تواجه باراك أوباما وميت رومني في مناظرتهما التلفزيونية الثانية التي تميزت عن المناظرة الاولى بمزيد من الحدة في النقاش بين المرشحين للبيت الأبيض، وبموقف أكثر هجومية من جانب الرئيس الديموقراطي المنتهية ولايته.


هامبستيد: سعى كل من باراك أوباما وميت رومني مساء الثلاثاء في المناظرة الرئاسية الثانية لدفع حججه بقوة من دون أن يتردد في مقاطعة خصمه في بعض الاحيان واحتدم النقاش حول جميع المواضيع سواء الميزانية والضرائب، أو الطاقة أو الهجرة أو ليبيا وصولاً الى الموقف حيال الصين.

واظهر استطلاعان فوريان للرأي صدرت نتائجهما في غضون ساعة من انتهاء المناظرة تقدمًا طفيفاً لأوباما اذ اعتبر 46% من مجموعة استطلعتها شبكة سي ان ان التلفزيونية أن الرئيس خرج منتصرًا من المناظرة مقابل 39% اعتبروا أن رومني انتصر. وفي تحقيق آخر اجرته شبكة سي بي اس تفوق أوباما ايضاً على رومني بـ37% مقابل 30%.

واقبل أوباما على المناظرة مصمماً على الفوز لاستعادة التفوق على خصمه الجمهوري قبل ثلاثة اسابيع من الانتخابات الرئاسية في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر وقد نجح في تسجيل عدة نقاط. ولعل النقطة المحورية في المناظرة كانت الجدل حول الهجوم الذي تعرضت له القنصلية الاميركية في بنغازي في ليبيا وأسفر عن مقتل اربعة اميركيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز في 11 ايلول/سبتمبر.

واغتنم رومني طرح هذا الموضوع ليحاول تقديم الرئيس على أنه ضعيف في السياسة الخارجية مؤكدًا أن استراتيجية أوباما في الشرق الاوسط quot;تتداعى تحت انظارناquot;. ونظر أوباما مباشرة الى رومني لينقض اتهامات الجمهوريين للبيت الابيض في هذه القضية مؤكدًا quot;لا يمكن تحويل الامن القومي الى مسائل سياسيةquot;.

وقال بصرامة quot;إن التلميح الى أن ايًا من اعضاء فريقي، سواء وزيرة الخارجية أو السفيرة لدى الولايات المتحدة، ايًا كان من اعضاء فريقي يمكن أن يتعمد التسييس أو التضليل في وقت خسرنا فيه اربعة من مواطنينا، أمر مهين حضرة الحاكمquot;.

وتابع الرئيس في اللحظة الاكثر حزماً بالتأكيد في ادائه خلال المناظرة quot;ليس هذا ما نقوم به. ليس هذا ما اقوم به كرئيس، ولا كقائد اعلىquot;. وسعى رومني عندها لاستعادة المبادرة فاتهم الرئيس بأنه تأخر كثيرًا قبل أن يصف هجوم بنغازي بأنه quot;هجوم ارهابيquot;، لكن أوباما رد وهو يحدق في عيني خصمه مذكرًا بأنه وصفه فعلاً بأنه quot;عمل ارهابيquot; داعيًا رومني للعودة الى نص تصريحاته.

وحين نفى رومني الامر تدخلت الصحافية كاندي كرولي التي كانت تدير المناظرة لتؤكد على أن الرئيس وصفه فعلاً كذلك غداة حصوله في تصريح ادلى به في حديقة الورود بالبيت الابيض. ويؤكد نص التصريح على أن أوباما استخدم حقاً هذا التعبير على الرغم من تأكيد الجمهوريين على أنه نسب الهجوم الى رد فعل على فيلم مسيء للاسلام نشر على موقع يوتيوب.

ووردت ردود فعل على الموضوع قبل انتهاء المناظرة حتى، فاغتنم الديموقراطيون هذا الموقف المربك لرومني للتشكيك فيما اذا كان مؤهلاً لتولي قيادة البلاد في حين انتقد المحافظون كاندي كرولي على مداخلتها quot;غير المنصفةquot; بنظرهم.

وفي مؤشر الى استعادة الرئيس موقفًا هجوميًا استشهد هذه المرة بتصريحات رومني المثيرة للجدل بشأن quot;47% من الاميركيين يعتقدون أنهم ضحايا ولا يدفعون الضرائبquot;، بحسب ما جاء في تسجيل فيديو تم تسريبه عن حفل لجمع التبرعات لحملته الانتخابية.

