التحدي الأوسع نطاقاً الذي يواجه تركيا الآن هو كيفية التعامل مع الفوضى التي امتدت عبر حدودها مع سوريا. ورغم أنها تعارض الأسد إلا أنها لا تستطيع أن تشنّ حرباً شاملة ضده لا سيما من دون دعم أميركي.
نازحون سوريون أثناء عبورهم نهرا في طريقهم للوصول إلى الأراضي التركية |
لميس فرحات: رغم طبول الحرب التي تقرع بين أنقرة ودمشق، إلا أنه من المستبعد أن تندلع حرب بين الدولتين في أي وقت قريب، لحسابات كثيرة، أولها تجنّب انتقال الأزمة السورية إلى حرب تحرق منطقة الشرق الأوسط، يليها عدم رغبة تركيا في دخول ساحة النزال وحدها بعدما أعرب الغرب عن تردده.
حبس المجتمع الدولي أنفاسه بعد التطورات الراهنة الأخيرة في تركيا، لا سيما بعدما وافق البرلمان التركي على طلب الحكومة التفويض بعمل عسكري ضد سوريا، في أعقاب تعرّض قرية حدودية تركية لقصف سوري أودى بحياة خمسة أشخاص.
ما زاد الأمور حدّة هو إجبار طائرة quot;ايرباص 321quot; على الهبوط في مطار أنقرة بعدما رافقتها أربع طائرات اف-4 تابعة لسلاح الجو التركي.
وعلى الرغم من كل هذه التوترات لا يزال من المستبعد أن تشنّ تركيا حرباً على سوريا، فقلة من الناس تتوقع الحرب، في حين يقول كثيرون إن أنقرة مضطرة للرد بعد أسابيع من القذائف السورية التي تسقط على البلدات الحدودية.
التحدي الأوسع نطاقاً الذي يواجه البلاد الآن هو كيفية التعامل مع الفوضى التي امتدت عبر الحدود من سوريا بعد 19 شهراً من الصراع بين القوات الموالية للأسد ومقاتلي المعارضة.
تركيا تصارع لاستيعاب موجات هائلة من اللاجئين، وتسعى إلى منع النزاعات من التسرّب إلى أراضيها. وعلى الرغم من أنها لا تستطيع أن تعيش مع الأسد، إلا أنها في الوقت نفسه لا تستطيع أن تشنّ حرباً شاملة ضده، لا سيما من دون دعم الولايات المتحدة.
وقد أظهرت الولايات المتحدة وغيرها من حلفاء شمال الأطلسي تردداً واضحاً في التورّط مباشرة في صراع مشوّش وغامض، من المرجّح أن يكون قد تسلل إلى صفوفه العديد من المجموعات التابعة لتنظيم القاعدة.
يخشى الكثير من المراقبين أن يتحول النزاع في سوريا إلى حرب أهلية، فالأحداث السورية تستحضر بالفعل بعض المقارنات مع الحرب الطائفية الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عاماً.
في تركيا، يقول منتقدو إردوغان إن رئيس الوزراء يقود الأمة نحو الصراع، مبتعداً بذلك عن سياسة أنقرة التي كانت ناجحة في ما مضى، والتي تعتمد على مبدأ quot;لا مشاكل مع الجيرانquot;.
لكن رئيس الوزراء ينفي التصرف بتهور، فقد قال في الأسبوع الماضي: quot;نحن لا نسعى إلى الحرب. لكننا لسنا بعيدين عنهاquot;.
وعلى الرغم من هذا التصريح، تبقى الحرب احتمالاً بعيداً، أقله لأسباب ترتبط بالتوسع الاقتصادي لتركيا في السنوات الأخيرة ورغبتها في المحافظة على هذا التقدم لضمانها الاستقرار السياسي والاجتماعي.
هبوط الطائرة السورية قسراً في تركياً تصعيد خطر
بقي التوتر التركي ndash; السوري في سياق المناوشات وبعض الأخذ والرد على الحدود، لكن الأزمة شهدت تصعيداً خطراً يوم الأربعاء من خلال إجبار طائرة ركاب سورية يشتبه في أنها تنقل السلاح إلى النظام من موسكو، في حين كشفت الولايات المتحدة عن تمركز فريق من جنودها على طول الحدود الأردنية مع سوريا.
quot;نحن مصممون على السيطرة على عمليات نقل الأسلحة إلى النظام الذي يقوم بتنفيذ مثل هذه المجازر الوحشية ضد المدنيين. ومن غير المقبول أن تحدث عمليات نقل كهذه باستخدام مجالنا الجويquot;، قال أوغلو للتلفزيون التركي. بعد ساعات قال أوغلو إن الطائرة ستغادر أنقرة، لكن وكالة الـ quot;أسوشيتد برسquot; ذكرت أن حمولتها قد صودرت.
وعرضت القنوات التلفزيونية التركية تقارير متضاربة عن حمولة الطائرة، فقال بعض المسؤولين الأتراك إن quot;المواد التي صودرت تعتبر أجزاء من الصواريخquot;، في حين تحدثت الـ quot;سي ان انquot; عن أجهزة اتصالات عسكرية، وتبقى هذه التقارير غير مؤكدة.
الطائرة السورية التي أجبرتها تركيا أمس على الهبوط في مطارها لإخضاعها للتفتيش |
فريق أميركي في الأردن استعداداً لسيناريوهات ما بعد الأسد
وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الاميركية ان نحو 150 عسكريا أميركيا يتمركزون في الأردن للمساعدة على وضع الخطط التي تهدف إلى تأمين أسلحة الدمار الشامل في حال انهيار النظام السوري، وفقاً لمعلومات نشرتها صحيفة الـ quot;وول ساريت جورنالquot;.
وقال مسؤولون عسكريون إن الفريق بدأ بالوصول منذ نحو ستة أشهر، وقد انخرطوا في جهود التخطيط مع الأردن على تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية في سوريا استعداداً لمرحلة ما بعد الأسد. ونقلت الصحيفة عن جاي كارني، السكرتير الصحافي في البيت الأبيض، إن الانتشار العسكري ليس إشارة لحدوث تغيير في موقف الولايات المتحدة، مضيفاً أن الإدارة ستواصل تقديم المساعدات quot;غير القاتلةquot; فقط.
وأضاف: quot;هذا ليس تصعيداً. اننا نعمل مع شركائنا كجزء من خطط الطوارئ التي نعتمدها للتعامل مع آثار وحشية الأسدquot;. الأردن لديه تاريخ طويل من التعامل مع اللاجئين من الضفة الغربية والعراق ومناطق أخرى. وقال بعض الخبراء إن وجود المخططين العسكريين الأميركيين يشير إلى الجهود المبذولة لزيادة الاستعدادات لسقوط الأسد.
وقال جوزيف هوليداي، وهو خبير في الصراع السوري في معهد دراسة الحرب في واشنطن، إنه quot;من المعقول جداً أن يكون وجود الفريق الأميركي في الأردن استعداداً لمواجهة سيناريوهات انهيار النظام. سيكون من المنطقي بالنسبة إلينا أن نفعل ذلك بالتنسيق مع الأردنيينquot;.
وقال مسؤولون أميركيون إنهم يعتقدون أن الحكومة الأردنية لن تكون راغبة في دخول سوريا طالما لا يزال نظام الأسد في السلطة.
التعليقات