذه الأمور وبالتأكيد سيبقى مطلبنا وشعارنا الشعب يريد إصلاح النظام تحت الأسرة الهاشمية الحاكمةquot;.
واشار منصور إلى أن الحركة الاسلامية تنظر إلى الملك باعتباره حاكم الدولة الاردنية ولسنا ندًا، quot;فنحن لا نختلف مع الملك وانما نختلف مع الحكومة، وأظن أن الفعاليات الجماهيرية ليست عارًا، فالشوارع شوارعنا ونحترمها ونحترم من يقف فيها ما دامت الوسائل سلميةquot;.

المشاركة مفتوحة

اتهمت الجبهة بالسعي إلى الانقلاب على الدولة، غير أن منصور نفى وجود أي أهداف أو غايات أو وسائل للوصول إلى هرم الحكم، مؤكدًا أن الحركة الإسلامية quot;تسعى للإصلاح ولا تسعى للانقلاب ولا للثورة، ولا تريد أن تكون بديلًا للحكم، إنما تريد إصلاحات حقيقية تجعل الشعب الأردني سيدًا في بلده ومصدرًا للسلطات، فالمجلس الأعلى للإصلاح هو عبارة عن صيغة عمل داخلية مشتركة، بين الجبهة الوطنية للإصلاح من خلال لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة الوطنية الأردنية وبين الحركة الإسلامية وجبهة العمل الإسلامي لتزخيم عمل القاعدة الشعبيةquot;.
وأعلن منصور أن الحركة تتكلم عن مسيرة إنقاذ الوطن الحاشدة، quot;بدأ التخطيط لها منذ الشهر الثامن، قبل تصريحات جلالة الملكquot;. كان مقررًا أن تكون في 7 أيلول (سبتمبر)، quot;ولأغراض التوافق مع شركائنا تم تأجيلها، وسيشارك فيها أكثر من ثمانين جهة، وهي مفتوحة لكل من يريد المشاركةquot;.

لا حماس ولا مصر!

نفى منصور حصول أي اتفاق مع الدولة على جدولة الإصلاحات، على الرغم من الرسائل التي جاءت للحركة من بعض الأحزاب ومن شخصيات تسلمت مسؤوليات يومًا، وبعضها مشارك في السلطة الآن. شملت هذه الرسائل تمنيات بأن تشارك الحركة في العملية الانتخابية بما تحقق من إصلاحات كما يسمونها الآن، أو بتعديلات شكلية لا تراها الجبهة، بحسب منصور، تستجيب للحدود الدنيا من المطالب الإصلاحية.
وفي ضوء الكلام عن دور توفيقي قامت به حركة حماس، قال منصور: quot; كان خالد مشعل ضيفًا على الأردن، استمعنا إليه وكان رأيه أن نشارك في الانتخابات النيابية، لكننا لا نتلقى توجيهاتنا من حماس ولا من مصر ولا من غيرهماquot;. أضاف: quot;لا نبحث عن ضمانات، بل نبحث عن عملية انتخابية يقتنع بها الناخب الأردني والمرشح الأردني، ونقطة الابتداء قانون انتخاب ديمقراطي يُخرج ممثلين حقيقيين للشعب وكتلًا نيابية تساهم ببرامجها في تطوير الحياة السياسية في الأردن. ومهما قيل من مديح في الهيئة المستقلة، في غياب قانون ديمقراطي نعتقد أنها تفتقر لأدوات الفعل إذ أدواتها هي نفس أدوات الحكومات السابقة التي أشرفت على الانتخاباتquot;.

انقسام إخواني؟!

