جندي تركي قرب الحدود مع سوريا

تبادلت تركيا وسوريا الأحد نيران القصف عبر الحدود لليوم الخامس على التوالي وبذلك تمّ تصعيد حدة التوتر الذي يرى مراقبون أنه دفع أنقرة إلى الإقتراب مسافة خطيرة من خوض نزاع مكشوف مع جارتها الجنوبية.


أطلقت تركيا عدة قذائف ردًا على سقوط قذيفة هاون سورية في بلدة اكاجكالا نفسها التي قُتل فيها خمسة مدنيين بقذيفة هاون سورية الاسبوع الماضي. وامس الأحد استمر القصف عبر الحدود لليوم الخامس على التوالي.

وجاء الحادث بعد يومين على تحذير رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان من أن أنقرة وإن كانت لا تريد الدخول في نزاع فانها quot;ليست بعيدة عن الحربquot;، وبعد يوم على اعلان وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا ان القصف المتبادل يثير مخاوف من اتساع الانتفاضة السورية وتصاعدها.

وفي اعقاب الهجوم الأول على بلدة اكاجاكالا وافق البرلمان على تفويض الحكومة بدفع قوات الى داخل الأراضي السورية. وفي حين تؤكد انقرة انها طلبت مثل هذه الصلاحية لغرض الردع فان محللين يرون ان السير بمحاذاة الخط الفاصل بين الردع والتصعيد قد يكون صعبا على إردوغان لا سيما إذا استمرت القذائف السورية في السقوط داخل الأراضي التركية.

هل يضاعف إردوغان رهانه؟

ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن المحلل بولنت علي رضا من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن quot;ان إردوغان يواجه خطر الغوص اعمق في المستنقع السوريquot; مضيفا ان رئيس الوزراء التركي quot;عالق بين تراجع مهين عن موقفه أو مضاعفة الرهانquot;.

وقال مسؤول تركي إن الأحداث الأخيرة قد تكون نقطة انعطاف في محاولة تركيا ان تبين للعالم الخارجي انها لا يمكن ان تغض الطرف عن الخطر الذي يهدد المنطقة باستمرار القتال في سوريا. ولكن الولايات المتحدة التي تعتبر أنقرة موقفها حاسمًا، قاومت حتى الآن دعوات إردوغان الى اقامة منطقة عازلة في سوريا.

كما أشارت واشنطن الى معارضتها الشديدة لإرسال اسلحة ثقيلة الى مقاتلي المعارضة السورية خشية وقوعها بأيدي اسلاميين متطرفين. وتزايد هذا الخوف منذ اقتحام القنصلية الاميركية في ليبيا الشهر الماضي ومقتل اربعة اميركيين في الهجوم واستهداف بعثات اميركية في بلدان أخرى ايضا.

تركيا أضل أمل لدى المعارضة السورية

وقالت المعلقة التركية آسلي آيدنتاشباش ان تركيا quot;معزولة دوليا ومن الواضح جدا أن الأميركيين لا يريدون أن يرفعوا إصبعًا واحدًا قبل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر) وربما بعد تشرين الثاني (نوفمبر) ايضاquot;.ويرى مراقبون ان تزايد الدور التركي يمثل، إزاء انعدام فرص التدخل الدولي، أفضل أمل لدى المعارضة المسلحة بالتدخل الخارجي وخاصة إذا كان يعني الاستمرار في استهداف مواقع النظام الحدودية.

ولكن قائدا ميدانيا من المعارضة السورية المسلحة في محافظة ادلب نفى مثل هذه الرهانات قائلا انها quot;عملية اعلاميةquot; لا تتعدى quot;قذيفة أو قذيفتين فقط لانقاذ ماء الوجهquot; في اشارة الى تبادل اطلاق النار. واضاف quot;ان المطلوب قرار دوليquot;.

من جهة أخرى يقول دبلوماسيون في المنطقة ومحللون إن خطر اندلاع مواجهة شاملة بين تركيا وسوريا خطر محدود. وتوقع المحللون أن تستمر هذه الحوادث عبر الحدود بالارتباط مع الاشتباكات بين قوات المعارضة السورية وقوات نظام الرئيس بشار الأسد التي تتعقبها في المناطق القريبة من الحدود.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن المحلل ايهم كامل والمحللة ناز مسراف من مؤسسة يوريشيا غروب للأبحاث quot;ان ارتكاب خطأ في الحساب له مخاطر كبيرةquot; ولاسيما ان quot;انقرة ودمشق لم تعد لديهما قناة اتصالات عسكرية أو سياسية مفتوحة ومباشرةquot;. واضاف المحللان quot;ان انقطاع الاتصالات خلال الاشتباكات جائز وان الجانبين يمكن ان يخطآ في فهم نيات احدهما الآخرquot;.

الأسد لن يتنازل عن الحدود

وتابع المحللان أن الأسد لا يستطيع أن يتنازل عن السيطرة على المنطقة الحدودية التي تعتبر شريان الحياة لمقاتلي المعارضة وأنه أناط عملية صنع القرار العسكري بالقادة المحليين. ومن شأن هذا ان يزيد مخاطر الردود المتسرعة واحتمالات الوقوع في اخطاء يمكن ان تتصاعد.

وكانت تركيا اوضحت انها لا تنوي الدخول في حرب مع سوريا ولكنها سترد على الانتهاكات التي تستهدف سيادة اراضيها الاقليمية. وشكك إردوغان في أن تكون عمليات إطلاق النار من داخل سوريا باتجاه الأراضي التركية حوادث عارضة أو نتيجة اخطاء ولكنه امتنع عن التعليق على نيات النظام السوري.

في غضون ذلك قال ابو طارق قائد أحد فصائل المعارضة المسلحة في محافظة حماة ان ما يقلقه هو الضغط الدولي على تركيا لضبط الحدود بوجه مقاتلي المعارضة الذين يستخدمونها منافذ امدادات حيوية لمواصلة عملياتهم. وفي حين يقول ناشطون ودبلوماسيون ان تركيا تسمح بمرور شاحنات السلاح من دول خليجية عبر اراضيها فان اردوغان ينفي ان انقرة تساعد في تسليح المعارضة.

وقال القائد الميداني ابو طارق لصحيفة فايننشيال تايمز quot;ان تركيا هي كبد الثورة السورية وإذا توقف عن العمل سنواجه مشاكلquot;. ولكنه نفى التقارير التي تحدثت عن وجود تنسيق بين وحدات المقاتلين والجيش التركي في تحديد اهداف للقصف على الجانب السوري من الحدود مؤكدا ان الاتراك أكثر من قادرين على تحديد هذه الأهداف بأنفسهم دون مساعدة أحد.

وابدى مقاتلون سوريون شعورهم بالاحباط إزاء ما يقولون انه رد منضبط من تركيا ولكنهم رفضوا الاتهامات القائلة انهم يتعمدون إشعال الحدود لدفع تركيا الى مواجهة مسلحة مع النظام السوري من النمط الذي طالما دعوا اليه.