القاهرة: قال خبراء سياسيون إن مصر فقدت السيطرة على شبه جزيرة سيناء في ظل الأوضاع التي تشهدها تلك المساحة الحدودية مع إسرائيل، والتي تقع في شرق البلاد، وتحتل تقريبًا سدس مساحة مصر.

وأرجع خبراء مصريون، استطلعت وكالة الأناضول للأنباء آراءهم، ذلك إلى 3 عوامل مشتركة، في مقدمتها اتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل عام 1979، وسياسات النظام السابق في تعامله مع سيناء، إضافة إلى جعل عصا الأمن هي اليد الطولي في التعامل مع تلك المنطقة الحساسة.

وضعفت القبضة الأمنية على سيناء منذ اندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، حيث شهدت العديد من الحوادث الأمنية أبرزها الهجوم الذي استهدف قوات من الجيش والشرطة في رفح في أغسطس/ آب الماضي، والذي راح ضحيته 16 جنديًا، وآخر تلك الأحداث مقتل 3 شرطيين على يد مسلحين مجهولين ظهر السبت الماضي، إضافة إلى تفجير خط أنابيب الغاز الموصلة لإسرائيل والأردن، والذي يمر في سيناء أكثر من 15 مرة منذ اندلاع الثورة.

الدكتور سعد أبو عامود أستاذ العلوم السياسية في جامعة حلوان، قال إن مصر لم تستطع أن تحكم السيطرة على سيناء بسبب أسباب عدة، في مقدمتها اتفاقية السلام المبرمة بين مصر وإسرائيل، والتي قيدت التواجد المصري بشكل أو بآخر داخل المناطق الساخنة في سيناء.

الأمر الثاني بحسب تصريحات أبو عامود لمراسلة وكالة الأناضول للأنباء، يتمثل في فشل كل محاولات التنمية في سيناء، مشيرًا إلى أنه بعد استعادة مدينة طابا من إسرائيل في منتصف الثمانيات، قام عدد من الخبراء بإعداد دراسات مفصلة عن تنمية سيناء وكذلك تطوير إقليم قناة السويس، خاصة أن مصر تخسر سنويًا ما يقرب من 40 مليار جنية لعدم تطوير تلك المنطقة.

وقال أبو عامود، الذي شارك في عداد مشروع تنمية سيناء في أول الثمانيات، إن المشروع كان معدًا، إلا أن quot;التنمية في تلك المنطقة تمثل قلقًا لإسرائيل، وهذا كان أحد أسباب اندلاع حرب 1967 التي احتلت على إثرها إسرائيل سيناءquot;.

وأضاف أنه تم الإعداد لإنشاء محطة تليفزيونية وإذاعة لسيناء، ولكن سرعان ما تم تجميد المشروع، وحدث انكسار في عملية التنمية في تلك المنطقة في عهد النظام السابق.

ولفت أستاذ العلوم السياسية في جامعة حلوان إلى أنه بعد عام 1995 زاد إهمال النظام السابق لسيناء بفضل مجموعة رجال الأعمال المصريين المنتفعين من إسرائيل، مشيرًا إلى أن quot;النظام السابق تجاهل المتغيرات العالمية الجديدة والمجتمعات المعاصرة وتحديد معنى الولاء والانتماء، فالدولة لم تنجح في إدارة شؤون البشر، وجعلت من عصا الأمن سبيلاً للتعامل مع أهل سيناءquot;.

أبو عامود اعتبر أن الفترة الانتقالية التي تولاها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والتي أعقبت تنحّي الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير/شباط 2011 حتى 30 يونيو/حزيران 2012، ساهمت في تفاقم الأزمة نتيجة الضغوط السياسية وعدم خبرة القوات المسلحة بالسياسة.

ورأى أبو عامود أن السبيل لحل الأزمة واستعادة هيبة الدولة هو تمكين القوات المسلحة من فرض السيطرة على المنطقة وتعديل اتفاقية السلام بما يسمح بذلك، محذرًا من أن quot;عدم التعامل السريع مع الأمر ربما ينقله إلى مناطق حدودية أخرىquot;.

من جانبه، قال عماد جاد المتخصص في شؤون الإسرائيليات في مركز الأهرام للدراسات السياسية لمراسلة الأناضول إن quot;ما يحدث في سيناء يمسّ هيبة الدولة، خاصة أن أسبابه متراكمة منذ اتفاقية السلام، عدم تنمية سيناء وتجاهل النظام السابق تلك المنطقة برمتها وزاد من تفاقم الأمر سوء إدارة المرحلة الانتقالية ثم الإفراج عن عدد من قيادات الجهاد منذ فترة ساعد مع توافر السلاح والمعدات الثقيلة المهربة من ليبيا على القيام بعمليات إرهابيةquot;.

وشدد جاد على ضرورة فرض هيبة الدولة بالقوة، مطالبًا بتعديل اتفاقية السلام كسبيل لحل الأزمة التي قد تمدد لعدد من المناطق الحدودية، على حد قوله.

اختلف معه عبد الفتاح ماضي الخبير السياسي في جامعة الإسكندرية، الذي رأى أن حل الأزمة في سيناء يكمن في بناء مؤسسات الدولة وأن يكون حلا سياسيا.

وقال ماضي في تصريحات لمراسلة الأناضول إن النظام السابق تجاهل سيناء من الجانبين الاقتصادي والأمني بخلاف ما فرضته اتفاقية السلام من قيود على الجانب المصري.

وحمل ماضي المجلس العسكري والقوي السياسية سوء الأوضاع في سيناء، موضحًا أن quot;حالة التناحر التي شهدتها المرحلة الانتقالية وعدم قيام المجلس العسكري بإعادة بناء الدولة كان سببا في تدهور الأوضاع في سيناء، خاصة مع تزايد الانفلات الأمني في مصر بشكل عامquot;.

وأضاف أن quot;حل الأزمة التي بدأت تتطاير شرارتها لمناطق حدودية يكمن في الحل السياسي، بمعنى أن يتم بناء مؤسسات الدولة سريعا والانتهاء من الدستورquot;، لافتا إلى أنه quot;عند استقرار الأوضاع وانطلاق سياسية خارجية واضحة لمصر يمكن بعدها المطالبة بتعديل اتفاقية السلامquot;.