ينصرف المعارضون السوريون، الذين باتوا يبسطون سيطرتهم على مدينة منبج، إلى إعادة تشكيل جهاز الشرطة تدريجيًا، حتى يتصدوا لارتفاع معدل الجريمة والسرقات وعمليات القتل. لكن تواجه مهمتهم الجبارة هذه عوائق تتمثل بحاجتهم الماسة إلى الاموال والمعدات.
منبج: أخرج المقاتلون المعارضون أجهزة الامن السورية من منبج في شمال سوريا في تموز(يوليو) لكنّ المجرمين عادوا اليها عندما استعادت هذه المدينة هدوءها.
وانشأ الثوار وحدة مؤلفة من خمسين quot;شرطيًا من الثوارquot; لبسط سلطة دولة القانون في منبج، القريبة من الحدود التركية والبعيدة 80 كلم شمال مدينة حلب التي تشهد معارك طاحنة منذ منتصف تموز (يوليو).
ويقود نواة جهاز الشرطة هذا ابو محمد المسؤول المنشق عن الشرطة والذي أتى من منطقة أخرى من سوريا.
الحرية لا تعني اختزال المؤسسات
وقال ابو محمد في أحد مكاتب المركز الاداري الاساسي في المدينة quot;يعتقد بعض المواطنين أن الحرية تعني عدم وجود مؤسسات، لكن لا!quot;. واضاف quot;بين تحرير منبج واليوم حصلت بالتأكيد أخطاء وانتهاكات وجرائم، وبدأ عدد المجرمين يتزايد لأن السلطة المخولة اعتقالهم غير موجودةquot;.
واوضح quot;لذلك نسعى الى تنظيم قوة من الشرطة من الثوار لمكافحة الجرائم والتعديات على الحقوقquot;. وكان اعضاء هذه القوة الجديدة في عداد اجهزة امن النظام، وقد انشقوا جميعًا. ولم يشاركوا في quot;اعمال ضد المتظاهرين وضد الشعبquot;، كما قال ابو محمد.
نقص الأموال
واضاف ابو محمد أن الذين يستطيعون الالتحاق بوحدة الشرطة هذه هم الذين خدموا في السابق في اجهزة الامن والشرطة، ولا تتوافر لنا الآن امكانية تشكيل متطوعين جدد. وعدا عن العناصر، تفتقر الشرطة ايضا الى الاموال والمعدات.
وقال احد عناصر الشرطة quot;ثمة سيارة هي من نوع تويوتا لاند كروزر، لكنها تستهلك كثيرًا من البنزين ولا تتوافر لدينا الاسلحةquot;. واقيم جهاز قضائي جديد لمواكبة عمل الشرطة مع نيابة وقضاة وسجن في الطبقة السفلى لأحد الفنادق.
استخفاف بنظام الأسد
ويتجلى الاستخفاف بالنظام على المدخل من خلال صور الرئيس بشار الاسد الملصقة على بلاط بهو الفندق وفي طبقته السفلى حتى يدوسها الداخلون والخارجون. وقال محام اصبح احد قضاة النيابة إن الاجراءات القضائية مستوحاة من القانون الفرنسي وادخلت عليها تعديلات حتى تتسم بالسرعة المطلوبة.
وذكر المحامي محمد عثمان الذي يجلس وراء مكتبه في بهو الفندق: quot;نظامنا القضائي مدني وعقوبتنا هي السجنquot;. واضاف ثمة: quot;مجموعة من المحامين للمحاكمات والتحقيقات والاحكام ونستعين بشيوخ في لجنة التحكيمquot;.
ويعرب هذا المحامي ايضًا عن أسفه لعدم توافر الاموال الضرورية لمواجهة التحدي الكبير الذي يشكله بسط الامن في هذه المدينة التي كان عدد سكانها حوالي 100 الف فر عدد كبير منهم منذ اندلاع الانتفاضة على الرئيس بشار الاسد قبل 19 شهرًا.
وشدد المحامي محمد عثمان على القول إن quot;مشكلتنا مالية. وعناصر الشرطة هم ارباب عائلات ويحتاجون الى المال الذي لا يحصلون على شيء منهquot;. وفي الطبقة السفلى يستجوب محققون رجلاً بتهمة سرقة دراجات نارية. وفي غرفة اخرى مقفلة، يجلس عشرة سجناء أو يتمددون على فرش.
ويسود الهدوء في الخارج خلافًا لحلب حيث تتواجه القوات الموالية والكتائب المتمردة. اطفال يلهون في الشارع. ويرتب رجل علب السجائر التي يبيعها. ويدخن مسنون وهم جالسون على صناديق الخضار في متجر.
وقال احد سكان منبج غياث الحسن (23 عامًا) إن الامن يعود الى المستوى السابق قبل سيطرة المعارضين على المدينة. لكن اذا كانت المعارك قد توقفت، ما زال يتعين على المدينة مواجهة الغارات الجوية التي تشنها طائرات النظام.
التعليقات