سؤال بسيط بحاجة إلى جواب عاجل وهو: هل مصر موجودة في أولويات الرئيس quot;محمد مرسيquot; أم لا ؟.االشواهد تؤكد عكس ذلك ، دماء المصريين تسيل يومياً ، ورد الفعل الرسمي لا يختلف عن عما كان يفعله النظام السابق، وكأن ثورة لم تقم ، ردود فعل مرتبكة لا تخرج عن الأتي: تقديم التعازي لأسر الضحايا، وتشكيل لجنة تحقيق، وإقالة وزير أو مسؤول كبش فداء، تعويضات خمسة الاف جنية للمتوفي، وثلاثة الاف جنيه للمصاب، هذا هو ثمن المواطن المصري بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 ، ما الذي أختلف إذن عما كان يفعله نظام مبارك ، ما ذنب واحد وخمسين طفلاً سفكت دماؤهم تحت عجلات قطار أسيوط القاهرة ، وتقطعت أشلائهم ليشم ذويهم رائحة الموت، وهم يحاولون جمع أعضائهم لتشييعهم إلى مثواهم الأخير ، مصر تدار بنفس سياسية النظام البائد وأصيح نظام ldquo;مباركrdquo; شماعة يعلق عليها الرئيس quot;مرسيquot; وجماعته كل ما يحدث من كوارث.

تبرئة الرئيس quot;محمد مرسىquot;، من المسئولية السياسية عن حادث قطار أطفال أسيوط وغيرها من الكوارث التي حلت بمصر منذ مجيئه إلى الحكم ، يشبه تماما تبرئة من أرتكبوا موقعة quot;الجملquot;، وأحداث محمد محمود ، وماسبيرو وغيرها، لا يشفع لرئيس وزراء مصر quot;هشام قنديلquot; أنه زار موقع الحادث، بل لابد من محاكمته وحكومته ، وتحميلهم مسؤلية حوادث القطارات التي تحدث إسبوعيًا ، وكل حوداث طرق الموت المستمرة في مصر، حادث قطار أسيوط يستغل الان أسوأ استغلال ، تتاجر بها الاحزاب المنشغلة بصراع سياسي على مكاسب هنا وهناك، ويتاجر به المتأسلمون لفرض رؤيتهم على على مصر ، رغم أن دماء هؤلاء الأطفال أغلى من الرئاسة، والحكومة، والأحزاب، والمتاجرين بالدين، الذين يستغلون كل كارثة تحل بهذا الوطن ليُمنوا أنفسهم بعودة مجلس الشعب المنحل، بعد أن تراجعت شعبيتهم، يقولون لو أن مجلس الشعب موجود لسحب الثقة من الحكومة، ألا تستحيون؟ حقا quot;إذا لم تستح فافعل ما شئتquot;، هم يخشون أن يلفظهم البسطاء في الانتخابات المقبلة ، ويقذفون بهم في سلة المهملات، نسوا مهمتهم الأساسية وهي الدعوة إلى الله، وتصارعوا على الدنيا غير مدركين أن هذا اختبار الهي يستدرجهم به المولى عز وجل ، تبين للجميع جهلهم في الدين والسياسة، ومع ذلك يكابرون ، متي يدركون أن مصر أكبر منهم؟ متى يعترفون بفشلهم في إدارة بلد بحجم مصر؟ إن quot;محمد مرسيquot; وquot;هشام قنديلquot; مسؤولان أمام الله والشعب عن أرواح المصريين التي تذهق يومياً.

اذا اراد quot;مرسيquot; ان يتق الله في هذا البلد ، فليغير أولوياته ، ويضع في إعتباره أن ملايين البسطاء من صعيد مصر هم الذين أوصلوه إلى سُدة الحكم ، مشوا ورائه على أمل أن يغير واقعهم التعيس ، شعروا أن هذا الرجل الفلاح أبن قرية العدوة مركز ههيا محافظة الشرقية- والتي لا تختلف كثيرا عن قراهم في أسيوط- سينتشلهم من الفقر، والجهل والمرض، صدقوا شعاراتهم واكتشفوا زيفها بعد حين ، إنتظروا مشروع النهضة ، وتبين لهم أنه وهم ، من يزور الصعيد الأن يجد الفقر المدقع، والإهمال الجسيم ، والتهميش المقيت، القرية التي تركتها منذ أكثر من ثلاثين عاما كما هي لم تتغير ، اي أن واقعهم في عهد النظام السابق هو الواقع ذاته الذي يعيشونه في ظل حكم quot;الإخوانquot; بل إزداد سوءاً ، فليركز quot;مرسيquot; إذا اراد ان يكمل فترته الرئاسية على إصلاح الخراب الذ طال كل شيء ، على ان يعيد للمواطن المصري ثقته في نفسه وفي مصريته، عليه أن يستعين بالخبراء لا الدجالين لحل المشاكل المزمنة، عليه أن يبعد أهل الثقة، والبلهاء الذين يفتقدون لأدنى معايير الكفاءة بشهادة واحد منهم هو الدكتور quot;عبد المنعم أبو الفتوحquot; ، وليأت برئيس وزراء صاحب رؤية وسياسة، ويمنحه فترة زمنية محددة لحل المشاكل العاجلة ، مصر مملؤة بالكفاءات، في الداخل والخارج ، عليه أن يحل جماعة الاخوان ويحولها إلى جمعية تخضع للقانون، عليه أن يخشى الله لا المرشد ، عليه أن يصارح الشعب ويكشف المستور وهو أن quot;هشام قنديلquot; ما هو إلا صورة ، وواجهة لتنفيذ خطط الإخوان بتعليمات المرشد.

