جنود أتراك على الحدود قرب قرية أكجاكالي التي تعرضت للقصف السوري

ردّت تركيا على قذيفة سورية سقطت في إحدى قراها الحدودية، فكان الرد عنيفًا عسكريًا وسياسيًا بدعوة الحلف الأطلسي للاجتماع وبإجازة البرلمان للحكومة عملًا عسكريًا خارج الحدود. لكن الخبراء يستبعدون حربًا سورية ndash; تركية الآن.


قصفت تركيا يوم الأربعاء موقعًا عسكريًا سوريًا عبر الحدود، بعد مقتل خمسة مدنيين على الأقل بقذيفة هاون أُطلقت من سوريا على قرية أكجاكالي.

ويؤشر القصف التركي، الذي استمر يوم الخميس، على أول عمل عسكري تقوم به دولة أجنبية في سوريا منذ اندلاع الانتفاضة ضد نظام الرئيس بشار الأسد في ربيع العام الماضي. وكانت قوات النظام السوري ضربت عددًا من الأهداف التركية خلال النزاع السوري الداخلي، الذي تقدم فيه تركيا دعمًا متزايدًا لقوى المعارضة التي تقاتل من اجل إسقاط النظام الحاكم في دمشق.

في ضوء نفي رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان نية بلاده خوض حرب مع سوريا، يستبعد محللون تطور الحادث الحدودي إلى حرب شاملة، إلا إذا ردّت دمشق ردًا أهوج على القصف التركي، الأمر الذي لا يبدو مرجحًا إزاء ضعف النظام السوري في الداخل، الذي يزيده التصعيد الأخير ضعفًا وعزلة.

لعبة الأطلسي

تطالب تركيا الآن بالتزامات حازمة من حلفائها في حلف شمالي الأطلسي ضد النظام السوري. وفي أعقاب الاجتماع الطارئ الذي عقدته دول الحلف الثماني والعشرون ليل الأربعاء في بروكسل، صدر بيان يدين خرق النظام السوري الصارخ للقانون الدولي، ويطالب بالوقف الفوري لمثل هذه الأعمال العدوانية ضد دولة حليفة.

ويمكن أن تؤدي الاجتماعات اللاحقة، في حال استمر النظام السوري في اعماله الاستفزازية، إلى استحضار المادة الخامسة من ميثاق الحلف، التي تنص على دفاع الحلف عن أي دولة عضو تتعرض للهجوم.

لكن يبدو أن انقرة تراهن على أن الأسد لن يقامر بشن هجمات اخرى على الأراضي التركية إذا وصلته رسالة حلف شمال الأطلسي الواضحة بوقوفه بحزم إلى جانب تركيا. كما يعلم الاتراك حاجتهم إلى توظيف ورقة الانتخابات الرئاسية الأميركية لكي يضمنوا التزام حلف شمال الأطلسي. فإذا امتنع البيت الأبيض عن توجيه إشارات قوية بدعم تركيا، سيعرض الرئيس أوباما نفسه لاتهامات بالتواني عن الوقوف إلى جانب دولة أطلسية حليفة في وقت الحاجة.

من هذا المنطلق، يرجح مراقبون أن تصغي الادارة الاميركية إلى الدعوات التي تطالب اوباما بتقديم الدعم الثابت للقيادة التركية.

وإذا خذل الحلف الطلسي تركيا الآن ، لن تتردد تركيا في إنهاء التزاماتها تجاه الحلف. وآخر ما تحتاجه واشنطن الآن هو خسارة الحليف المسلم الوحيد النافذ في الشرق الأوسط، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال.

قوة التخويف

وعلى الرغم من استراتيجية تركيا المحسوبة لنيل دعم الولايات المتحدة والحلف الأطلسي، فإنها لا تترك شيئًا للصدفة في مساعيها لحماية اراضيها ضد تجاوزات الأسد. فقد أجاز البرلمان التركي الخميس تنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية quot;إذا اقتضى الأمرquot;.

وتحدثت وسائل إعلام تركية عن حشود للجيش التركي على الحدود السورية. ويعيد الموقف إلى الأذهان ما حدث عام 1998 عندما اسفر استعراض تركيا قوتها على الحدود عن تغيير الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، والد بشار، سياسته في ايواء مقاتلي حزب العمال الكردستاني وقادته. وقد كان استعراض القوة ذاك مثالًا على ما يمكن أن يحققه التهديد بالاجتياح من نتائج.

رد متأخر

وإزاء قوة الموقف التركي، من المستبعد أن يرد الأسد على القصف التركي لمواقع جيشه. لكن يبدو أن صبر تركيا يكاد ينفد منذ حزيران (يونيو) الماضي، أي منذ أسقطت دفاعات الأسد الجوية طائرة حربية تركية فوق البحر المتوسط.

وبعد مناوشات اليومين الماضيين، فان الدولتين تشتبكان على نحو متزايد في شكل من أشكال الحرب التي تختمر ببطء، على حد تعبير وول ستريت جورنال.

وفي الواقع، كان القصف التركي ردًا متأخرًا على حادث إسقاط الطائرة، إذا ما علمنا أن قذيفة الهاون السورية سقطت على البلدة التركية من طريق الخطأ، عندما كانت قوات النظام تقصف مواقع للمعارضة المسلحة على الجانب السوري من الحدود.

وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال، هذه كانت طريقة الاتراك في قولهم للأسد: quot;سنجعلك تدفع الثمن ولكن في توقيت لا تتوقعهquot;.

ومن شأن الرد التركي بقصف مواقع لقوات النظام السوري أن يقوي معنويات الثوار السوريين بدرجة كبيرة. فنظام الأسد ازداد ضعفًا هذا الاسبوع، وسيكون أضعف مع قيام تركيا بتمهيد الطريق لملاحقة نظامه، ضربة تلو الأخرى.