تصريح حميد شباط الأمين العام لحزب (الاستقلال) المغربي بشأن التفكير في حكومة انقاذ وطنيّ، أثار الكثير من اللغط في المملكة. شباط بات متّهمًا بموجب دعوته تلك بتصدير مشاكل داخل حزبه إلى الحكومة، كما انّ خطوته لم ترق للأحزاب المشاركة في الحكم.


الرباط: أربك حميد شباط، الأمين العام للاستقلال (الائتلاف الحاكم)، المشهد السياسي المغربي، بعد أن أعلن عن quot;التفكير في حكومة إنقاذ وطنيةquot;، مباشرة بعد تسلم مفاتيح ثاني أقوى مكون في الحكومة الحالية، التي يقودها حزب العدالة والتنمية.

وخلق هذا الإعلان الكثير من اللغط حول قرب إجراء تعديل حكومي، قد يخرج كل من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي تربطه علاقة متوترة مع العدالة والتنمية، والأصالة والمعاصر، الذي يعد أبرز quot;خصمquot; للإسلاميينquot;، من المعارضة إلى الحكومة.

تصريح اشكاليّ

غير أن تصريح شباط لم يرق سواء لمكونات الأغلبية ولا المعارضة على حد سواء، إذ أكد الاتحاد الاشتراكي أن الغرض منه هو quot;تصفية حسابات داخليةquot;، في ما طرح مراقبون تساؤلات حول طبيعة quot;الأزمةquot; التي يمر منها المغرب حتى تكون هناك quot;حكومة إنقاذ وطنيquot;؟.

وفي هذا الإطار، قال محمد الطالبي، عضو المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي، إن quot;تصريحات شباط لا تعنيه إلا هوquot;، مشيرا إلى أنه quot;ليس من حق زعيم سياسي، وفق الأخلاقيات المتعارف عليها، الحديث باسم حزب آخرquot;.

وأكد محمد الطالبي في تصريح لـquot;إيلافquot;، أن quot;خطاب حكومة إنقاذ وطنية لا داعي له اليوم، إذ أننا يجب أن نخرج من هذا الالتباسquot;، مبرزا أنه quot;ليس لدينا وضع استثنائي يتطلب حكومة إنقاذ وطنيةquot;.

وأضاف quot;ليست هناك أزمة، ويفترض أن بلادنا خرجت لتوها من مخاض سياسي، وأقرت دستورا جديدا، وأجرت انتخابات شكلت على إثرها حكومة يجب أن تمارس صلاحيتهاquot;، وزاد مفسرا quot;على شباط أن يظهر لنا مؤهلاته في الحكومةquot;.

وذكر عضو المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي أن غرض الأمين العام للاستقلال من خلق هذا الالتباس السياسي هو quot;تصفية حسابات داخل حزبه، ونحن في الاتحاد الاشتراكي لا يمكننا أن نسمح بأن تصفى حسابات داخل مكون سياسي معين على حساب الاتحادquot;.

وأوضح محمد الطالبي أن quot;الاتحاد الاشتراكي اختار أن يكون في المعارضة، بناء على رغبة المغاربة، الذين لم يصوتوا عليه، إذ حصلنا على عدد معين، عندما حللناه في مجالسنا الوطنية والاجتماعات الداخلية للحزب كانت الخلاصة أن المغاربة قالوا للحزب اذهب للمعارضة لا نريدك في الحكم الآن، ونحن لا يمكن أن نعود إلا من خلال صناديق الاقتراعquot;.

وأضاف quot;لا شباط ولا غيره يمكن أن يفرض علينا أجندته. ونحن أيضا لسنا رهينين بالمعارضة الأخرى الموجودة في المغرب. فلا أحد يمكنه أن يجرنا لا للحكومة ولا للمعارضة.. فالاتحاد الاشتراكي قراره مستقلquot;.

وقف الحديث الانفرادي عن التعديل

قال عبد العزيز أفتاتي، النائب البرلماني والقيادي في حزب العدالة والتنمية، إن quot;التعديل الحكومي أمر يدبره جميع الفرقاء في الائتلاف، ويكون استجابة لحاجة موضوعية وملموسةquot;، مشيرا إلى أنه quot;إذا كان عند البعض أجندة خاصة به فليتفضل بإنجازهاquot;.

وأكد محمد أفتاتي، في تصريح لـquot;إيلافquot;، على quot;ضرورة الكف عن الحديث الانفرادي على التعديل الحكوميquot;، وزاد مفسرا quot;لا يمكن لجهة واحدة الحديث عن هذا الموضوع وفق تقديرهاquot;.

وذكر القيادي في العدالة والتنمية أن quot;أي تصريح لا يلزم إلا صاحبهquot;، مضيفا أن quot;التعديل شعور مشترك ويستجيب لحاجة موضوعيةquot;.

وأوضح أفتاتي أن quot;الأصالة والمعاصرة، الذي جرى ذكر اسمه في الحديث عن حكومة الإنقاذ الوطني، خارج الأجندةquot;.

التغيير ليس بيد شباط

رغم أن تأكيد سياسيين على أن إعلان حميد شباط لم يكن بريئا، وأنه يسعى فعلا إلى سحب البساط من حكومة الإسلاميين، إلا أن عمر بندورو، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، استبعد إجراء أي تعديل حكومي في القريب من الأيام.

وتسائل عمر بندورو، في تصريح لـquot;إيلافquot;، quot;لماذا ستكون هناك حكومة إنقاذ وطنية؟، قبل أن يكمل حديثه قائلا quot;لا أعتقد أن مثل هذه المسألة ستحقق حاليا. فالأمر يحتاج لاتفاق بين الأحزاب المكونة للحكومة وموافقة الملكquot;.

وأضاف المحلل السياسي quot;الحكومة الحالية ما زالت في بداياتها، ولا نعرف مصيرها بعد، وأعتقد أن التكهن بتغيير الائتلاف الحكومي حاليا مسألة سابقة لأوانها. فالمسألة ليست مطروحة حاليا، وهي مستبعدة حتى من طرف الأحزاب الموجودة حاليا في المعارضةquot;.

وقال عمر بندورو quot;لا أعتقد أنه سيجري حاليا تغيير في الائتلاف الحكوميquot;، وزاد مفسرا quot;ربما شباط يفكر في التغيير، لكن الأمر ليس لا بيده ولا بيد الائتلاف، بل يجب أن يكون باتفاق مع الملكquot;.

وأوضح أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط أن quot;الملك يريد أن يحتفظ بهذه الحكومة حتى يرى كيف تمر تجربتها وطبيعة النتائج السياسية التي ستحققهاquot;.

وكان الأمين العام للاستقلال انتقد، فور انتخابه، أداء بعض وزراء الحكومة الحالية، ومن بينهم وزراء من حزبه، مؤكدا في الوقت نفسه quot;ضرورة الحفاظ على تماسك الحكومة لصيانة استقرار المغربquot;.