أبلغ مسؤول عراقي إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه لم تعد لدى العراق مسوّغات قانونية لاحتجاز علي دقدوق، القيادي في حزب الله المتهم بالضلوع في قتل جنود أميركيين في العراق، وتخشى الولايات المتحدة أن يفرج عنه العراقيون قريبًا.


إعداد عبد الاله مجيد: قال المسؤولون الاميركيون إن تعليمات صدرت الى السفير الاميركي في بغداد روبرت بيكروفت بأن يطلب لقاء رئيس الوزراء نوري المالكي لحثه على إبقاء القيادي في حزب الله علي موسى دقدوق في السجن.

ولكنّ المسؤولين الاميركيين يخشون في الوقت نفسه ألا تكون مساعيهم في هذا الاتجاه مجدية، وأبلغوا قادة الكونغرس أخيرًا بأن من الجائز أن يُفرج عن دقدوق في وقت قريب.

وكان دقدوق، الذي اعتقلته القوات البريطانية في البصرة عام 2007، آخر سجين سلمته القوات الاميركية الى العراقيين قبل رحيلها في كانون الأول/ ديسمبر 2011.

واتهمت السلطات العسكرية الاميركية دقدوق بالعمل مع فيلق القدس الإيراني لتدريب مسلحين شيعة في العراق خلال الحرب. ومن أخطر الاتهامات الموجّهة الى دقدوق دوره في تدبير هجوم في كربلاء في كانون الثاني/يناير عام 2007 أسفر عن مقتل خمسة جنود أميركيين.

تتسم قضية دقدوق بحساسية سياسية للبيت الأبيض، ليس بسبب الاتهامات الموجّهة اليه فحسب، وانما لأسباب تتعلق بالتوقيت ايضا. وكان مسؤولون عراقيون اشاروا في حينه الى انهم سيحاولون تهدئة الاميركيين بتأجيل الإفراج عن دقدوق الى ما بعد الانتخابات الاميركية، ولكن المسؤولين الاميركيين شدّدوا مرارًا على أنهم لا يريدون أن يروا دقدوق طليقًا بالمرة.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية طلب عدم ذكر اسمه quot;ان الولايات المتحدة ما زالت تعتقد ان دقدوق يجب ان يُحاسب على جرائمهquot;. ورفضت متحدثة باسم مجلس الأمن القومي الاميركي التعليق على القضية.

وكان دقدوق الذي انتمى الى حزب الله اللبناني منذ عام 1983 مسؤول حماية الأمين العام للحزب حسن نصر الله، وعمل في وحدة العمليات الخارجية التابعة للحزب، وزار مقر فيلق القدس في طهران مرات عدة، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

وأُلقي القبض على دقدوق خلال عملية دهم نفذتها القوات البريطانية في البصرة في 20 آذار/مارس 2007، واسفرت ايضًا عن اعتقال ليث الخزعلي وشقيقه قيس قائدي جماعة عصائب اهل الحق الشيعية المسلحة. وتضمن قرص صلب عثرت عليه القوات المداهمة وثائق عن تخطيط عملية كربلاء وحتى نسخًا مصورة لمحتويات محفظة نقود عائدة لأحد الجنود الاميركيين الذين قُتلوا في الهجوم.

وعندما أُلقي القبض على دقدوق تظاهر في البداية بأنه أصم وأبكم، في محاولة يعتقد الأميركيون ان الهدف منها كان إخفاء لهجته لكي لا يتعرف منها المحققون إلى هويته اللبنانية. ولكنه بدأ يتكلم خلال وجوده في عهدة القوات الاميركية، كما افاد مسؤولون.

بعد تسليم دقدوق الى العراقيين قررت محكمة عراقية عدم وجود أدلة كافية لإبقائه رهن الاعتقال. وطلبت الولايات المتحدة تسليمه لمحاكمته امام محكمة عسكرية اميركية، ولكن العراقيين رفضوا الطلب. وتتضمن لائحة الاتهام التي أعدّها الادعاء العام العسكري أعمال قتل وإرهاب وتجسس من بين جرائم أخرى.

وحث الرئيس اوباما رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على عدم الإفراج عن دقدوق خلال زيارة المالكي للولايات المتحدة في أواخر عام 2011، فيما كانت ايران تضغط على الحكومة العراقية التي تقودها أحزاب شيعية للإفراج عنه. وبذلك أصبحت قضية دقدوق محكًا لعلاقات الحكومة العراقية الحالية بالولايات المتحدة. ويُعتقد ان دقدوق يعيش الآن تحت الاقامة الجبرية في المنطقة الخضراء في بغداد.

وقال الباحث رمزي مارديني من معهد الدراسات الاستراتيجية ـ العراق في بيروت إن قضية دقدوق quot;اختبار رمزي للمالكي ـ هل هو أكثر حرصًا على علاقته مع طهران أم على علاقته مع واشنطنquot;.

ويعتري التوتر علاقات العراق والولايات المتحدة بسبب قضايا أخرى، منها تحليق الطائرات الإيرانية عبر الأجواء العراقية الى سوريا، لنقل معدات عسكرية الى قوات نظام الرئيس بشار الأسد، كما يُعتقد. وأمرت بغداد بعد ضغوط أميركية متواصلة طائرتين إيرانيتين بالهبوط لتفتيشهما، لكنها أعلنت أنها لم تعثر على شحنات ممنوعة.

ولاحظ تقرير أعدّته الأجهزة الاميركية في ربيع هذا العام ان الحكومة العراقية تحسب على ما يبدو ان بمقدورها إبقاء دقدوق رهن الاعتقال فترة كافية لإرضاء الاميركيين، ولكنها ليست طويلة، بحيث تثير غضب الايرانيين وحزب الله. وأُثيرت امكانية الافراج قريبًا عن دقدوق خلال محادثات جرت في الاسبوع الماضي بين احد مستشاري المالكي ومسؤول كبير في ادارة اوباما، كما افادت مصادر رسمية اميركية.

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية ان الولايات المتحدة تواصل العمل بصورة وثيقة مع الحكومة العراقية quot;لاستكشاف اية خيارات قانونية لعلها ما زالت متاحة في هذه القضيةquot;.