يقول القاضي المصري محمد عبد المنعم السحيمي إن القضاة اتخذوا قراراً بالامتناع عن العمل لمدة أسبوع إحتجاجاً على الإعلان الدستوري الجديد الذي أصدره الرئيس مرسي، واصفا النائب العام السابق بأنه حامٍ لفساد مبارك ورجاله.


القاهرة: قال القاضي محمد عبد المنعم السحيمي لـquot;إيلافquot; إن القضاة اتخذوا قراراً بالإمتناع عن العمل لمدة أسبوع، إحتجاجاً على الإعلان الدستوري الجديد الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، ووصف السحيمي النائب العام السابق بأنه حمى فساد مبارك ورجاله.

ولفت إلى أن النائب العام الجديد ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، واعتبر أن قرارات مرسي quot;لا تعدو سوى أن تكون رأياً شخصياًquot;.

وتوقع رفض القضاء إعادة محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك والمتهمين في قضايا قتل المتظاهرين، بسبب مبدأ قانوني هو quot;سابقة الفصل في القضاياquot;.

إعتداء على السلطة القضائية

وفقاً للقاضي محمد السحيمي، فإن الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، لا quot;يعدو كونه رأياَ شخصياً، لأنه غير قابل للتنفيذ، فضلاً عن أنه يمثل إعتداءً على السلطة القضائية في مصر، ويهدر مبدأ الفصل بين السلطاتquot;، وأوضح السحيمي أن مرسي بإصداره قرارًا بتعيين النائب العام الجديد، المستشار طلعت إبراهيم عبد الله، وجعل اختصاص تعيين النائب العام في يد رئيس الجمهورية، يكون قد ارتكب خطأ فادحاً.

وأشار إلى أن مرسي بوصفه رأس السلطة التنفيذية يكون قد اعتدى على السلطة القضائية.

ولفت إلى أنه كان من الأحرى به تعديل قانون السلطة القضائية، وإطلاق العنان لمجلس القضاء الأعلى في تعيين النائب العام الجديد وإقالة القديم، لاسيما أن هذا الأمر اختصاص أصيل من اختصاصات المجلس الأعلى للقضاء.

ونبه إلى أن مرسي قفز فوق قانون السلطة القضائية، وأصدر إعلاناً دستورياً ضمّنه مادة لتبيح لرئيس الجمهورية تعيين النائب العام، وأن تكون مدته أربع سنوات، وهو أمر مخالف لكافة الأعراف القانونية والدساتير في مختلف أنحاء العالم.

فساد النائب العام السابق

وصف السحيمي النائب العام السابق عبد المجيد محمود بأنه غير مستثنى من فساد نظام مبارك، معتبراً أنه حمى فساده هو ورجاله جهازه الأمني.

وعدد ما اعتبره مظاهر فساد، قائلاً إنه quot;كان في عهد الرئيس السابق حسني مبارك يسجن معارضيه، لاسيما أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، ولما قامت الثورة وصارت الجماعة في السلطة، صار يصدر تعليمات بالتحقيق السريع في البلاغات المقدمة ضد معارضيهم، ومنهم على سبيل المثال المرشح السابق لرئيس الجمهورية أحمد شفيقquot;.

وأضاف أن محمود quot;كان يعلق القضايا أو البلاغات المقدمة ضد جهاز أمن الدولة، ولا يحركها، لاسيما قضايا التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن محمود كان يتجاهل تفعيل حق النيابة العامة في التفتيش على أماكن الإحتجاز التابعة لوزارة الداخلية والسجون، ونبه إلى أنه كان يتجاهل كذلك قضايا فساد رموز وكبار نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك، رغم علمه وتأكده من فسادهم، مشيراً إلى أن الدليل على ذلك أنه هو نفسه من حرّك القضايا والبلاغات ضدهم بعد الثورة، وثبت أنهم فاسدون وهم مسجونون حالياً.

وأكد أن النائب السابق لو كان يعمل بشكل جيد ولا سلطان عليه إلا ضميره، ما اندلعت ثورة 25 يناير من الأساس، لأنها قامت ضد الفساد والظلم والتعذيب الذي كان متفشياً في مصر.
وحسب كلام السحيمي فإن النائب العام الجديد المستشار طلعت إبراهيم quot;من الإخوانquot;، وأوضح أنه تم إستدعاؤه من الكويت، من عشرة أيام، حيث كان معاراً هناك، وقال إن رؤوس السلطة القضائية الآن ينتمون إلى الإخوان، فوزير العدل المستشار أحمد مكي والنائب العام الجديد ينتميان إلى الجماعة، لكنه قال إن الإخوان لن يستطيعوا استبدال جميع القضاة بأعضاء من الجماعة.

ورغم ذلك، إلا أن السحيمي يرفض الطريقة التي تم من خلالها تغيير النائب العام، مشدداً على أن تلك الطريقة تعتبر تدخلاً واعتداء على السلطة القضائية، مشيراً إلى أن القضاة قرروا الإمتناع عن العمل لمدة أسبوع، إلى حين quot;عودة مرسي إلى الصواب، وإلغاء الإعلان الدستوريquot;.

رئيسا للإخوان فقط

أضاف السحيمي أن الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي يؤسس لدكتاتورية جديدة، ويجعلها إلهاً، لأنه يعطل السلطة القضائية عن نظر أية دعاوى قضائية ضد قراراته، بل ويشطب القضايا المرفوعة ضد قرارات سابقة.

وقال إن الرئيس محمد مرسي quot;أثبت أنه ليس رئيساً لكل المصريين، بل رئيس لجماعة الإخوان المسلمين فقط، مشيراً إلى أن مرسي حصن الجمعية التأسيسية للدستور ومجلس الشورى ضد الحل وشطب كل الدعاوى القضائية المقامة ضدهما، لأن التيار الإسلامي يسيطر عليهما، ولفت إلى أنه بذلك يحمي الإخوان، ويعمل من أجل مصالحها، وليس من أجل مصالح الوطن كله.

واستنكر السحيمي إصدار الرئيس مرسي إعلانين دستوريين منذ تسلمه السلطة في 30 يونيو/ حزيران الماضي، وقال: إذا كان الرئيس قادرا على إصدار الدستور، لماذا إذن تعمل الجمعية التأسيسية على إعداد دستور جديد؟

وإذا كان قادراً على وضع الدستور، فلماذا إذن يجرى إستفتاء على الدستور الذي يجري إعداده؟

وأضاف أن تعامل الرئيس بهذه الطريقة يجعل من مصر جمهورية مرسي العربية، في حين أنها ليست كذلكquot;. وأشار إلى أن القضاة سوف يتصدون له.

إعادة محاكمة مبارك عبث

وحول رأيه في المادة التي تنص على إعادة محاكمة المتهمين في قضايا قتل المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير، قال السحيمي إن هذه المادة quot;عبثquot;، وأوضح أن قضية قتل المتظاهرين انتهت، ولا مجال لإعادة المحاكمة، لاسيما أنها منظورة الآن أمام محكمة النقض، وأضاف أن تلك القضايا المتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك وآخرين، لن تعاد فيها المحاكمة، بسبب quot;سابقة الفصل فيهاquot;، مشيراً إلى أن القاضي عندما ينظر في تلك القضية، وفي الجلسة الأولى منها سوف يصدر حكماً بعدم الإختصاص في نظرها لـquot;سابقة الفصل فيهاquot;، وهو مبدأ قانوني متعارف عليه دولياً.