بدأت نيران الحرب في سوريا تقترب تدريجياً من المزارعين العاملين في بلدة تركية صغيرة تعرف بـ quot;هاسيباساquot;، تقع في جنوب غرب البلاد، في ظل سماعهم لدوي الانفجارات ومشاهدتهم بصورة تكاد تكون يومية لأعمدة النيران والدخان من حولهم.
أشرف أبوجلالة من القاهرة: في ظل اشتعال المواجهات بين قوات الرئيس السوري بشار الأسد والثوار في قرية أزميرين، عبر نهر العاصي الضيق، قال مزارع تركي، يُدعى أنفار الماس، ويبلغ من العمر 46 عاماًَ، quot;منذ السادسة من صباح اليوم وهم يقصفون تلك القرية. ونحن لا ننكر أننا نعيش في حالة من الذعر والخوف. فقريتنا متاخمة مباشرةً للحدودquot;.
لفتت في هذا الصدد صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إلى أن تركيا وسوريا يتشاركان حدودًا متعرجة بطول مسافة قدرها 500 ميل، حيث توجد قرى، وتتشارك العائلات أسماءها وأنسابها، إن لم تكن جوازات سفرها كذلك.
في وسط هذا الإيقاع الهادئ، الذي تتسم به الحياة الريفية، فإن الناس هناك يعيشون في حالة من الرعب على خلفية الصراع المستمر إلى جوارهم منذ 19 عشر شهراً، وهم يتخوفون من احتمالية أن تطالهم تداعيات ذلك الصراع، وينشب بالتالي حريق في المنطقة.
وأعقبت الصحيفة بتأكيدها على أن تلك الحرب، التي تصبح أكثر وضوحًا أثناء النهار، تقترب يوماً بعد الآخر من هؤلاء المزارعين البسطاء، منوهةً بأن التوترات عبر الحدود كانت في أوجها يوم أمس الجمعة، حين اعترضت تركيا طائرتين مقاتلتين بعدما أفادت تقارير بأن مروحيات سورية كانت تهاجم قرية أزميرين، ما أدى إلى ظهور مخاوف من احتمالية حدوث توغل آخر من الجانب السوري في الأراضي التركية.
ثم تحدثت الصحيفة عن حقيقة المخاطر الفعلية، التي تحدق بتلك المنطقة الحدودية، وهو ما لمسته من خلال الرحلة التي قام بها مراسلها هناك، خاصة مع إظهار القادة الأتراك أنهم غير راغبين في لعب دور خلف الكواليس لمساعدة الثوار السوريين.
مضت الصحيفة تنقل عن محمد علي موتافوغلو، الذي يدير مشروع نسيج خاص بعائلته في مدينة غازي عنتاب الحدودية التي تشتهر بالفستق ومراكز التسوق التي تستخدم في جذب حافلات تقل السوريين، قوله: quot;تهيمن حالة من الفوضى على المشهد الآن. فالناس في إسطنبول وأنقرة لا يعرفون حقيقة ما يجري هنا من أحداثquot;.
وأضاف موتافوغلو أنه سبق له أن استثمر مبلغاً قدره 40 مليون دولار في مصنعين في سوريا كانا يدرّان عليه ربحاً سنوياً قدره 25 مليون دولار، وأنه يخشى الآن ضياع استثماراته، بالاتساق مع تدهور العلاقات التي كانت تربط تركيا بسوريا.
وأشار إلى أنه يتوقع بشكل جازم أن يتم جرّ تركيا بشكل أكبر إلى القتال، لافتاً إلى أنه كان يتعيّن على البلاد أن تبذل جهداً أكبر من البداية في جهود الوساطة لتسوية النزاع. وأكمل موتافوغلو حديثه بالقول quot;إنه استثمار بـ 40 مليون دولار، وأنا لن أتركهquot;.
في مدينة حدودية أخرى يطلق عليها، كيليس، أوضح موتافوغلو أن أسعار الطعام وإيجارات الشقق قد ارتفعت بصورة حادة، وأن المستشفى المحلي كان ممتلئاً للغاية بالسوريين، وأنها لم تكن تستوعب في بعض الأحيان استقبال المواطنين المقيمين هناك.
تابعت الصحيفة بنقلها عن مزارع آخر، يدعى داوود بيراموغلو، وقد بات يبيع الشاي والبسكويت والسجائر، قوله quot;أنا غير مرتاح لذلك، لأن هؤلاء الناس سيبقون هنا للأبد، وسيتسببون في حدوث مشكلات. ونحن نقول دائماً إنهم مسلمون، وإنه يتعيّن علينا أن نساعدهم، لكن ألا يوجد مسلمون آخرون يمكنهم تقديم يد العون إليهم؟quot;.
وأضاف عثمان ألتينويماك، وهو مصرفي متقاعد، بقوله quot;المستشفى الخاص بنا يعتبر واحدًا من أفضل المستشفيات في تركيا، لكن لم يعد بوسعها خدمة المواطنين هنا. وقد باتت الآن ممتلئة بالعربquot;.
وختمت النيويورك تايمز بلفتها إلى نوع آخر من المخاطر، وهو ذلك المتعلق بتلك القذائف التي تسقط في بعض الحقول من دون أن تنفجر، حيث يتطلب ذلك من أصحاب الحقول استدعاء قوات الجيش لكي تتعامل مع ذلك الخطر.
التعليقات