العلم التركي وعلم الثورة السورية على الحدود بين البلدين |
ما زال الحدث السوري بكل حيثياته ودلالات تفجر أزمته خارج حدوده مثار الكلام الصحافي في إعلام بيروت المقروء. فقد تناولت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم ثلاثة تفجيرات، لا يمكن الفصل بينها بأي سبيل من السبل. فالوضع المتشعب في المنطقة وضعها على برميل من البارود، تكثر صواعقه وتنتشر في الدول المجاورة لسوريا.
رفعت الانفجارات الكبيرة في حلب وتيرة المعارك الدائرة هناك وأصابت قلب المدينة التي وصفتها جريدة السفير بميدان لتصفية الحسابات بين المسلحين. لكن هذه الجريدة نقلت عن ناشطين في المدينة شهادات عدد من السكان تتحدث عن احتمال أن يكون التفجيران ناتجين من هجوم صاروخي، quot;حيث سُمع صوت جسم يهوي قبل أن ينفجرquot;.
عبوات أو صواريخ؟
وإذ أعلن التلفزيون السوري أن الانفجارين تمّا بتفجير سيارتين مفخختين في ساحة سعدالله الجابري وسط حلب، قال أحد الناشطين في حلب للسفير إن السيناريوهات المحتملة هي قصف صاروخي أو عبوات ناسفة مزروعة مسبقاً أو سيارات مفخخة، والاحتمال الثالث ضعيف جداً، إذ لا يُسمح لأي سيارة بالركون ضمن محيط كيلومتر واحد على الأقل من الساحة.
غير أن صحيفة المستقبل أوردت أن أربع سيارات مفخخة انفجرت في حلب صباحاً، ثلاث منها في ساحة سعدالله الجابري ومداخلها، والرابعة بالقرب من غرفة التجارة في باب جنين عند مدخل البلدة القديمة.
وانطلاقًا من إعلان جبهة النصرة، وهي ذراع القاعدة في سوريا، مسؤوليتها عن التفجير، تكاثر الكلام عن الاختراق الكبير الذي نجح تنظيم القاعدة في تحقيقه في سوريا، من خلال وجوده في مناطق تسيطر عليها كتائب الثوار المختلفة.
هذا الاختراق، بحسب إجماع الصحف اللبنانية، هو المسؤول حتى اليوم عن تأخر التدخل الغربي في سوريا، إذ ثمة خوف من تنامي القاعدة في البيئة التي تحتضن الثورة السورية، فيرتد الأمر بعدها على الغرب نفسه إن ساعدها بحظر جوي أو بإمدادات أسلحة.
فالسفير مثلًا، وهي لا تخفي ميلها إلى النظام السوري، أوردت أيضًا صورة وزعتها جبهة النصرة عن إعدامها جنودًا نظاميين، لمزيد من التأثر في الرأي العام.
نفض يد
أما طارق ترشيشي في جريدة الجمهورية فيقول إن مناهضي النظام السوري سعوا منذ بداية الثورة إلى تحويل ساحة الأمويين في دمشق أو ساحة سعدالله الجابري في حلب إلى ما يشبه ميدان التحرير في القاهرة، أو ساحة الثورة في صنعاء، فتحولا إلى ساحتين للتفجيرات.
ويردّ هذه التفجيرات إلى فشل المعارضة المسلحة في التوحد، ما وضعها مع مموليها في مأزق، يقول المراقبون إنه قد يكون مدخلاً لإنضاج ظروف تسوية دولية واقليمية وعربية، وحتى سورية، بعد ان بات مبرر نفض اليد مما يجري على الاراضي السورية قوياً على اكثر من مستوى، ويزداد قوة كلما ازدادت نسبة عمليات القاعدة وأخواتها وحضور مقاتليها في المشهد السوري، وهو الحضور الذي بات مقلقا لواشنطن ودول غربية تخشى من ان تصبح بلاد الشام، بما فيها العراق ولبنان والأردن، أرض جهاد لهؤلاء المسلحين، كما بلدان المغرب العربي والقرن الافريقي، وسيناء المصرية.
... والنبي شيت!
