استقال الجنرال دافيد بيتريوس على خلفية اعترافه بتورطه في علاقة عاطفية خارج نطاق الزواج، منهيًا فترة عمل وجيزة في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية quot;سي آي إيهquot;، ما أثار صدمة في أروقة السياسة وتساؤلات في وسائل الإعلام.
القاهرة: تم الكشف عن تفاصيل تلك العلاقة من خلال تحقيق كان يجريه مكتب التحقيقات الفيدرالي quot;إف بي آيquot; بخصوص اختراق أمني محتمل لرسائل البريد الإلكتروني الخاصة ببيتريوس، طبقاً لما نقلته في هذا السياق صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن مسؤولي إنفاذ قانون فيدراليين ومسؤول استخباراتي كبير سابقاً.
وهو التحقيق الذي أماط النقاب عن وجود رسائل تصف العلاقة التي تجمع بين بيتريوس وبولا برودويل، الضابطة السابقة في الجيش والمؤلفة المشاركة في إعداد سيرة ذاتية خاصة ببيتريوس، وفقاً لما أكده اثنان من مسؤولي إنفاذ القانون المطلعين.
وقد توصل المحققون أثناء مباشرة مهام عملهم لتلك العلاقة إلى جانب أمور أخرى ذات طبيعة أمنية. وقال أحد مسؤولي إدارة أوباما إن بيتريوس التقى الرئيس أول أمس الخميس، وأخبره بأنه يعتزم التقدم باستقالته بسبب تلك العلاقة التي تم الكشف عنها، وأن باراك أوباما قد اتخذ قراره في الأخير أن يقبل الاستقالة يوم أمس الجمعة.
وقال بيتريوس في بيان تم توزيعه على قوة عمل السي آي إيه أمس quot;بعد زواج لمدة زادت عن 37 عاماً، أظهرت سوء تقدير كبير بدخولي في علاقة غير شرعية. ومثل هذه السلوكيات غير مقبولة، كزوج وكقائد لوكالة كوكالتنا. وقد قبل الرئيس استقالتيquot;.
وقد حدد مسؤولو الكونغرس والإدارة الأميركية تلك السيدة، وقالوا إنها تدعى بولا برودويل، لكن لم يتسنى الوصول إليها من أجل الحصول منها على تعليق بهذا الخصوص.
وأفادت النيويورك تايمز في هذا الصدد بأن برودويل، المتخرجة من الأكاديمية العسكرية في ويست بوينت، 15 عاماً في الأكاديمية، بحسب ما ورد في سيرتها على موقعها. وسبق لها أن قضت فترات طويلة مع بيتريوس في أفغانستان، وسبق أن أجرت معه مقابلات من أجل إعداد كتابها، الذي اكتمل بعد مشروع بحث دام على مدار عامين لأطروحة الدكتوراه الخاصة بها، والذي قامت بالترويج له بصورة كبيرة. وسبق لبرودويل، وهي سيدة متزوجة، ولديها طفلان، أن وصفت بيتريوس بـ quot;ناصحهاquot;.
وقد قال أعضاء كبار في الكونغرس إنهم علموا بخبر استقالة بيتريوس من جانب مسؤولين استخباراتيين قبل أن تعلنه السي آي إيه بحوالى ست ساعات. وقال أحد مسؤولي الكونغرس إنه قد تم الكشف عن تلك العلاقة من خلال تحقيق كان يجريه الإف بي آي في موضوع ما، وإنه توصل إلى المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع مصادفةً.
وأضاف مسؤولون في الكونغرس إن مكتب التحقيقات الفيدرالي لم يخبر لجنتي الاستخبارات في مجلسي النواب والشيوخ بشأن هذا التحقيق حتى الأسبوع الجاري، ونوّه أحد المسؤولين بأن لجنة مجلس الشيوخ ستسعى إلى معرفة سبب عدم إخبارها.
وأشارت النيويورك تايمز إلى أن الكشف عن وجود تحقيق سري خاص بأبرز شخصية استخباراتية في البلاد جاء ليثير تساؤلات ملحّة عن فترة الـ 14 شهراً التي قضاها بيتريوس في رئاسة السي آي إيه، والقرار الذي اتخذه أوباما لترقيته كي يكون مديراً للوكالة، بعد الجهود التي بذلها في الحرب التي خاضتها أميركا في أفغانستان.
واعتبرت الصحيفة استقالة بيتريوس، لهذا السبب، بمثابة السقوط الكبير لواحد من أبرز الشخصيات التي عملت في الأجهزة الاستخباراتية والعسكرية الأميركية خلال الآونة الأخيرة، وهو القائد الذي ساهم بجهوده في الأنشطة الحربية التي قادتها بلاده في العقد الذي تلا هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، وكذلك دوره في العراق.
وكشف أحد مسؤولي الإدارة أنه quot;بمجرد علم أوباما بالموضوع، سيطرت عليه حالة من الإحباط والدهشة، فلكم يكن يتوقع أن يسمع خبرًا كهذا بعدما أعيد انتخابه رئيساًquot;.
وتابع هذا المسؤول quot;لم يقبل أوباما الاستقالة على الفور. بل أخبره بأنه سينظرها حتى صباح اليوم التالي. وقد فوجئ أوباما بالأمر لأن ما حدث كان آخر شيء يتوقعهquot;.
إلى ذلك، رفض بول بريسون، ناطق باسم الإف بي آي، أن يعلق على ذلك الأمر. ولم يتسنى الوصول إلى برودويل من أجل الحصول على تعليق أو توضيح. كما رفض ناطق باسم السي آي إيه الإجابة عن تساؤلات خاصة بتوقيت العلاقة أو الملابسات التي أحاطت بالقرار الذي اتخذه بيتريوس لكي يفصح فيه عن الأمر للبيت الأبيض.
ولفت مسؤولون عسكريون أميركيون سابقون وحاليون إلى أن شبهات الخيانة تطارد بيتريوس منذ سنوات عدة. فيما أكدت واشنطن بوست من جانبها على أن الرحيل المفاجئ لبيتريوس كان قد تسبب في حدوث حالة من الاضطراب داخل طاقم الأمن القومي التابع للإدارة قبل أيام قليلة من بدء انتخابات الرئاسة الأميركية.
وبينما كان يتوقع أن تطرأ سلسلة من التغييرات على الطاقم، فإن كثيرين كان يرون أن بيتريوس سيظل باقياً كما هو في مكانه، ولن يرحل من منصبه في السي آي إيه.
ورغم المحاولات التي بذلها البيت الأبيض لإخفاء الموضوع لبعض الوقت، إلا أنه لم يتمكن من ذلك، بعدما بادرت مختلف وسائل الإعلام، وفي مقدمتها شبكة تلفزيون quot;إم إس إن بي سيquot;، بنشر المزيد من التفاصيل عن تلك الفضيحة.
وفي البيان المقتضب، الذي أصدره أوباما يوم أمس بهذا الخصوص، قال إن مايكل موريل، نائب مدير الوكالة، هو من سيتولى المسؤولية مرة أخرى، باعتباره قائماً بأعمال المدير، على غرار ما فعله لفترة وجيزة خلال العام الماضي بعد رحيل ليون بانيتا.
التعليقات