تمنى منصور أن تنتصر الحكمة على العقل والمصلحة العامة على المصالح الفئوية، فيصاغ قانون انتخاب عصري توافقي، حتى لو كان الثمن تأجيل الانتخابات لصالح توافق وطني حقيقي، quot;علمًا أنها ليست المرة الأولى التي نقاطع فيها الانتخابات ولسنا البلد الوحيد الذي تتم فيه مقاطعة الانتخابات، فنحن نقاطع لشعورنا أن إجراء الانتخابات وفق المعطيات القائمة حاليًا سيكرس المجلس النيابي الحاليquot;.
تابع حمزة: quot;نتخذ قراراتنا شورة ديمقراطية حقيقية، فلدينا مجلس شورى من 120 عضوًا اتخذ قرار المقاطعة بالإجماع من دون اصوات مخالفة، على الرغم من أن اختلاف وجهات النظر ظاهرة صحية، لكن الخلافات بيننا تمنيات تريدها لنا قوى الشد العكسيquot;، مؤكدًا أن لا انقسام في الجبهة، لأنها تحترم إرادة الشعب، حتى لو لم يعطِ صوته للإسلاميين. يقول: quot;الأسلمة وهم، والدليل تشكيل محمد مرسي حكومة مصرية تضم خمسة وزراء من الحركة الإسلامية وثلاثين وزيرًا مستقلًا أو من جهات أخرىquot;.

لدينا برنامج اقتصادي

يعيش الأردن سلسلة أزمات اقتصادية واجتماعية، لأن الاقتصاد الأردني الحالي هو نتاج السياسات الرسمية خلال العقدين الماضيين. يقول منصور إن المسؤولين الأردنيين بددوا ثروات الوطن عبر صفقات مشبوهة، quot;أدت بنا إلى الارتماء في أحضان المؤسسات الدولية كالبنك الدولي وسياساته وصندوق النقد، لذلك نعتقد أن الوضع في البلاد مرشح إلى المزيد من الأزمات إن لم يتم تحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية حقيقية، ونحن نعمل على تطوير برنامج اقتصادي للنهوض بالاقتصاد الوطني الأردنيquot;.
من جانب آخر، أعلن منصور تأييد الحركة الاسلامية لأي توجه وحدوي عربي يكون الأردن نواته، quot;فالدول العربية مطالبة الآن بصيغة من صيغ الوحدة أو الاتحاد ليتحقق التكامل الاقتصادي بين أجزاء الأمة الواحدة، يكون قائمًا على الاتحاد بين الشعوب العربية وليس بين حكوماتهاquot;.
ويعتقد منصور أن بداية هذه المسيرة تكون بتحقيق ديمقراطية حقيقية ليصبح الشعب هو من يختار حكومته ويختار نوابه وأعيانه، quot;ليستطيع بحرية وملء إرادة أن يجري حوارات مع برلمانات وحكومات تعبر أيضًا عن شعوبها، لنبني علاقات شعبية ورسمية على أسس راسخة تضمن استمرارهاquot;.

لا مساس بوحدة سوريا أو الأردن

يرى منصور أن ما يجري في سوريا اليوم quot;ثورة حقيقية انخرط فيها الشعب السوري للاطاحة بنظام اعتنق البطش دينًاquot;، محملًا النظام السوري وآلته التدميرية مسؤولية الأحداث الدامية، quot;فالثورة بدأت سلمية للمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة وحولها الطغيان مسلحةquot;.
أضاف منصور: quot;نحن لا نفصل للشعب السوري قراراته، ولا نختار له مصيره، بل نحترم خياراته وعلينا أن نقف إلى جانبه ليقرر مصيره بيده، لكن الأولوية الآن لحل يوقف نزيف الدم السوريquot;. وشدد منصور على رفضه المساس بوحدة سوريا أو الشعب السوري، تمامًا quot;كما نرفض المساس بالوحدة الوطنية الأردنية وهي خط أحمر، ولا نسمح لأي كان أن ينال منها، ولا بديل عن فلسطين إلا فلسطين، ولا بديل عن سوريا إلا سوريا، ولا خطر على الأردن وعلى الهوية الأردنية إلا من العدو الصهيوني، الذي أقر رئيس وزراء سابق فيه بأنه فكر باحتلال الأردن في العام 2003quot;.
وأوضح منصور أن الحركة وذراعها السياسية لم تلتقِ منذ العام 2003 أي مسؤول أميركي، لا سفير ولا وزير، حين قدمت آنذاك احتجاجًا على جرائم الإدارة الأميركية في العراق.
وقال منصور: quot;نحن نفرق بين الإدارة الأميركية والشعب الأميركي، الذي يمكن التفاهم معه بطريقة أو بأخرى، لكننا نعتقد أن الإدارة الأميركية يحكمها الدعم غير المحدود للكيان الصهيوني بالإضافة إلى أطماعها في المنطقةquot;.