الانفجار الثاني فقد حصل بعيدًا من حلب، لكن قريبًا من الحدث الحلبي، أو السوري. ففي بلدة النبي شيت البقاعية، أثار انفجار مستودع لسلاح quot;حزب اللهquot; وذخيرته جملة من الشكوك، خصوصًا أنه يأتي بعد يوم واحد على تشييع القيادي في حزب الله علي حسين ناصيف شمص الملقب بأبو عباس، الذي قضى خلال قيامه بواجبه الجهادي، بحسب بيان الحزب ونعيه.
هذا البيان وهذا النعي لم يفلحا في إقناع المشككين في أن مقتل أبي عبسا حصل أثناء أداء واجبه quot;النضالي إلى جانب النظام السوريquot;، كما تقول المعارضة اللبنانية. هذه المعارضة التي شككت أيضًا في أن يكون أمر النبي شيت على ما أعلنه الحزب، أي quot;انفجار حصل في مستودع للذخائر تُجمع فيه القذائف والذخائر القديمة ومخلّفات القصف الإسرائيلي في المنطقةquot;.
تربط المعارضة اللبنانية بين الأمرين، فجريدة المستقبل تنقل عن مصادر المعارضة قولها إن الانفجار أتى للنعمية على تشييع أبي عباس ورفاقه الشبان الشيعة الذين يدفنون سرًا حينًا وبعيدًا عن العين أحيانًا. فكان أن أراد حزب الله أن ينشغل اللبنانيون بهذا الانفجار، البعيد عن جبهات القتال مع إسرائيل، لينسوا مقدار تدخله في سوريا.
من هذا المنطلق، تتساءل المستقبل إن كان quot;ذهاب مواطنين لبنانيين ليقتلوا مواطنين سوريين بعيدًا عن مقاتلة المحتل الإسرائيلي هو واجب جهادي؟ وهل قتل مواطنين سوريين دعمًا لنظام همجي دموي فئوي لا يراهن على غير الفتنة المذهبية هو واجب جهادي؟ وأين تنتهي الفتنة ليبدأ الجهاد؟quot;
وقالت مصادر بارزة في قوى 14 آذار لجريدة النهار إن مجلس الوزراء تجاهل الحادث تمامًا، كما تجاهل الخرق العلني لسياسة النأي بالنفس، الذي نشأ عن مقتل أبي عباس وعناصر اخرى من الحزب في مهمات جهادية في سوريا quot;كشفت فصولها تورطًا واضحًا للحزب في القتال الى جانب الجيش السوريquot;.
وقالت هذه المصادر إن أي حضور رسمي أو أمني أو عسكري للدولة لم يسجل في النبي شيت بعد الانفجار، ما يرتب على الحكومة مواجهة انعكاسات وتداعيات مختلفة عن المرحلة السابقة، محليًا أو دوليًا.
قذائف على تركيا
أما الانفجار الثالث فكان استهداف أكجاكالي التركية بقذيفة أودت بحياة خمسة مدنيين أتراك، ورد تركيا بقصف مركز على مواقع عسكرية سورية، استمر حتى فجر اليوم.
لا بدّ أنها ألسنة اللهب السوري التي تتمدد خارج الحدود السورية مجددًا، لكن باتجاه تركيا. ولأن تركيا بعين قسم كبير من اللبنانيين صنو للبنان في مقاربة الأزمة السورية، ولأن هذه القذيفة تأتي بعد سيل من القذائف السورية على القرى الحدودية اللبنانية، أوردت صحيفتا المستقبل والنهار تقريرهما عن النزاع السوري التركي المتأزم، بينما أكدت الأخبار، القريبة من حزب الله، اختلاف المحللين الاعلاميين والسياسيين الأتراك في تعليقاتهم على الأزمة، quot;حيث دعا البعض الحكومة إلى الرد عمليًا وعاجلًا على الموقف السوري الاستفزازي، وذلك مقابل آخرين ناشدوا الحكومة التريث والتأكد من خلفيات الموضوع، وقالوا إن مسلحي الجيش الحر قد يكونون وراء هذا الاستفزازquot;.
وبحسب الأخبار، كان مسلحو الجيش السوري الحر سيطروا قبل أسبوعين على بوابة تل أبيض الحدودية، الواقعة في المنطقة الكردية من سوريا، من دون أي رد فعل من الميليشيات الكردية هناك. وتحدث الإعلام التركي آنذاك عن تسلل مسلحي الجيش الحر من تركيا إلى تل أبيض والسيطرة على البوابة الحدودية التي لا تزال تشهد اشتباكات عنيفة بين المسلحين والجيش السوري.
التعليقات