الشعب يعرف جيدأ أن رئيس الوزراء الفعلي هو quot;خيرت الشاطرquot; ، يمارس عمله في البيزنس لخدمة الجماعة والتنظيم ، يتنقل من دولة إلى أخرى لجلب الاستثمارات لتزيد فلوس الجماعة ، يعمل لمصلحة الإخوان لا لمصلحة مصر، يسافر إلى الخليج ، وتركيا وغيرها للاتفاق على استثمارات جديدة تخدم مصالح جماعته ، هل مكتوب على مصر أن يحكمها البلهاء، وعديمو الموهبة، والأفاقين، الا يرزقنا الله ويمن علينا بشخصيات من أصحاب الهمم أمثال quot;مهاتير محمدquot; في ماليزيا ، وquot;رجب طيب أردوغانquot; في تركيا ، وquot;لولا دي سلفاquot; في البرازيل ، لماذا لم يصطحب مرسي ضيفه اردوغان ليرى واقع الصعيد؟.

من يسافر إلى الصعيد يجد اهله يعيشون في بؤس وشقاء، أعرف أناس لا يأكلون quot;اللحمquot; الا في عيد الأضحى ، لم يتغير شيء ، من انتخبوا quot;مرسيquot; لم ينتخبوه من أجل الدفاع عن غزة ، بل من أجل تحقيق أهداف الثورة النبيلة في العيش والحرية والعدالة الإجتماعية، واذا لم يستطع ذلك فليصارح الشعب ويرحل ، الشعب لن يسكت طويلا على التدهور الحالي في كل شؤونة ، لقد صبر عدة عقود ، وليعلم الرئيس quot;محمد مرسيquot; أن الثورة في الشارع ، ولن يهدأ الشعب إذا لم يشعر بأن تغييرا حقيقيا حدث.

لن نريد أن ننتظر كوارث أخرى ولنبدأ من اليوم، المشاكل تتفاقم ، والبلد على وشك الإفلاس وquot;مرسيquot; محاصر بأزمات إقتصادية خانقة، وتوتر إجتماعي حاد، والخروج من هذه الأزمات لن يكون بالبحث عن مخرج بدعم حماس ، يجب على مرسي أن ينحاز إلى أهل غزة ، ولا ينحاز إلى حماس المدعومة من إيران وحزب الله ، المخرج الوحيد يكون بالانحياز إلى مشاكل المصريين الذين انتخبوه ، وليس عيبا أن ننكفىء على أنفسنا، ونستفيد من تجارب الأخرين، ونبني أنفسنا، اليابان فعلت ذلك بعد عام 1949 ونجحت في بناء اقتصاد مزدهر معتمدة على العلم، والمعرفة، والإدارة، وأصبحت من أقوى الدول الصناعية وكذلك ماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية وغيرها.

وإذا كان quot;الاعتراف بالخطأ فضيلةquot;، ينبغي أن يعترف quot;مرسيquot; بمسؤوليته عن حادث قطار أسيوط، وقطار الفيوم، وقطار بنها، وقطار إمبابة وغيرها من الكواراث التي حلت بمصر، وأن يصارح الناس بحقيقة الأوضاع في سيناء ويحدثنا عن المسؤول عن قتل جنودنا في رفح ، وحقيقة تمليك أراض للفلسطينيين في شمال سيناء ، لابد من معرفة الحقيقة قبل أن تضيع سيناء من مصر، لابد أن نعرف حقيقة ما يحاك للشعب المصري من جانب صندوق النقد الدولي مقابل القرض المشئوم ، وما إذا كان كان قرار رفع الدعم عن البنزين، أو الغاز، أو الطاقة، في طريقه الى التنفيذ أم لا ، عندما يصارح الرئيس quot;مرسيquot; المواطنين بأن الدولة تتجه الى سياسية quot;التقشفquot;، ويلمس الشعب ذلك في مؤسساته أولا ، فإن المصريين الذين يرضون بأقل القليل مستعدون للصبر سنوات عدة ، شرط أن يتم إستخدام كل الموارد المتاحة في إحداث تنمية صناعية وزراعية وإقتصادية ، تستوعب البطالة وترفع مستويات المعيشة، هذاهو الطريق الوحيد للنجاة من الكوارث والأزمات التي تحل بهذا البلد.
إعلامي مصري