كثف الأردن دعمه للمعارضة السورية بشقيها السياسي والمسلح، وبدأ يسمح بتدفق بعض الأسلحة الخفيفة عبر الحدود، كما افاد مقاتلون سوريون ومسؤول عربي مطلع.
لندن: قال مقاتلون سوريون إن عدة شحنات من الأسلحة بينها بنادق اقتحام وقذائف مضادة للدبابات روسية الصنع وذخيرة، نُقلت إلى الحدود بعربات عسكرية أردنية عبر الحدود، وتولت كتائب المعارضة المسلحة إدخالها إلى سوريا من هناك. وهُربت عشرات الشحنات الأخرى إلى سوريا بدعم خفي من مسؤولي حرس الحدود الأردني، بحسب المقاتلين. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مقاتلين يتمركزون على الحدود السورية ـ الأردنية ومصدر يشارك في إيصال السلاح للمقاتلين، أن قطر تسدد أثمان هذه الأسلحة وتتولى نقلها إلى الأردن.
وينفي الأردن مساعدة المقاتلين السوريين عسكرياً سواء بنقل أسلحة إليهم أو السماح لهم بالتحرك عبر الحدود.
ويقول مقاتلون وأشخاص يساعدونهم في الحصول على الأسلحة، إن القناة الجديدة لإيصال السلاح، التي تعتبر تطورا لم تلتفت اليه وسائل الاعلام من قبل، ليست واسعة بما فيه الكفاية لتغيير ميزان القوى لصالح المعارضة المسلحة. وان طيران النظام الحربي ووحداته الآلية ما زالت تتفوق على تشكيلات المعارضة ذات التسليح الخفيف.
ولكن مراقبين يرون أن خطوط الإمداد الجديدة تبين انخراط دول في المنطقة في إسناد الانتفاضة ضد نظام الرئيس بشار الأسد، بدعم ضمني من الغرب رغم ما تواجهه هذه الدول من مخاطر امتداد تداعيات النزاع اليها. ويأتي هذا التطور في وقت أشارت هذه الأطراف الدولية إلى ما تعتبره عناصر جديرة بالثقة في صفوف المعارضة، على خلفية مخاوفها من تنامي نفوذ الفصائل الاسلامية وتهديد الاستقرار الاقليمي إذا تحول النزاع إلى حرب أهلية مديدة.
وللأردن نصيب وافر من هذه المخاوف. فهو يشترك بحدود طويلة مع سوريا التي توفر جسرا لتجارته مع تركيا واوروبا. كما يشهد الأردن في الداخل حراكا شعبيا بقيادة معارضة سياسية إسلامية تشكل تحديا لحكم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أحد أوثق حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
واستعرض ستة قادة ميدانيين وسياسيين معارضين اثنان منهم يشاركان في الحصول على السلاح أو نقله إلى سوريا، دور الأردن المتنامي في عمليات المقاتلين السوريين. وقال عدد منهم لصحيفة وول ستريت جورنال انهم التقوا مسؤولين اردنيين فيما أكد مسؤول عربي غير أردني ما قاله الستة عن دور المملكة.
وكان الملك عبد الله أعلن دعمه لتقديم مساعدات إنسانية إلى السوريين النازحين هربا من القتال. ويتوزع عشرات آلاف اللاجئين السوريين على مدن وبلدات أردنية مثل الرمثة وإربد والمفرق والعاصمة عمان. ودخل نحو ألف لاجئ الأراضي الأردنية في الساعات الأربع والعشرين المنتهية يوم الجمعة، بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة التي قالت ان 9000 آخرين فروا خلال الفترة نفسها إلى تركيا و1000 إلى لبنان.
ونفى وزير الاعلام الأردني سميح المعايطة أي تسهيلات تقدمها الحكومة أو الجيش الأردني إلى المقاتلين السوريين أو حدوث تغير في علاقة الأردن بالمعارضين السوريين الذين تستضيفهم المملكة.
وقال المعاطية في حديث صحافي إن الأزمة السورية تؤثر في كل بلدان المنطقة، وإن لدى الأردن quot;مخاوفه السياسية والأردنية ولهذا السبب نحن نسعى إلى إيجاد حل سياسي لحماية المصالح الأردنية وانقاذ سوريا من الأزمةquot;.
