في ظل نأي لبناني رسمي بالنفس عمّا يحصل في سوريا، تحول قميص عثمان حكومي مهلهل وممزق، بقيت التورطات اللبنانية في الأزمة السورية نجم الصحافة اللبناني، تطغى على كل الملفات الداخلية الضاغطة، من معيشية واقتصادية واجتماعية. فالصحف اللبنانية استمرت اليوم في تراشق اتهامات مساعدة هذا الطرف أو ذاك على الحلبة السورية المستباحة من الجميع.


بيروت: فيما نقلت صحيفة المستقبل خبر قصف حزب الله لمنطقة الزبداني من مرابض مدفيعة منصوبة في منطقة الهرمل اللبنانية، وتعرض منطقة حكر جنين في وادي خالد لقذائف وطلقات رشاشة مصدرها منطقة ضهر الدبوسة في سوريا، تولت صحيفة الأخبار، الموالية لحزب الله، قيادة الهجوم على النائب سعد الحريري، والنائب في كتلة المستقبل عقاب صقر، من زاوية quot;تورطquot; صقر في تسليح الثوار السوريين، ولعب دور في دعم الثورة السورية ماليًا ولوجستيًا، خصوصًا بعدما اعترف الحريري بهذا الدور، مؤكدًا في المقابل أن تورط حزب الله quot;إلى جانب منظومة القتل في سوريا معروف، وأي شيء لم يعد ينفع لتغطية الجريمة الموصوفة، التي يرتكبها بحق لبنان قبل سوريا، خصوصًا أنه يعلم تمام العلم أن أيام حليفه في دمشق باتت معدودةquot;.

نساعد الضحايا

نقلت صحيفة المستقبل عن الحريري إعلانه quot;أن النائب عقاب صقر مكلف منه بمتابعة الوضع في سوريا والتنسيق مع القوى السياسية السورية المعارضة في كل ما يتعلق بدعم تيار المستقبل الإعلامي والسياسي للشعب السوري في مواجهة آلة القتل التي يديرها النظام السوري المجرم وحلفاؤه الإقليميون، وبوجه خاص، في تأمين ما أمكن من مساعدات إنسانية للضحايا من جرحى ومشردين وأيتام، وما أكثرهمquot;، لافتًا إلى أن صقر وبحكم اتصالاته هذه، مكلف بكل مساعدة إنسانية يتطلبها أي لبناني في سوريا، وعلى رأسها، المساهمة إلى جانب السلطات التركية في الجهود لتأمين إطلاق سراح اللبنانيين المحتجزين هناك، إضافة إلى عدد من الحالات المعروفة وغير المعروفة التي تعرض لها بعض الصحافيين خلال ادائهم واجبهم المهنيquot;.
وأكد الحريري في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي نقلته المستقبل، أن اللبنانيين، شيعة وسنة ومسيحيين، يعرفون تمامًا، ومن أفواه قيادات حزب الله، ما هي طبيعة تورطه في ما يزعم أنه واجب جهادي إلى جانب منظومة القتل والبطش والقمع والقهر المتحكمة بالشعب السوري.
وختم البيان قائلًا :quot; أما الحكم على الحكومة اللبنانية النائية بنفسها عن دماء الشعب السوري، بعدما شكلها واستحكم بمفاصل قرارها حزب الله، لتتمسك بواجب النأي بالنفس بينما يتمسك حزب الله بواجب الجهاد ضد الشعب السوري، فهو حكم متروك للشعب اللبناني، وإن غدا لناظره قريبquot;.

حمائم الحريري

وفي مقال في صحيفة الأخبار، وتحت عنوان quot;حمائم سعد الحريري في الثورة السوريةquot;، كتب رضوان مرتضى أن النائب الحريري quot;أحسّ بجرح كرامته. لم يستطع أن يحتمل التعرّض لصديقه عقاب صقر. لم يستطع أن يزيد من جرح كبريائه بالصمت، فمضى عازمًا على المواجهة. ومن دون تلعثم وارتباك المجانب للحقيقة قالها: عقاب صقر يساعد إنسانيًا. فكانت نكتة الموسم.quot;
ومضى مرتضى في مقالته ساردًا: quot;أبو سعد غالٍ على سعد. أكرَم الأول الثاني بتسمية ابنه على اسمه، عرفانًا بجميل. فودّ الثاني ردّ الجميل بالجميل أو بأحسن منه. وربما أراد أن يُجزل له في العطاء علّه يسمي الابن الثاني على اسمه أيضًا. هكذا كانت، فخرج البيان الإعلامي لمكتب الرئيس سعد الحريري يُلمّع صورة الصديق النائب عقاب صقر، ولسان حاله يشدّ من أزره مشجّعًا بأن لا تخف أنا بجانبك. لا يوجد تفسيرٌ منطقي آخر، لا سيما أنه يُتوقّع أن تكون مفاجأة المساعدات الإنسانية قد أصابت النائب صقر نفسه. وربما كادت تدفعه ليُصدّق أنه تحوّل بين ليلة وضحاها من قائد ثورة مسلحة إلى حمامة سلامquot;.