واتهم أوباما حاكم ماساتشوستس السابق منذ بدء المناظرة بأنه يريد دعم الاكثر ثراء واوضح: quot;يقول الحاكم رومني أن لديه برنامجًا بخمس نقاط، ليس لديه برنامج بخمس نقاط، برنامجه يقتصر على نقطة واحدة: التثبت من أن الاكثر ثراء يمكنهم خوض اللعبة بقوانين مختلفةquot; معتبرًا أن quot;المسألة غير واضحةquot; بالنسبة للطبقة الوسطى.

وتصاعد التوتر اكثر حين تطرق الخصمان الى سياسة الطاقة فاتهم أوباما خصمه بأنه يريد السماح لشركات النفط بـquot;تحديد سياسة الطاقةquot; في الولايات المتحدة. وكان الموقف الاقوى لرومني حين انتقد الاقتصاد في عهد أوباما متهمًا الرئيس بأنه اخفق في خلق وظائف بالسرعة المطلوبة وفي الحد من العجز في الميزانية. وقال إن quot;السياسات التي طبقها (الرئيس) لم تسمح لهذا الاقتصاد بالنهوض كما ينبغيquot;، كما اتهم أوباما في مسألة الديون.

وقال: quot;انتقلنا من دين وطني قدره 10 آلاف مليارات دولار الى دين وطني قدره 16 ألف مليار دولار، واذا اعيد انتخاب الرئيس سوف يصل الدين الوطني الى حوالي 20 الف مليار دولارquot; مضيفًا quot;هذا ما يضعنا على طريق شبيهة بطريق اليونانquot;.

كما احتدم النقاش بشأن الصين حيث اعلن رومني أنه سيتصدى للصين في مسألتي التجارة وتخفيض قيمة عملتها فاتهم أوباما خصمه الجمهوري بالاستثمار في شركات في الصين كانت سباقة الى نقل وظائف الى خارج الولايات المتحدة، وقال له quot;ايها الحاكم، انت آخر من سيعتمد موقفًا متشدداً حيال الصينquot;.

وحين سعى رومني لشن هجوم مضاد سائلاً أوباما إن لم يكن صندوقه التقاعدي يتضمن استثمارات في اقتصادات مثل الصين سخر منه الرئيس قائلاً quot;إنني لا أدقق في صندوق تقاعدي، ليس بحجم صندوق تقاعدك. إنني لا اراجعه باستمرارquot;. وتواجه أوباما ورومني لاكثر من تسعين دقيقة بقليل في جامعة هوفسترا في هامستيد في ولاية نيويورك (شرق) امام مجموعة ضمت 82 ناخبًا لم يحسموا خيارهم بعد، فردا على اسئلة عدد منهم.

وقال هارولد بونيلا (73 عامًا) وهو من انصار أوباما وقد تابع المناظرة على شاشة كبيرة في مسرح ابولو في نيويورك إنه راضٍ على أداء الرئيس وقال لوكالة فرانس برس quot;كان اكثر هجومية منه في المناظرة الاولى لكن من موقع رئاسي ومن دون غرورquot; مضيفًا quot;لقد صد رومنيquot;. وسجل أوباما تراجعًا في استطلاعات الرأي منذ مناظرة دنفر (كولورادو، غرب) في الثالث من تشرين الاول/اكتوبر، بعدما كان متقدمًا على رومني منذ مطلع ايلول/سبتمبر.

وكان التحقيق اليومي الذي يصدره معهد غالوب ويغطي فترة سبعة ايام يمنح رومني الثلاثاء تقدمًا بأربع نقاط على أوباما بين الناخبين المترددين، ما جعل متوسط استطلاعات الرأي الوطنية الذي يصدره موقع ريل كلير بوليتيكس يميل بشكل طفيف لصالح المرشح الجمهوري.

وما زال أوباما متقدماً في عدد من الولايات الأساسية التي ستحسم نتيجة الانتخابات ولكان فشله في مناظرة هامستيد شكل نكسة يصعب تخطيها. ويتواجه المرشحان في مناظرة ثالثة وأخيرة الاثنين في فلوريدا (جنوب شرق). ويستأنف أوباما ورومني الاربعاء حملتهما الانتخابية فيتوجه الاول الى ايوا (وسط) واوهايو (شمال) فيما يزور الثاني فرجينيا (شرق).