ولكن الأردن قام منذ ربيع هذا العام بدور متزايد في أنشطة المعارضة العسكرية والاستخباراتية، كما أفادت مصادر مطلعة على الوضع. ففي حزيران (يونيو) كانت العاصمة الأردنية المحطة الأولى التي توقف فيها العميد مناف طلاس، صديق الأسد الشخصي، عندما انشق في ذلك الشهر. وفي آب (اغسطس) هرب رئيس الوزراء وقتذاك رياض حجاب إلى الأردن بعد انشقاقه عن النظام.
كما اقام الأردن علاقات مع قادة عسكريين علمانيين في المعارضة المسلحة التي تنشط في المدن السورية الجنوبية المتاخمة للحدود الأردنية في اطار تحرك قال مسؤولون اميركيون وعرب إنه يهدف إلى تحجيم تيار اسلامي متصاعد في صفوف المعارضة السورية المسلحة. وقدم مسؤولون أميركيون واردنيون خبراتهم في مكافحة الارهاب لتشخيص العناصر المرتبطة بتنظيم القاعدة بين فصائل المعارضة، كما يقول مسؤولون في المنطقة.
وأضاف المسؤولون أن هذا هو الدافع وراء تحركهم لإيصال المال والسلاح إلى عسكريين سوريين منشقين يتمتعون بتزكية من الأردن وحلفائه الغربيين.
وعلق عضو قيادي في المجلس الوطني السوري على ذلك موضحا quot;لا أقول إن هناك قائمة سوداء ولكن هناك بكل تأكيد قائمة بيضاءquot; في اشارة إلى فصائل سورية مسلحة لا يعترض الأردن وحلفاؤه الغربيون على دعمها.
ويستضيف مسؤولون في المخابرات الأردنية بانتظام لقاءات مع هؤلاء القادة العسكريين من الجيش السوري الحر، الذين يقدمون لهم ما يسهل حركتهم بين الأردن وسوريا ويبحثون معهم قضايا الاستراتيجية العسكرية، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن مصادر مطلعة على هذه الاجتماعات. وأضافت هذه المصادر أن الأردن يسمح ايضا لمسؤولين من الاستخبارات الأميركية بمقابلة عسكريين سوريين منشقين واقامة اتصالات معهم.
وكان النزاع السوري الذي بدأ منذ أواخر الصيف، يسهم في تفاقم أزمة الأردن الاقتصادية العميقة أصلا. فإن خطوط الجبهة الثابتة حول مدينة حلب قطعت طرق التجارة الأردنية مع اسواق مهمة في تركيا واوروبا، وأدى هذا إلى زيادة العجز في الميزانية وتعاظم الأعباء المالية الناجمة عن استضافة اعداد متنامية من اللاجئين السوريين.
وفي هذه الفترة بالذات بدأت المملكة تخفف القيود على تقديم مساعدات عسكرية للمقاتلين السوريين ، بحسب مصدر مطلع على القرار السياسي.
وتلقى المسؤولون الأردنيون quot;ضمانات بالمساعدة الاقتصادية والأمنية، وأن يكون هناك تحرك عربي حاسم لدعم الأردن إذا هددت سوريا أمنه تهديدا جديا أو الرد عليها بشكل من الأشكالquot;، كما أفادت صحيفة وول ستريت نقلا عن مصدر مشارك في المفاوضات مع بلدان في المنطقة بشأن امداد المقاتلين السوريين بالسلاح.
وترتبط الآن الفصائل السورية التي تتلقى السلاح من الحدود الأردنية بالمجالس العسكرية التي نالت تزكية واشنطن وغيرها ، بحسب اشخاص مشاركين في هذه العمليات.
وتذهب بعض الأسلحة الخفيفة التي تدخل سوريا عن طريق الأردن إلى مدينة درعا مهد الانتفاضة في جنوب سوريا. ولكن غالبية الأسلحة تُنقل شمالا إلى ريف دمشق في ما قد تكون تحضيرات لشن هجوم على العاصمة، بحسب قياديين في المعارضة المسلحة.
وقال مقاتلون إن درعا ما زالت واحدا من خطوط الامداد الأخيرة للمقاتلين في العاصمة مشيرين إلى خطورة الممرات التي تبدأ من الحدود التركية والممرات الموجودة في محيط مدينة حمص. وأكد المقاتلون ان قوات النظام عززت وجودها في درعا خلال الاسابيع الأخيرة فيما أبدى العديد من المقاتلين ترددا في الحديث عن فتح طريق الامداد الجديد الذي يعتبرونه بالغ الأهمية.
وقال مقاتل من محافظة درعا خلال زيارة قام بها إلى اقارب نازحين في عمان quot;انهم يعرفون ان سقوط دمشق يمر بدرعاquot;.
التعليقات