المال للسلاح فقط

وقال مرتضى في الاخبار إن quot;الحريري فاته أنّ صديقه الذي يُعدّ تاجر السلاح الأوّل في سوريا، يمتنع عن دفع الأموال لجرحى المعارضة السورية وفق قاعدة أنّ هذا المال لشراء السلاح، اقصدوا الجمعيات الإنسانيةquot;، علمًا أن في حوزة مصادر في المعارضة السورية تسجيلات بالصوت والصورة، توثّق شهادات مقاتلين يأخذون مال السلاح من النائب صقر، وحين سأله أحدهم تكاليف عملية جراحية، أجابه بأن يقصد إحدى الجمعيات الإنسانية.
وأضاف مرتضى: quot;صقر لم يكذب، فهو ليس جمعية خيرية، إنّما مُكلّف من الرئيس الحريري. وربما تسارع الأحداث وبياض قلب الحريري، دفعاه إلى الاعتقاد بأنّ رشاش الكلاشينكوف ورصاصة القنّاص يدخلان في إطار المساعدات الإنسانية. أما التنسيق السياسي مع المعارضين، فربما قصد به أعمال الخطف والتصفيات التي تُنفّذها كتائب مقاتلة مموّلة منه، أطلقت اثنتان منها اسمه واسم أبيه على نفسها (كتيبة سعد الحريري وكتيبة رفيق الحريري) طمعًا بالإكراميةquot;.
ويأتي كل هذا الرد من الأخبار في سياق متواصل منذ فترة، تحديدًا منذ تشييع مقاتلين في حزب الله، لقوا حتفهم في سوريا، أثناء قتالهم إلى جانب القوات النظامية.

مطبخ ضيق

ويستمر توظيف الأزمة السورية في الصراعات الداخلية اللبنانية، خصوصًا في الجانب الإعلامي. وتدخل صحيفة الجمهورية على هذا المحور، بكشفها في عددها الصادر اليوم معلومات خاصة بها، استقتها من مصادر دبلوماسية عربية مطلعة، تؤكد أن قيادة حزب الله اتخذت قرارًا بتعويم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في وجه تيار المستقبل، في مقاربة استراتيجية للانتخابات النيابية المقبلة، من خلال استخدام التناقض السوري لضمان خرق الرئيس نجيب ميقاتي في الانتخابات المقبلة في طرابلس، وإن منفردًا، أي لائحة يشكلها المستقبل.
وبحسب الجمهورية، تنطلق المقاربة من قرار نهائي اتخذه أمين عام حزب الله، السيد حسن نصرالله، برفض عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة، أيًا تكن نتائج الانتخابات المقبلة، فكلف المتابعة مطبخ ضيق عماده معاون أمين عام لحزب الله حسين خليل ومجموعة قيادية في الحزب.

نام في سرير الأسد

وبحسب معلومات الجمهورية، تظهر الاستطلاعات أن ضعف ميقاتي يكمن في التصاقه بالنظام السوري خلافا لتوجهات السنّة، لذا اقترح حزب الله تحضير حملة إعلامية واسعة ضد الحريري في الشارع السني والطرابلسي تحديدًا، quot;تقوم على إظهار فكرة أن الحريري نام في سرير بشار الأسد في العام 2010، بينما لم يقم ميقاتي بزيارة واحدة لدمشق منذ تكليفه تشكيل الحكومة، بل منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريريquot;. ولهذا يجري العمل على طباعة ملصقات تحمل صورة الحريري مع الاسد لاستغلالها في الحملة عليه.
كما اقترح حزب الله مساعدة ميقاتي في خرق الحظر العربي عليه عبر السماح له بمناورة إظهار نفسه الوجه الآخر للحريري، والقول إنه والحريري quot;يمثلان المبادئ نفسها بأساليب مختلفةquot; مع التركيز على عرب الخليج، وأن يتجنب أي انتقاد للحريري، بل بتقديم نفسه على انه وجه تكتيكي آخر للخط نفسه، يجب على العرب دعمه بقدر دعمهم للحريري، quot;تمامًا كما ان ايران توزع الادوار في لبنان بين لاعبين عدة من الطائفة الشيعيةquot;، لأن دعم الخيار العروبي السني في مواجهة المد الايراني اكبر بكثير من مجرد اشخاص.
وتروي الجمهورية quot;أن ميقاتي طبق فكرة استدراج القطريين لدعمه من الباب الاستثماري تحديدًا، عبر عرض مشروع إعادة تأهيل مصفاة طرابلس وتشغيلها عليهم، غير أنه اشترط ضمان موافقة حزب الله بأن الاستثمار القطري لن يتعرض لأي تهديد من باب ابتزاز قطر لتغيير موقفها من الثورة السورية، فكان له ما أرادquot;.