مع قرب حلول فصل الشتاء، يتوقع أن تتزايد معاناة هؤلاء الأشخاص السوريين الذين شرّدوا من منازلهم، ويقدر عددهم بحوالي مليون ونصف مليون، مع استمرار أعمال القتال، حيث يفتقرون للطعام المناسب والسكن والأمان، بينما لا تلوح بوادر نجدة في الأفق.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: عن تلك الأوضاع المأساوية الحالية والمنتظرة لهؤلاء السوريين المشرّدين، نقلت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية عن أم، بينما كانت تطعم ابنها الصغير، قولها: quot;ليس لدينا طعام كافٍ، وليس لنا ملاذ مناسب. وما الذي سنفعله مع قدوم فصل الشتاء؟quot;.

وأشارت الصحيفة إلى أن المئات، الذين يعيشون وسط بساتين الزيتون على حواف بلدة أطمة التي تخضع لسيطرة الثوار، وتحتضن الحدود التركية- السورية من بين الـ 1.5 مليون سوري الذين تم تشريدهم نتيجة الصراع، مازالوا يعيشون في سوريا.

وتسببت الفوضى التي نجمت من الحرب في صعوبة تحديد أعداد هؤلاء الذين فقدوا منازلهم بالضبط، لكن هناك بعض التقديرات التي تشير إلى أنهم حوالي 4 ملايين سوري.

فيما أشارت تقديرات خاصة بالأمم المتحدة إلى أن اللاجئين السوريين في الخارج ربما يزيد عددهم على 500 ألف لاجئ، وهم الأشخاص الذين رأت الصحيفة أنهم قد يكونون محظوظين، فهم على الأقل لديهم ملاذ يمكنهم الاختباء والعيش في داخله، ويعيش كثير منهم في مخيمات رسمية، حيث يتوافر الحد الأدنى من الضروريات، وينتظم الأطفال الصغار في المدارس، وتساعدهم دول وجماعات دولية.

أما هؤلاء المشرّدون الذين مازالوا يتواجدون في سوريا فيندر تنعمهم بالأمن أو بالمساعدات، ويعتمد الكثير منهم على أعمال الخير من جانب الأقارب أو الأسر الودودة، أو على مساعدات محدودة تُمنَح من المنظمات المعنية بالإغاثة أو من الحكومة.

هذا وقد بدأت أعداد تقدر بالمئات تلجأ إلى الحدود السورية التركية خلال الأسابيع الأخيرة، في الوقت الذي بدأت تفرض فيه تركيا قيودًا على الدخول، إلى أن تتمكن الحكومة من بناء المزيد من المخيمات، وهو ما أدى إلى حدوث مأزق إنساني متزايد.

ومضت الصحيفة تنقل عن أم أخرى تدعى أم طلال قولها: quot;هذه ليست طريقة للعيش بالنسبة إلينا. فكيف لنا أن نمنع الأطفال الصغار من الإصابة بمختلف الأمراض؟quot;.

ولكونها محاطة عملياً من جانب تركيا، فقد أصبحت تلك المنطقة الحدودية نوعاً من أنواع المناطق العازلة بحكم الواقع، تجذب اللاجئين وكذلك الثوار المقاتلين. ونتيجة لذلك، تزايد عدد سكان أطمة أكثر من ثلاثة أضعاف، ليصبح أكثر من 15 ألف نسمة.

فيما قالت أم أخرى لثلاثة أبناء، بعد رفضها الكشف عن اسمها الحقيقي لأسباب أمنية، quot;فقدنا 9 أشخاص من عائلتيquot;. ولم تستطع أن تكمل حوارها مع الصحيفة بعدما غلبتها الدموع، واحتبس الكلام في فمها، ولم تتمكن من إخراجه، من فرط الحزن والألم.

عاودت أم طلال، في بساتين الزيتون، لتندب حظها نظراً إلى عدم وجود مكان لعائلتها في المخيم الجديد. ورغم عزمها إيجاد ملاذ مناسب قبل دخول فصل الشتاء البارد، إلا أنها عبّرت عن قلقها من احتمالية التوجّه إلى تركيا، وقالت إنها تفضّل الموت في وطنها.